الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الاشاعات في شوارع بغداد

رزاق عبود

2005 / 12 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الاشاعات من اقوى، واخس الاسلحه التي تستخدمها الانظمة، والجماعات الفاشية، والمنظمات المتطرفة. وقد استخدمت في الحروب القديمة، والحديثة لاشاعة الرعب، والخوف في نفوس الخصم. كالحديث عن سلاح فتاك غير معروف، او اسلحة جرثومية، او كيمياوية، او ان العدو يعذب، اويقتل اسراه، او يشويهم احياء، وهكذا. وهناك اشاعات لاشاعة روح الهزيمة، والتخاذل مثل ان قيادة الجيش هربت، او العتاد نفد، او ان مفاوضات تجري للاستسلام، او القطعات محاصرة ولن يصلها أي امداد، وغيرها، وغيرها. وهي اساليب تستخدم حتى في النزاعات المحلية، او الحدودية قديما، وحديثا. وهناك اساليب، وطرق استخدمتها القوى الرجعية، والانظمة الديكتاتورية في العراق ضد معارضيها. فقد اتهمت الشيوعيين مثلا، بانهم عملاء موسكو، او ان البرزاني عميل اسرائيلي، اوهناك مؤامره من سوريا، واطلقت صفة العميل على حزب الدعوة. وهناك اشاعات هدفها اثارة الفرقة، وتشويه سمعة المعارضة، واثارة الاحقاد الطائفية، او العنصرية، و تمزيق الصف الوطني، وتشجيع اقتتال ابناء الشعب الواحد. فبعد ثورة تموز، وتشكيل المقاومة الشعبية كثيرا ما اتهمت المقاومة الشعبيه بالنهب، والسرقة، او السحل، او قتل المواطنين في الشوارع، والساحات، وكان المستهدفين وقتها الشيوعيين العراقين بشكل خاص. الذين اتهموا مثلا بتمزيق القرآن الكريم، او شتم المراجع الدينية الكرام، وغيرها من الادعاءات التي سممت الجو السياسي وقتها. ولازالت اثارها، وبعض محبذيها، ومروجيها يستخدموها حتى الان. وطوروها على مواقع الانترنيت كاصرار خبيث على تحويل كل وسيلة لاغراضهم اللئيمة. اتهمت البيشمر?ة المناضلة بالقيام باعمال سطو مسلح، او مهاجمة القرى، او اغتصاب النساء في حين كان صدام يكلف المرتزقة من الجحوش للقيام بهذه الاعمال لارضاء غريزتهم العدوانية، وتشويه سمعة الثورة التحرريه الكردية، او انصار القوى المسلحة الاخرى. وتحدث المهجرين من الاكراد الفيلية انهم تعرضو لمثل هذا النوع من الاعتداءات عندما القى بهم النظام الصدامي الفاشي على الحدود الايرانية. فمن سلم منهم من حقول الالغام تعرض الى النهب، والسلب، والاعتداءات باسم البيشمر?ة الكردية. ولكن المهجرين كانوا يعرفون الجناة جيدا. واليوم يستخدم السلاح القذر الخسيس مرة اخرى. حيث تقوم عصابات ترتدي زي الحرس الوطني، او الجيش العراقي بالاعتداء، والخطف، والنهب، والسرقه لتشويه سمعة الجيش العراقي الجديد، وربما تكون القوى المندسة في الجيش والحرس، قد هيئت، ودربت لهذا الغرض. يقتلون رجال دين شيعة، او تهاجم جوامع، وحسينيات، او مجالس عزاء، وحتى اعراس، ويعلنون مسؤوليتها لتنظيمات اسلامية سنية، والعكس ايضا. كما تهاجم بيوت العبادة المسيحية، اوالصابئية باسم تنظيمات اسلاميه. وقد هوجم المسيحيون، وتعرضوا للمضايقة لاجبارهم على الرحيل من العراق بعد ثورة تموز، لانهم كانوا فئة متعلمة تضم اشهر الاطباء، والمهندسين، والمحاسبين، والرياضيين، وغيرهم لحرمان الثورة من طاقاتهم. بعد ان شعروا، لاول مرة، ونتيجة لثورة تموز، انهم مواطنين متساوي الحقوق، وهم يتعرضون اليوم لنفس الفعل الاجرامي، ولنفس الاهداف الدنيئة.

