الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشكيل الرأي العام ، في ظل العولمة

محمد علي بوعلاق

2016 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


في مجتمعات الرحل الجدد ، تتمترس وسائل الإعلام التقليدية منها أو الحديثة المرتبطة بالتقنية . كدعامة قوية أو علها الأولى في تشكيل الرأي العام .ففي عوالم ما بعد الحداثة ، خاصة تلك التي شهدت تطورا غير ناتج عن طفرة علمية بقدر ماهو تطور يفتقد إلى التدرج الذي يضمن التأقلم مع معطيات الواقع الطارئ . إنها مجتمعات صدمة الحضارة و التقنية المسقطة على واقعها ، بإعتبارها سوقا إستهلاكية للعوالم الأكثر تطورا التي تشكل قاطرة تصورات العالم منذ الحرب العالمية الأولى. هذا الخلل التطوري يمثل تشوها يكاد يكون الحائل الأول دون إكتساب شعوب العالم الثالث و العربية تحديدا القدرة على إدارة الإهتمام العام و توجيهه نحو مسائل علمية أو دعنا نقل موضوعات تساهم في نهضة هذه الأمة

قبل الطفرة النفطية بالنسبة للخليج العربي و قبل التغييرات التي مست أنظمة الحكم إنطلاقا من تونس سنة 2011 كان الإعلام محصورا في التلفزات الرسمية التابعة للأنظمة و التي كانت و لازالت تشتغل وفقا لإستراتيجيات الحكام تحت غطاء المصلحة الوطنية العليا . هذه التلفزات لم تعطي منفذا لأي منتقد للواقع المعيش . فصورت الواقع فردوس فرض تصديقه عن طريق التكرار و الإلهاء . في مرحلة ثانية أي بزوغ فجر الفضائيات التي تعددت و تنوعت في إطار الرداء المتفق عليها سلفا . فملكية هذه الفضائيات بقي بيد رجال أعمال يتمعشون من جلابيب الحكام و عطاياهم . رغم دخول الصورة عالية الجودة و الإمكانيات الضخمة ، إلا أن هذه الأدوات عجزت عن إنتاج إعلام وطني هادف لبناء مجتمعات الوعي . قد يلاحظ المتمحص في الواقع الإعلام إبان الحملات الإنتخابية . فيكتشف الخط التحريري لكل وسيلة بل ميولها الإنتخابية و مصالح كل منها .أما بوصفها أدوات منظمة في خلق إشكالات بديلة بعيدة كل البعد عن هموم الشعوب و معضلاتها اليومية . فتتطرح قضايا طائفية أو قضية الشواذ جنسيا . لأن هناك في الغرب تطرح هذه الأخيرة أو هناك في الغرب مصالح لا تمر إلا عبر تأجيج الأولى . ليس الأمر ذا صلة بما يسميه البعض نظرية المؤامرة بقدر ماهو ترابط لمصالح إمبراطوريات المال و الإعلام . فلا يمكن أن تسير الثانية بمعزل عن توجيهات الأولى و العكس لا يستقيم .
كل هذا المناخ الملائم لبناء عالم الرداءة ، عن طريق التشيع على إستضاغة كل دخيل تحت عنوان الحداثة أو عنوان الأصالة .
في ظل كل القصف المركز يختار البعض أي الذين تشكل عندهم نوع من الوعي على ندرته ، البحث عن بدائل التي هي مستعدة تمام الإستعداد و مبنية وفق حاجة الهارب من الواقع . إنه الإعلام الحديث و الدور الموكل له في تشكيل ذوق عالمي متماثل ، بإعتبار التقنية أي وسائط التواصل الحديث تمنح المتقبل القدرة على لعب دور الباث أو مصدر المعلومة هنا تدخل العوامل النفسية فيتحول الكثيرين من شذاذ الأفاق على حد قول أمبرتو إيكو إلى متداخلين في الشأن العام بل قادة معتبرين في صناعته. وسائل التواصل الحديث هذه التي تشكل منصات سرعان ما أضحت منظمة من وجهة نظر المستعمل . على إعتباره منتظمة متطورة منذ البدء من زاوية المنتج فهي أدوات تخدم إيديولوجية العولمة منذ بداياتها . لأن أكثر من 85 % من المواطنين العرب يمتلكون حسابات على الفيسبوك و نصفهم له حساب على تويتر . يقضي أكثر من نصف المشتركين العرب بشبكة الفيسبوك ما يقارب 4 ساعات و تختلف إستعمالاتهم الأهم 45% منهم يشتغل بالدردشة إنها أيديولوجية وسائط التواصل الحديثة . حتى وسائل الإعلام بمفهومها التقليدي أضحت تنطلق من هذه المنصات بل أن جل البرامج تبنى إنطلاقا من هذا الواقع الإفتراضي .

هذه الوسائل التي يصنع من خلالها الرأي العام الذي يخدم بالضرورة الطبقات المسيطرة عن طريق عزل و تحجيم الموقف النقيض . ليست وحدها ، لأن المرجعيات الدينية و مراكز البحوث الإستراتيجية التي تنتج أرقام و إحصاءات توجه من خلالها الأي العام بوعي أو دونه.

لا يمكن مواجهة هذه الأدوات الشرسة في تدجين و بلورة الرأي العام وفقا لمصالح أقلية حاكمة و تمتلك الثروة . في ظل ضعف و وهن تعانيه المنظمات المهنية و المجتمع المدني . بوصفها المحرار لواقع الحال بعيدا عن التزويق و مصالح اللوبيات المتغولة في أركان الأنظمة العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها