الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بِحُكم العادة ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2016 / 7 / 23
كتابات ساخرة


بِحُكم العادة ..
كالعادة طبعاً وحينما أكون على سفر، أصحو باكرا، أحلقُ ذقني، أفرك أسناني ولساني بالفرشاة ومعجون الأسنان، أستحم، أحتسي القهوة بالحليب وبالأصح "النسكافيه بالحليب"، أُدخن سيجارتين أو ثلاثة ، أتفقد بريدي الالكتروني ، أتصفح "الحوار المتمدن" وبعض الصحف الالكترونية ... أرتدي ملابس ملائمة ، ألمع حذائي، أتفقد حافظة نقودي لأتأكد من إمتلاكي النقود الكافية لتذاكر السفر وأخرج من البيت معية أحد أفراد الأسرة وغالبا ما تكون شريكة الحياة ، أصل محطة الباص وأنتظر ..
وعلى غير العادة، أصبحتُ أفضل المواصلات العامة على السفر بسيارة العائلة، وخصوصاً الى المدن الكبيرة والبعيدة ، لأنني قد كبرتُ في السن قليلا ورؤيتي على قد الحال .. إضافة الى الإزدحامات المرورية الكبيرة في المدن مما يجعل الحصول على مكان لركن السيارة أشبهُ بالمستحيل .. ناهيك عن رسوم ركن السيارة باهظة السعر ..
لذا وكالعادة ، قمتُ بروتيني اليومي استعدادا للسفر الى حيفا ... بشان خاص ، وهو مراجعة مؤسسة التقاعد التي" دفعتُ " لها عشرات السنين من "حر مالي " ، لصندوق التقاعد وقت الحاجة اليه ..
وبحكم العادة ، نزلتُ في محطة قريبة لقطار الأنفاق في المدينة، دخلت المحطة اشتريتُ تذكرة وصعدت القطار وبعد محطة واحدة ، وبحكم العادة ، ترجلت من القطار ،صعدت الأدراج وتوجهت الى مكاتب صندوق التقاعد ..
ضغطت على رقم 2 في المصعد ، وبحكم العادة ، نزلت بعد توقف المصعد ، وكان المكتبُ مغلقاً... قرأتُ على لوحة الاعلانات في الطابق السفلي مواعيد استقبال الجمهور ، فكان الوقت ملائما.. ناهيك عن أن مثانتي "كادت تنفجر" ، وكنتُ سعيدا بالوصول الى المكتب ، لكي أُقوم بافراغها ..!!
ما الذي يجري ، لا حارس أو موظف استقبال أسألهُ عن هذا اللغز.. عُدتُ أدراجي والبول يكاد يفلتُ في ملابسي ..
كنتُ أحمل معي رسالة من المؤسسة ، تطلبُ مني إحضار بعض المستندات ، فتحتُ الرسالة ، وإذا مرفق بها قائمة بعناوين المؤسسة في المدن الكبرى ..ليتضح لي بعد نظرة سريعة ،بأن المكاتب في حيفا قد انتقلت الى مقر جديد .. في الشارع الذي نزلت فيه من الباص ..
لم أكن بحاجة اصلاُ الى صعود قطار الأنفاق ، لا ولا الإنتظار في رحلة الذهاب والعودة به ، وطبعاً لم أكن بحاجة الى تبذير ثمن تذكرتين في قطار الأنفاق ... لكن ما العمل مع العادة ، فبحكم العادة صعدتُ ، نزلتُ، مشيتُ ، بحثتُ لأكتشف بأن لمحة سريعة في الرسالة كانت ستوفر عليَ الكثير من المشقة والتوتر المصاحب " لإمتلاء المثانة" حد الإنفجار ...
لم آخذ بالحسبان ، مرور سنتين على الأقل ، منذ زيارتي الأخيرة لمكاتب المؤسسة ، لا ولم آخذ بالحسبان ، بأن الدنيا تتغير كل يوم ، ولم أفكر حتى مجرد تفكير بإحتمالية أن تنقل المؤسسة مكاتبها .. هذا أنا والذي يعتبرني البعض ذكيا فوق المتوسط ، فما بالك بِمن "ذكاؤه" على قد ألحال ...
لكن أليسَ هذا هو حال العرب والمسلمين ؟؟ تصرفاتهم ، ممارساتهم وسلوكهم نابع من "بحكم العادة " .... ألم يتغير العالم من حواليهم وهم "ربي كما خلقتني " !! يعودون الى نفس الأمكنة وبحكم العادة ، ولا يُعيرون للزمن ولتقلباته أية أهمية ... ما عليهم سوى قراءة بعض العناوين التي تقول بأن العالم تغير يا جماعة ، وما كان "بحكم العادة " قبل سنين ، أصبح من الماضي الذي لن يعود ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس


.. خالد النبوي: فيلم أهل الكهف يستحق الوقت الذي استغرقه بسبب ال




.. أنا والست والجيران?? علاقة ممتعة بين مزاج صلاح عبدالله وصوت