الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل النقابي الديمقراطي الكفاحي

عبد الكريم اوبجا

2016 / 7 / 24
الحركة العمالية والنقابية


الخط النقابي الديمقراطي الكفاحي كبديل عن الخط البيروقراطي الإصلاحي:
تكمن مهمة النقابة في الدفاع عن المصالح الآنية للعمال و النضال ضد الاستغلال الرأسمالي، و أكثر الطرق فعالية لبلوغ هذا الهدف هو العمل النضالي المباشر و ليس سياسة التعاون الطبقي. و نعني بسياسة التعاون الطبقي السعي الممنهج إلى تسوية المشاكل بطريقة ودية و المشاركة في تدبير أزمة المنظومة الرأسمالية مقابل الالتزام بالسلم الاجتماعي، لكن هذا لا يعني أنه على الحركة العمالية رفض كل مساومة، فطالما لم يتم الإطاحة بالرأسمالية نفسها سيضطر العمال و منظماتهم للتفاوض.
إن الرأسمالية و دولتها تدفعان المنظمات العمالية إلى سياسة التعاون التي هي شرط الحفاظ على النظام الرأسمالي، و تلعب البيروقراطية الدور المركزي في جر النقابات إلى سياسة التعاون الطبقي لأنها إصلاحية و لأن وجودها و امتيازاتها رهينان بالحفاظ على النظام الرأسمالي.
تسعى البيروقراطية ألا يتجاوز النضال النقابي الحدود التي سطرتها، و بذلك فهي مستعدة لإفشال أي إضراب يهدد سلطتها بإطلاق النعوت و طرد المناضلين أو حتى فروع و فدراليات من النقابة، فقبول البيروقراطية بالخط النقابي المناهض للرأسمالية يعني قبولها بحفر قبرها الخاص.
و في ظل الأزمات الدورية للرأسمالية، لم يعد بمقدور الرأسمالية أن تمنح شيئا للعمال، بل تحاول استرجاع ما تنازلت عنه سابقا، فتسعى البورجوازية إلى أن يؤدي عالم الشغل ثمن أزمتها كي تستعيد أرباحها، و ذلك هو مضمون الهجومات المتتالية على مكتسبات و حقوق الشغيلة، فلم يعد هناك مبرر لدور الوسيط الذي تلعبه البيروقراطية.
و إذا استمرت البيروقراطية في نهج سياسة الإصلاح و التعاون الطبقي، ثمة خطر إصابة العمال بالإحباط و التذمر و إضعاف العمل النقابي و الحركة العمالية برمتها بما في ذلك الإصلاحيين، فالبيروقراطية تقوض كذلك أسس وجودها و هي تنهج سياسة التعاون الطبقي، أما البديل فهو الإسراع بتنظيم الطليعة النقابية في إطار خط نقابي كفاحي على أساس برنامج نضال طبقي.
مهام المناضل النقابي الكفاحي:
على النقابيين الكفاحين أن يتألقوا داخل المنظمة النقابية كأفضل المناضلين و أن يعملوا على تغيير موازين القوى بين القاعدة و البيروقراطية، و يدخل في هذا الإطار تنظيف المنظمة من الفساد البيروقراطي بإدخال الديمقراطية العمالية الواسعة إليها باستمرار، و بالمقابل نبذ العصبوية و كل نزعة يسارية متطرفة، فالعمال متعطشون للديمقراطية و الوحدة و سينصرفون عن كل من ينشر الشتائم و السلوكات الخبيثة داخل المنظمة النقابية، و سينتهي الصراع بين بيروقراطي فاسد و مناضل كفاحي دائما لصالح الأول ما لم يبين الثاني دفاعه الحازم عن الوحدة و الديمقراطية في صفوف العمال.
و إذا تعرض متفرغ نقابي و لو كان يمينيا للمحاكمة وجب على المناضلين الكفاحيين الدفاع عنه، و عدم السماح بتدخل البورجوازية في شؤون عالم الشغل و معاقبة النقابين و اعتبار أي هجوم من هذا النوع عدوانا على مجموع المنظمات النقابية و الحركة العمالية. إن الشؤون الداخلية للحركة العمالية لا تهم أحدا خارجها و يجب حسمها بالنقاش الديمقراطي داخل المنظمات العمالية.
إن الدفاع عن المناضلين و المسؤولين النقابيين ضد العدالة البورجوازية سيضع حدا لكل الإشاعات و الافتراءات التي تروجها البيروقراطية عن النقابيين الكفاحيين باعتبارهم "مشتتو الصفوف" و "مسيئون للعمل النقابي".
و على المناضل الكفاحي أن يحتمي من خطرين: الباطرونا و البيروقراطية، و أن ينتبه لأدنى ردود الفعل و الهجمات التي تصدر عن الأعداء و توقع كل ما يحاك ضده من مناورات في حينها و الاستعداد تنظيميا عبر التوجه إلى العمال و الاعتماد على تعبئتهم.
النقابي الكفاحي هو ذلك المناضل الذي يعترف بأخطائه و يقدم نقدا ذاتيا عند الاقتضاء متسلحا بالصبر و يتجنب حرق المراحل، كما يتحلى بعدم الاحباط جراء الاخفاقات و يراعي موازين القوى القائمة محاولا تعديلها لصالحه بالارتكاز على العمال. كما يتوجب عليه تجنب اتخاذ قرارات متسرعة أو الإدلاء بتصريحات صاخبة، فإلحاق الهزيمة بالعدو لا يكون بالجرأة و الاندفاع وحده و لكن ببعد النظر و تنظيم القواعد. و عليه كذلك الحضور في كل التجمعات و الاجتماعات و التدخل فيها بشكل ملموس و تحمل المسؤولية في تنفيذ المهام المطروحة مزاوجا القول بالفعل.
الممثلين النقابيين:
يمثل انتخاب الممثلين النقابيين و إقالتهم خطوة مهمة في اتجاه تقويم الديمقراطية العمالية، فبعض الممثلين النقابيين يجعلون من وظيفتهم التمثيلية مهنة حقيقية فينسجون علاقات اجتماعية طيبة بين الإدارة و الجهاز النقابي، و نود أن نؤكد هنا بأنه لا يمكن الجمع بين نهج سياسة تفاهم مع الإدارة و سياسة معادية للبيروقراطية داخل المنظمة النقابية.
تعتبر سياسة التفاهم مع الإدارة من صلب سياسة التعاون الطبقي، فالممثلون النقابيون الذين لم ينتخبوا بطريقة ديمقراطية لا يخضعون لرقابة العمال الشيء الذي يؤدي بهم حتما إلى اتخاذ مواقف وصولية، و بالتالي فعلى النقابيين الكفاحيين أن يفرضوا انتخاب الممثلين النقابيين خلال الجموعات العامة، ولا يكفي الانتخاب الديمقراطي للمثلين النقابيين للحفاظ علر سير عمل نقابي ديمقراطي كفاحي، بل يجب على العمال مراقبة ممثليهم و مكاتبهم.
في الفترة الفاصلة بين عملتين انتخابيتين، يجب إتاحة إمكانية تنظيم عملية تصويت على منح الثقة أو سحبها إزاء ممثل أو مكتب نقابي إذا رغب العمال في ذلك، و في حالة لم يلتزم أحد الممثلين النقابيين بمقررات الجمع العام و يتعاون بالعكس مع الإدارة يكون للعمال كامل الحق في إقالته و استبداله برفيق آخر يجري انتخابه بشكل ديمقراطي دون انتظار الانتخابات المقبلة، فالديمقراطية النقابية مهمة طليعية واسعة ترتكز على العمال و تدفعهم إلى النضال.
المكتب النقابي:
إن من الوسائل المستعملة لتدجين العمل النقابي جر المكاتب النقابية تدريجيا إلى طريق التسيير المشترك، و أول تكتيك لهذا الطريق هو نسج علاقات طيبة بين الإدارة و المكتب النقابي و إرساء جو من التفاهم و التعاون بينهما مما يفرض تنازلات من المكتب النقابي، و توقيع المنظمات النقابية على الالتزام بالسلم الاجتماعي يضعف العمل النقابي و يقلص من كفاحية المكاتب النقابية.
أما التكتيك الآخر الذي يلجأ إليه أرباب العمل فهو منح الممثلين النقابيين امتيازات خاصة بما فيها المالية، فيلجئ بعض المسؤولين النقابيين إلى الاستناد على المكاتب اليمينية لأنها لا تندد بسلطاتهم البيروقراطية و نزوعاتهم الانتهازية.
ليس غرضنا هنا هو إدانة المنظمات النقابية و المكاتب النقابية بشكل عام، لأنها الأداة الوحيدة لتوحيد مجموع العمال في النضال من أجل مصالحهم الطبقية، و لأن هناك العديد من المكاتب النقابية و الممثلين و المتفرغين النقابيين الشرفاء و النزيهين.
إن أعضاء المكتب النقابي عليهم أن يكونوا ملمين بالمسائل التشريعية و بالاتفاقيات و قوانين الشغل، لكن لا يجب عليهم الإغراق في ذلك على حساب المسائل الأساسية للعمل النقابي، فليست أغلب النصوص القانونية في صالح حقوق العمال، و يبقى النضال المباشر الضمانة الوحيدة لاحترام مطالب عالم الشغل و تلبيتها، فميزان القوى الميداني هو وحده القادر على منع أرباب العمل من فرض منطق الربح الذي يعبر عنه قانون الشغل.
و على أعضاء المكتب النقابي أن يناضلوا دوما لتلبية مطالب العمال سواء كانت حقا مكرسا بالقانون أم لا، و لن يتأتى ذلك إلا على أساس موازين القوى، و من بين نتائج النزعة الإصلاحية وضع المنظمات التقليدية للطبقة العاملة الثقة في إمكانية فرض احترام حقوق منخرطيها بطرق قانونية دون اللجوء إلى النضال المباشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين تعديل نظام الكفالة وتحديات المناخ.. ما وضع العمالة الأجن


.. الرئيس السيسي يجري جولة تفقدية داخل مجمع هاير الصناعي خلال ا




.. الرئيس السيسي يشهد احتفالية عيد العمال | الخميس 2 مايو 2024


.. الرئيس السيسي يكرم عددا من النماذج العمالية المتميزة خلال اح




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الرئيس السيسي يشهد احتفالية عيد ا