الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توزيع الاختصاصات المالية في الدولة الفيدرالية

اسماعيل علوان التميمي

2016 / 7 / 23
دراسات وابحاث قانونية


لا شك ان كل دولة تحتاج إلى ما يسد متطلباتها الانفاقية ايا كان شكل الدولة. فشكل الحكم لا يؤثر في الحاجة للأموال، فهذه الحاجة هي نقطة التقاء لجميع أشكال الدول، ولا خلاف عليها، الا ان ما يهم الدراسة هو كيفية تخصيص الايرادات بالنسبة للدول الاتحادية، كونها قد تثير العديد من الاشكاليات التي قد يصار إلى النزاع حولها( )، لان إلاختصاصات المالية للوحدات الاتحادية تشكل حجر الزاوية في بناء الدولة الاتحادية، اذ لا يمكن تصور وجود وحدات فيدرالية حقيقية دون ان تتمتع هذه الوحدات بايرادات مالية خاصة بها، وإختصاصات مالية تباشرها هذه الوحدات ابتداء دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية.
تعزى أهمية موضوع توزيع الإختصاصات المالية في الدولة الاتحادية إلى سببين جوهريين اولهما ان تخصيص الموارد المالية هو الذي يمكن السلطات بمختلف مستوياتها من ممارسة إختصاصاتها المحددة في الدستور الاتحادي. فالسلطة الاتحادية تحتاج إلى الموارد المالية لتغطية اوجه الانفاق العام لاسيما بعد تزايد وظائف الدولة الحديثة وتدخلها في العديد من المجالات، الأمر الذي يتطلب ان يكون لها مواردها المالية الخاصة بها لمواجهة التزاماتها المختلفة التي اتسعت على خلاف الدويلات ايضا، كذلك الأمر بالنسبة للدويلات الأعضاء التي تحتاج إلى الموارد المالية لتحقيق إستقلالها المالي، الذي يعد من اهم العناصر الاساسية في وجودها الذاتي المستقل، الذي يسمح لهذه الدويلات بتطبيق برامجها المتميزة في حدود مسؤوليتها، وثانيهما ان سلطات فرض الضرائب والانفاق هي بحد ذاتها أدوات مهمة لضبط الإقتصاد والتأثير عليه( ).
وعليه فان دستور الدولة الاتحادية هو الذي يوزع غالبا إختصاصات كل من السلطات الاتحادية، وسلطات الولايات، او الأقاليم ومسؤوليات كل منهما، ولا توجد طريقة معينة او نموذج جاهز لتوزيع الإختصاصات المالية بين الحكومة الاتحادية والولايات، بل يختلف من دولة إلى آخرى وحسب ظروف كل دولة، وإذا أخذنا دولة الإمارات العربية المتحدة كمثال، سنجد ان دستورها لعام 1971 قد بين سلطات الاتحاد التي ينفرد بها في المواد (120) ومنها (مالية الاتحاد، والضرائب، والرسوم، والعوائد الاتحادية) كما عددت المادة (126) الايرادات العامة للإتحاد والتي تتكون من الضرائب والرسوم، والحصة التي تسهم فيها الإمارات الأعضاء في الاتحاد. كما نصت المادة (127) من دستور دولة الامارت العربية المتحدة لعام 1971على ان ((تخصص الإمارات الأعضاء في الاتحاد نسبة من مواردها السنوية لتغطية نفقات الميزانية العامة السنوية وذلك على النحو وبالقدر اللذين يحددهما قانون الميزانية)).
أما الدستور الأمريكي لعام 1787 فأنه أسند إلى الكونغرس سلطة سك العملة، وتنظيم قيمتها، وقيمة العملات الأجنبية، وتحديد معايير المقاييس والمكاييل، ووضع أحكام عقابية على تزوير سندات الولايات المتحدة، واستدانة الأموال لحساب الولايات المتحدة، وكذلك سلطة فرض الضرائب، والرسوم، والعوائد، والمكوس وجبايتها لدفع الديون، وألزم الدستور ان تكون جميع الضرائب، والرسوم، والعوائد، والمكوس موحدة في جميع انحاء الولايات المتحدة، وكذلك خص الدستور الاتحادي الحكومة بحقوق الطبع، وبراءات الإختراع، وأحكام التلبية، والإفلاس، والقروض الائتمانية، كما حظر الدستور على الولايات إصدار الرخص المالية، كما حرم عليها فرض الرسوم والضرائب على الواردات والصادرات الا بعد موافقة الكونغرس، باستثناء ما يكون ضروريا لتنفيذ قوانين التفتيش، وان يرسل الناتج الصافي لكل الضرائب والرسوم المفروضة في هذا المجال إلى خزانة الولايات المتحدة، أما قضايا البنوك والتجارة البنكية فأنها تعتبر من القضايا المشتركة بين الحكومة والولايات( ).
أما في العراق فقد أسند دستور 2005 إلى السلطات الاتحادية صلاحية رسم السياسة المالية والكمركية وإصدار العملة وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية، وانشاء البنك المركزي وإدارته( )، كما خصص الدستور للأقاليم والمحافظات حصة عادلة من الايرادات المحصلة إتحاديا تكفي للقيام باعبائها ومسؤولياتها، مع الأخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها ونسبة السكان فيها( )، كما نص الدستور على تشكيل هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية للتحقق من عدالة توزيع المنح، والمساعدات، والقروض الدولية على الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وكذلك التحقق من الإستخدام الأمثل للموارد المالية الاتحادية واقتسامها وضمان الشفافية والعدالة عند تخصيص هذه الأموال لحكومات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم( ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق


.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا




.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي