الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمهورية التركية الإسلامية؟

محمد مندلاوي

2016 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



نحن هنا لسنا بصدد حيثيات الانقلاب المشبوه الذي وقع في الخامس عشر من تموز الجاري في جمهورية تركيا الطورانية. ولا نرجم بالغيب ولا نضرب الودع ونزعم بأن خيوط الانقلاب حيكت من قبل رجب طيب أردوغان في أقبية جهاز مخابراته الـ"ميت" سيئة الصيت كما توقعت حدوثه صحيفة "واشنطن تايمز" في إحدى تقاريرها في أوائل شهر نيسان, أي ثلاثة شهور قبل وقوع الانقلاب.., مشيراً بأن أردوغان بصدد انقلاب وهمي بهدف السيطرة بشكل أكبر على مقاليد السلطة. وسبق تحليل الصحيفة الأمريكية المذكورة بشهر واحد, أي في شهر آذار موقع سبوتنيك Sputnik"" الروسية, حين نشر خبراً عن سيطرة الجيش التركي على بعض الأمور السياسية, تمهيداً لانقلاب عسكري.. . وكذلك لا نتهم نزيل "بنسلفانيا" المدعو فتح الله جولن أن له يد في تنفيذ انقلاب الهواة؟. لكن الذي بدأ يقلق العالم كثيراً ويقض مضاجعهم, هي تلك الأعمال الانتقامية الوحشية التي جرت في شوارع وساحات تركيا بعد إخماد الانقلاب المشبوه الذي ليس له قائد؟؟!!. لقد شاهد العالم من خلال وسائل الإعلام المتعددة, ما جرى من جرائم بشعة وانتهاكات صارخة بعد فشل الانقلاب.. ضد كل شيء غير إسلامي في تركيا؟ بل الأدق ضد غير إخواني (الإخوان المسلمون) مؤسسي الحركات الإسلامية.. التي فرخت الجماعات الإرهابية في بلدان العالم. نحن نتساءل, ما علاقة المكتبات غير الإسلامية في تركيا بالانقلاب المذكور, حتى تحرق وتدمر على أيدي الهمج الرعاع!! أليس منفذي هذا العمل الأخرق كأنهم يقولوا للعالم المتحضر أن الإسلام يعادي العلم والمعرفة؟؟. ويعيد إلى الأذهان, قول الخليفة الثاني حين سؤل عن مصير (700) ألف مجلد في مكتبة الإسكندرية, عندها كتب لواليه على مصر وهو عمرو بن العاص قائلاً له:" إذا كانت هذه الكتب لا تحتوي على شيء غير المسطور في القرآن فهي كعدمها وإذا كانت هذه الكتب تنافي ما جاء بالقرآن فهي ضارة ومؤذية لا يجب حفظها إذاً ففي كلتا الحالتين يجب حرقها وإبادتها من الوجود" وأمر عمرو بن العاص باستعمال هذه الذخائر والنفائس كوقود في حمامات الإسكندرية" جاء هذا الكلام في كتاب ( المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار) أحمد بن علي المقريزي ج1 ص 159. هنا نتساءل, ما علاقة المدارس التربوية بالانقلاب الفاشل حتى تُغلق!!. ثم ما علاقة الموظفين والمعلمين والقضاة وسلك الشرطة وكناسي الشوارع والطرقات بالانقلاب المشبوه حتى يتم اعتقالهم وتعذيبهم وفصلهم من أعمالهم!!. ما علاقة النساء المستطرقات بالانقلاب حتى يضربن ضرباً مبرحاً في الشوارع العامة!!, وما علاقة مؤيدي أردوغان المهوسون بفرض الحجاب على النساء عنوة في شوارع تركيا بعد الانقلاب الفاشل إذا هم ليسوا إخوانجية!!. ما علاقة الصحف اليومية بالانقلاب.. حتى تمنع أكثر من (26) صحيفة من الصدور!! هل أن رؤساء التحرير ومحرري الصحف التركية جنرالات في الجيش التركي حتى يودعون في المعتقلات الرهيبة بتهم واهية لا أساس لها من الصحة!!. أم هذه الأعمال الوحشية المتسم بالقسوة والشدة مقدمة إخوانية لتهيئة الأرضية المناسبة لتطهير البلد من جميع الأفكار غير الإسلامية, يريدوا بهذه الصرامة والأسلوب الفظ إرهاب المواطنين حتى يفسحوا الطريق أمام الفكر الإخواني ويصبح أردوغان المرشد الأعلى والولي الفقيه للجمهورية التركية الإسلامية. كما يقول المثل العربي: يروه الموت حتى يرضى بالسخونة. وبعد هذا الانقلاب الإسلامي, يتخيل أنه يستطيع أن يحكم البلد بنظام اللون الواحد إلى نهاية المطاف؟؟. دعونا نتساءل مجدداً, ما علاقة أنصار الديمقراطية بالانقلاب.. حتى يعتقلوا بطرق مهانة ويودعوا السجون دون محاكمة!!. وما علاقة المعارضة حتى تغلق مقراتها!!. خلال الأيام القليلة التي تلت الانقلاب.. اعتقل أكثر من (60,000) ألف مواطن والعدد قابل للزيادة, وجهت لهم تهم معدة سلفاً ألا وهي المشاركة في الانقلاب..!!, هل أن انقلاباً يشارك فيه هذا العدد الضخم والكم الهائل من جميع فئات الشعب لا ينجح بسهولة؟, ويستسلم القائمون به خلال سويعات قليلة لبعض أفراد الشرطة وبعض مناصري أردوغان!!. لقد شاهد العالم أن الدواعش في تركيا باركوا لأردوغان فشل الانقلاب.. على طريقتهم الخاصة, عندما جاءوا بأحد الجنود المشاركين بالانقلاب.. وذبحوه قرباناً لبقاء سيدهم أردوغان على دست السلطة!!. أليس جميع هذه الأعمال غير الإنسانية التي تلت الانقلاب المشبوه تقول لنا أن رجب طيب أردوغان حول تركيا إلى جمهورية إسلامية دون الإعلان عنها رسمياً؟؟!!. سبق لي قبل عدة شهور كتبت مقالاً تحت عنوان (جمهورية عنصرية ولدت في غفلة من الزمن على كتف البوسفور بدأت الآن تحتضر) والآن نقول بكل ثقة: لقد دخلت تركيا الطورانية في مرحلة الاحتضار الحقيقي, وجاء وقت قراءة الفاتحة على روحها..؟؟. فلا يستطيع أردوغان وحزبه الطوراني الدموي إيقاف عجلة التاريخ التي بدأت تدور في اتجاهها الصحيح, فمهما فعلوا من جرائم يندى لها جبين الإنسان, لا يستطيعوا الوقوف في وجه تيار إخوة الشعوب الجارف, قد يعيقوا مسيره لبعض الوقت وذلك من خلال إعلان حالة الطوارئ حتى يكون أردوغان الحاكم المستبد و الآمر الناهي في عرض البلاد وطولها, ألا أن وصول عجلة التغيير الشامل إلى مبتغاها, إلى هدفها النهائي المنشود باتت حتمية تاريخية لابد منه عاجلاً أم آجلاً.
22 07 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