في بداية الحرب ضد العراق، والان في المنطقة الغربية، وغيرها من مناطق نشاط الارهابيين وقوى الرده، بعد كل عملية عسكريه، او انفجار، او اطلاق نار يلاحظ هناك من يتقدم، وينبري وبصلافة، وبهدوء، او انفعال مقصود يتحدث، ويقول للصحفيين: "مرت دورية، او سيارة عسكرية" للتمويه على الاضرار المدنية التي تعرض لها الناس، لتبرير العمل الارهابي، او يقول،بكل وقاحة: "كان هناك تجمع للمدنيين وفجاء جاءت قوات الحرس الوطني او القوات الامريكيه( حسب المتورطين في الحادثة) وبداوا باطلاق النار عشوائيا". وربما يكون هو نفسه من اطلق النار، او زرع العبوة، او قام بالتفجير،او ضغط على الريمونت، لكنه يتقدم ليدلي بمعلومات مفبركة للصحافة لتشويه الحقائق، واثارة البلبلة، و نشر الاشاعات المغرضة. فلا يمكن لعاقل ان يقتنع ان قوات الجيش العراقي، او الحرس الوطني تاتي بسيارتها، وملابسها المعروفة، وتقوم بعمل لا اخلاقي تعرف جيدا انه يثير حنق الناس.

في نهاية السبعينات وفي بداية الهجمة العلنية على القوى الديمقراطية في العراق، وخاصة الشيوعيين. يقوم بعثي من المحلة بزيارة بيت شيوعي معروف اذا لاحظ وجود مجموعة من الناس تقف في الشارع مثلا. واذا لم يكن هناك احد متجمعا فيطلب منه التمشي قليلا ويدور به في محلة السكن، لاسقاطه من اعين الناس، ويتولى اخرين اشاعة، ان فلان، او فلانة سقط/ سقطت، واصبح/ اصبحت تتعامل مع البعثيين،او الامن، اوالمخابرات، وهكذا حسب صفة الزائر/الزائرة. وحتى رفاق الشخص المعني، يبدأون بالشك، خاصة وان،اساليب التسقيط كانت متعدده، ومتنوعة، ومتدرجة احيانا، وبوسائل سافلة جدا من تشويه السمعة، والمضايقات الاجتماعية، او الضغوط النفسية، والفصل من الوظيفة حتى الاعتقال، والتعذيب، والقتل. الكل يتذكر تلك الوسائل الوضيعة التي استخدمت للنيل من انصار، واصدقاء، ورفاق الحزب الشيوعي العراقي خاصة، ثم استخدمت مع قوى معارضة اخرى.

واليوم، والحملة الانتخابية حامية، وتشابه البرامج، والاهداف، وتشتت القوى الوطنيه بشكل لم يسبق له مثيل فان حملات الدعاية القذرة، واساليب اثارة البلبلة، والفرقة اكثر حدة. واثارة الشائعات، والحساسيات خاصة مع ارتفاع درجة الحماس. والهدف واضح اشاعة الفرقة بين الاحزاب، والطوائف، والاديان، وتشتيت الجهود، وخلق ارضية لحرب اهلية. ومقتل بعض شيوخ العشائر، واعضاء من احزاب سياسية او قوائم انتخابية معينة، قد يجعل من الصعب خمد الانفلات، والتصرفات غير المدروسة، وردود الفعل المتسرعة، وتبادل التهم. فنقع في الفخ الذي يحفره اعداء الوطن، ومسيرة الشعب الديمقراطية. لقد فشلوا في اثارة حرب طائفية، او دينية،أو صراع كردي عربي، او كردي تركماني، او تركماني عربي حتى الان لكنهم لن يتوقفوا عن محاولاتهم الدنيئة. والان يقتلون شيوخ العشائر على امل اشعال شرارة الحروب العشائريه في مكان ما.

نامل، ونتمنى، ونطالب القوى الوطنيه، والاسلامية الشريفة الانتباه، وضبط النفس، ومقاومة الشائعات، والتوقيع على عهد شرف وطني بعدم الانجرار، لاي نوع من انواع الحروب الاهلية، والاقتتالات الداخلية مهما كانت صيغتها، او صفتها، او مكانها. ان التعامل الهادئ يفوت الفرصة على المتربصين بمسيرة شعبنا الديمقراطية. واحداث ما بعد ثورة تموز لا زالت حاضرة في الاذهان. ويجب عدم السماح للقوى المجرمة داخلية، او خارجية لتنفيذ مخططها الاجرامي. وامامنا الصومال، والبوسنه، ولبنان الحبيبة، وغيرها من امثلة الانسياق وراء ما يريده الاعداء، او المتطرفين، او العنصريين، او الموتورين، او المرتزقه، او التكفيريين، وقد وجدوا مؤخرا على الانترنيت مكانا خصبا، للاسف، لنشر سمومهم، فكلهم جراثيم قاتلة باسماء مختلفة.
فحذارى من فحيح الافاعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأميركيون العرب -غاضبون من بايدن ولا يطيقون ترامب- | الأخبا


.. اسرائيل تغتال مجدداً قيادياً في حزب الله، والحزب يتوعد | الأ




.. روسيا ترفع رؤوسها النووية والناتو يرفع المليارات.. | #ملف_ال


.. تباين مواقف الأطراف المعنية بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة




.. القصف التركي شمالي العراق يعطل انتعاش السياحة الداخلية الموس