الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ تركيا السياسي منذ أتاتورك إلى اليوم تاريخ انقلابات وصراعات لن تنتهي .

محمد ذويب

2016 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تشكل تركيا حلقة الوصل بين الشرق والغرب حيت تتواجد في مستوى نقطة الالتقاء بين القارتين الأوروبية والأسيوية لذلك فقد كانت طوال تاريخها والى اليوم نقطة لصراع حضارات الشرق والغرب مما أثر على وضعها السياسي الداخلي وولد جملة من المناكفات خاصة بين التيارات الإسلامية ومؤسسة الجيش فكان التاريخ التركي ولا يزال مسرحا للانقلابات والمحاولات الانقلابية منذ مصطفى كمال أتاتورك إلى اليوم .
* مصطفى كمال أتاتورك
يعتبر أتاتورك هو مؤسس الدولة التركية الحديثة ففي أكتوبر عام 1923 أعلن أتاتورك عن إلغاء الخلافة وولادة الجمهورية التركية، وجعل من أنقرة عاصمة للدولة التركية بدلاً من إسطنبول التي كانت عاصمة الخلافة العثمانية فبدأ أتاتورك عهدًا من تكريس مدنية الدولة وعلمانيتها بشكل كامل في تركيا، فألغى المحاكمات الشرعية وأسس دستورا مدنيا كما أقر قوانين مساواة النساء بالرجال ومنح النساء حق التصويت والترشح في الانتخابات وحقهن في التمدرس والملكية
كما بدأ اتاتورك مع الجيش نفس عملية إعادة التأهيل التي بدأها مع كل قطاعات الشعب التركي فكان على عناصر الجيش دراسة تاريخ الجمهورية ومعرفة هويتها الجديدة المميزة فكانت جملة من الإصلاحات الشاملة .
ظلت التغيرات التي أدخلها أتاتورك على الحياة التركية موضع جدل حتى اليوم، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أنه أسس دولة قوية حديثة، يرى خصومه أنه قد قام بإزالة كل ما له صلة بالدين والتدين والهوية الإسلامية، وفي عهده كانت الحريات شبه معدومة، ونظامه أقرب إلى الديكتاتورية .
شكل أتاتورك أول حزب سياسي عام 1923 وهو حزب الشعب الجمهوري، والذي ظل في سدة الحكم حتى بعد وفاة أتاتورك، فخلفه نائبه عصمت إينونو، الذي سار على نهج أتاتورك .
كانت السياسات التحديثية التي انتهجها اتاتورك هي أحد الأسباب التي ساهمت في تشكيل جبهات معارضة اسلامية ضد حكم حزب الشعب الجمهوري ، وسببت له جملة من المشاكل حتى داخل حزبه ، فخرج أربعة نواب على قيادة حزب الشعب الجمهوري وكانوا من ذوي التوجه الاسلامي وهم: عدنان مندريس وجلال بيار وفؤاد كوبرولو ورفيق قورالتان، وأعلنوا تشكيل الحزب الديمقراطي .
*انقلاب عدنان ماندريس 1960 .

عرفت تركيا الحياة الديمقراطية في أول انتخابات أجريت عام 1946، لكن لم يستطع الحزب الديمقراطي أن يشارك إلا في 16 محافظة، فحصل على 62 مقعدًا مقابل 396 مقعدًا حصل عليها حزب الشعب الجمهوري في البرلمان
ثم جاءت انتخابات 1950 وحصل الحزب الديمقراطي على 52.68% من الأصوات؛ ليفوز بـ 397 مقعدًا من مجموع 487، وتولى الحكومة برئاسة عدنان مندريس، ثم انتخب البرلمان محمود جلال بايار رئيسًا للجمهورية التركية، الذي أعيد انتخابه عامي 1954 و1957.
في عهد مندريس شهدت تركيا أزمة اقتصادية شاملة فتعددت التحركات والاحتجاجات في البلاد نظرًا لسوء الحالة الاقتصادية، وما تعرض له من انتقادات من أتباع حزب الشعب الجمهوري .
في عهده شهدت تركيا احتجاجات داخل الجيش وطلاب الجامعات تندد بحكومة مندريس وسياساته وخاصة مساندته للكيان الصهيوني واستمرت المظاهرات حتى إعلان القوات المسلحة وضع يدها على الحكم برئاسة الجنرال جمال جورسل، لتشهد تركيا أول انقلاب عسكري عام 1960ولم يكن الأخير.
قامت القيادات العسكرية بإلقاء القبض على رئيس الوزراء عدنان مندريس ورئيس االجمهورية جلال بيار، وبدأت في مطاردة أتباع الحزب الديمقراطي، وحكم على بيار بالسجن مدى الحياة، وبالإعدام على مندريس ووزير خارجيته فطين رشدي ورلو ووزير ماليته حسن بولاتقان بتهمة قلب النظام العلماني وتأسيس دولة دينية، وفي سبتمبر عام 1960 أُعدم رئيس الوزراء عدنان مندريس .
*القيادة العسكرية وحكومة سليمان ديميريل :
قامت القيادة العسكرية الجديدة برئاسة جمال جورسل بإخراج دستور يحمي وجودها في الحكم، وطرحته في استفتاء عام 1961ووافق الشعب عليه تم إجراء انتخابات تشريعية عامة عام 1961، شكّل فيها حزب الشعب الجمهوري حكومة ائتلافية برئاسة عصمت إينونو.
وفي انتخابات 1966 حصل حزب العدالة، والذي يعتبر امتدادًا للحزب الديمقراطي على أغلبية مقاعد البرلمان بزعامة سليمان ديميريل .
بعد أن تولى ديميريل رئاسة الحكومة، شهدت البلاد حركات احتجاجية بلغت أقصاها عام 1970وبعد عام من الاحتجاجات أعلن قادة عسكريون أن تدهور الأوضاع في البلاد يجبرهم على وضع قبضتهم على السلطة، فقام ديميريل بتقديم استقالته، ليقوم الجيش فيما بعد بتشكيل حكومة انتقالية .
*انقلاب كنعان أوفرين 1980
في انتخابات عام 1973، حصل حزب الشعب الجمهوري بزعامة بولنت أجاويد على أغلبية الأصوات، وتشكلت حكومة ائتلافية برئاسة أجاويد بين حزب الشعب الجمهوري وحزب السلامة الوطني الذي أسسه نجم الدين أربكان، وفي انتخابات 1977 حصل أجاويد على أغلبية الأصوات أيضًا لكنه لم يتمكن من التفرد بالحكم، فشكل حكومة ائتلافية مع سليمان ديميريل.
عادت الفوضى مرة أخرى للبلاد، وفقدت الحكومة الائتلافية سيطرتها على الأحداث، لتعود القوات المسلحة بانقلاب جديد عام 1980، لتعلن تسلمها قيادة البلاد برئاسة كنعان أوفرين، وإعلان حالة الطواريء وحل الحكومة والأحزاب السياسية، والقبض على كافة زعماء الأحزاب والنواب.
في انتخابات عام 1983، فاز حزب الوطن الأم بزعامة تورغوط أوزال، بأغلبية مكنته من رئاسة الحكومة، ثم رئاسة الجمهورية فيما بعد .
*عهد تور غوط أوزال :
كان أوزال أول رئيس مدني يتولى منصب رئيس الجمهوية، وفي عهده أظهر تعاطفًا مع النشاطات الإسلامية، فضم في قياداته إسلاميين، وتوسعت في عهده المدارس الإسلامية، وقد عُرف بميوله الصوفية، إلا أنه لم ينفِ التزامه بالعلمانية الغربية، ولم يتصادم مع الجيش، فقضي عهدين في الحكومة ورئيس الجمهورية كنعان أوفرين، حتى وصل إلى رئاسة الجمهورية.
في عام 1991، فاز حزب الطريق القويم بزعامة سليمان ديميريل بأغلبية مقاعد البرلمان، وحصل حزب الوطن الأم بالمركز الثاني، ثم حزب الشعب الديمقراطي الاشتركي، ثم حزب الرفاه الإسلامي بزعامة نجم الدين أربكان، وتشكلت حكومة ائتلافية برئاسة سليمان ديميرل مع حزب الشعب الديمقراطي الاشتراكي في عام 1993، توفي تورغوط أوزال ليخلفه سليمان ديميريل رئيسًا للجمهورية.
*سليمان ديميريل وحكومة نجم الدين أربكان وانقلاب آخر:
في انتخابات 1995، حصل حزب الرفاه بزاعمة نجم الدين أربكان على أغلبية المقاعد، وشكل حكومة ائتلافية مع حزب الطريق القويم، لتشهد تركيا انقلابًا جديدًا من القيادات العسكرية .
ففي عام 1997، أصدرت القيادات العسكرية مجموعة من القرارات طلبت من الحكومة فيها سدّ الطرق أمام الحركات والتيارات الدينية، وهو ما أدى لسقوط حكومة أربكان وحل حزب الرفاه ثم حزب الفضيلة، وحظر الممارسة السياسية على أربكان وبعض الأعضاء البارزين في الحزب، وتم إعلان حالة الطوارئ وصودت الحريات الفردية والجماعية .
ظهور حزب العدالة والتنمية .
*وصول اردوغان إلى السلطة :
في عام 2000، تولى أحمد نجدت سيزار رئاسة الجمهورية، وفي عام 2001، تم تأسيس حزب العدالة والتنمية بعد حل حزب الرفاه والفضيلة، وفي 2002، كانت الانتخابات البرلمانية التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان بأغلبية ساحقة مكنته من تشكيل الحكومة منفردًا، إلا أن أردوغان لم يتمكن من رئاسة الحكومة وقتها لأنه كان ممنوعًا من ممارسة السياسة، فتولى عبد الله غول رئاسة الحكومة، ليتم تعديل الدستور فيما بعد ليسمح بتولي أردوغان منصب رئيس الحكومة .
جاء حزب العدالة والتنمية مؤكدًا أنه لا يريد دولة دينية، لكنه يريد دولة ديمقراطية علمانية، تفصل بين الدين والدولة، ولا تسيطر فيها الدولة على الدين.
في عام 2007، اختار حزب العدالة والتنمية غول ليكون مرشحه لرئاسة الجمهورية، لكن حزب الشعب الجمهوري قام بمقاطعة الانتخابات هو وبعض أحزاب المعارضة، وتم إبطال الجولة الأولي بدعوى أنها لم تجرَ بحضور أغلبية الثلثين، وفي الجولة الثانية أعلن غول سحب ترشيحه بسبب فشل عملية التصويت مجددًا، وفي الجولة الثالثة حصل غول على أكثر من نصف أصوات البرلمان، وانتخب رئيسًا للجمهورية.

فاز أردوغان بنسبة 52% من الأصوات، يليه أكمل الدين إحسان أوغلو بنحو 38%، ليعلن دخول تركيا مرحلة جديدة،يرى المحللون أنها كانت عموما مقبولة وحققت نجاحات كبيرة , كان هذا قبل سنة 2011 أي قبل اندلاع ما سمي بالربيع العربي حيث لعبت تركيا دورا كبيرا في إيصال حلفاءها الاديولوجيين إلى الحكم في تونس ومصر وتدخلت في الشأن الليبي بتدعيم انقلاب ميليشيات فجر ليبيا بقيادة القيادي السابق في تنظيم القاعدة عبد الحكيم بالحاج الذي سيطر على مدينة طرابلس بقوة السلاح وأجهض عملية الانتقال الديمقراطي في ليبيا كما حشرت أنفها في الشأن السوري بتسهيل عبور الميليشيات التكفيرية عبر أنطاكيا وبقية حدودها مع سوريا إلى الداخل السوري وحولته إلى مصب ومكب للنفايات البشرية و استفادت من هذه العصابات خاصة من ناحية شراء النفط والغاز السوري من هذه الميلشيات لكن مع تدخل الدب الروسي في المنطقة لإسناد الجيش العربي السوري ارتد الإرهابيون إلى تركيا التي تحولت إلى ساحة للتفجيرات والعمليات الإرهابية كما حشر أردوغان أنفسه في الشأن العراقي كل هذا ساهم في عزلته خارجيا وضيق عليه الخناق مما أجبره على عزل داوود أوغلو وتنصيب بن علي يلدريم مكانه فأمضي اتفاقية روما مع الكيان الصهيوني وأعتذر من الروس عن حادثة إسقاط الطائرة و أكد أنه سوف يغير سياسته تجاه روسيا الى أن جاءت محاولة الانقلاب الأخيرة التي مازالت حيثياتها غامضة حيث يرى البعض أن اردوغان هو من كان وراء العملية للانتقام من خصومه .
الوضع في تركيا مازال قابلا لمزيد الانفجار والمعركة لم تحسم بعد حالات خاصة بعد حالات التشفي والانتقام الكبيرة التي مارسها أنصار اردوغان على كل من له علاقة من قريب أو من بعيد بالأحداث الأخيرة في تركيا والتي لقيت تنديدا واستنكارا شديدين في الداخل والخارج ومع قرب حسم المعركة في سوريا لصالح الجيش العربي السوري وحلفائه حيث من المتوقع أن تتحول تركيا إلى ميدان خصب للدواعش ولكل التكفيريين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا