الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اثر اسلوب نشأة الدولة الفيدرالية في العراق على توزيع الاختصاصات في دستور 2005

اسماعيل علوان التميمي

2016 / 7 / 25
دراسات وابحاث قانونية


أثر اسلوب نشأة الدولة الفيدرالية في العراق على توزيع الإختصاصات في دستور 2005
اسماعيل علوان التميمي
لاشك ان للأسلوب الذي تنشأ به الدولة الفيدرالية أثرا كبيرا على توزيع الإختصاصات بين السلطات الفيدرالية والأقاليم المكونة لها، فالدولة الفيدرالية التي تنشأ نتيجة تفكك دولة بسيطة إلى مجموعة أقاليم تحرص عادة على منح إختصاصات واسعة للحكومة الفيدرالية، اوسع من تلك الممنوحة للأقاليم. أما الدولة الفيدرالية التي تنشأ من دول تنازلت عن سيادتها الخارجية والبعض من سيادتها الداخلية لصالح الدولة الفيدرالية فأنها تحرص على منح إختصاصات واسعة للأقاليم باعتبارها كانت دولاً ومن الصعب حرمانها من إختصاصات داخلية واسعة كانت تتمتع بها.
وبالنسبة إلى تـأثير هذا العامل على توزيع الإختصاصات في الدستور العراقي، فهناك اتجاهان الأول يرى( ) ان العراق كان قبل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية عبارة عن دولة بسيطة، وكان يفترض ان تستأثر السلطات الفيدرالية بإختصاصات واسعة ولا تأخذ بطريقة تحديد السلطات الفيدرالية على سبيل الحصر. لان هذا الأسلوب من شأنه ان يوسع بمرور الزمن إختصاصات الأقاليم على حساب السلطات الفيدرالية. الا ان دستور 2005 أخذ بهذا الأسلوب وبالتالي فأنه خالف في ذلك قاعدة معروفة تؤخذ عادة بنظر الاعتبار في توزيع إلاختصاصات عند تحول الدولة البسيطة الى دولة مركبة.
أما الاتجاه الثاني ( ) فأنه يرى ان الدولة العراقية قبل صدور قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لم تكن دولة بسيطة. حيث ان إقليم كوردستان كان من الناحية القانونية يتمتع بالحكم الذاتي ولديه هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تتمتع بإختصاصات حددها قانون الحكم الذاتي لسنة 1970.ومنذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام 1991 وحتى 30 تموز (يوليو) 2004 حيث اعترف قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بحكم ذاتي لإقليم كوردستان، لم يكن إقليم كوردستان طيلة هذه المدة (12 عاما) يخضع للحكومة المركزية في بغداد، وعليه كان من الصعب إقناع الاكراد بالموافقة على إضعاف قبضتهم على شؤونهم الخاصة، مما يعني ان الحاجة تدعو إلى البحث عن شكل من إشكال الحلول الفيدرالية لإعادة توحيد الدولة العراقية التي كانت منقسمة من الناحية الواقعية.وعليه فان العراق وفقا لهذا الرأي قبل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وبالتالي قبل وضع دستور 2005 لم يكن دولة بسيطة.،وان العراق كان منقسماً من الناحية الواقعية، وعليه جاء اختيار الدولة الفيدرالية العراقية بتجميع قسمين من جديد، ولهذا السبب من الصعب إدراج نشوء الدولة الفيدرالية العراقية ضمن الطريقة الثانية - التفكك - إذ لا يمكن تجاهل هذا الواقع في نشوء الدولة العراقية الفيدرالية.
يتضح مما تقدم ان لكل رأي حججه التي بررت رأيه. فان حجة الأتجاه الأول بان العراق كان دولة بسيطة وتفككت يستند إلى الوضع الدستوري السابق للعراق. ويرى ان عدم خضوع الإقليم لسلطة الدولة في بغداد لا يعني تفكك الدولة العراقية، لان هذا الوضع مهما طالت مدته يبقى وضعا استثنائيا ومؤقتا لا يمكن التأسيس عليه لنفي حقيقة دستورية وقانونية وهي ان العراق كان لغاية صدور قانون إدارة الدولة العراقية هو دولة بسيطة، أما الأتجاه الثاني فان حجته تستند إلى الواقع الفعلي، حيث ان الإقليم وطيلة اثنتي عشرة سنة لم يكن يخضع للحكومة المركزية. وكان يدير شؤونه بنفسه مستقلا عنها، فان هذا الواقع لا يمكن تجاهله عندما تبحث عن حلول لشكل النظام السياسي الذي يقبل به الاكراد بعد ان تمتعوا باستقلال فعلي عن الحكومة المركزية لفترة تجاوزت عقداً من الزمن.
يتضح مما تقدم من هذين الأتجاهين بان الحجة التي يستند عليها الأتجاه الأول تقوم على حقيقة قانونية دستورية وهي ان العراق كان من الناحية القانونية الدستورية دولة بسيطة، أما الحجة التي يستند عليها الأتجاه الثاني فأنها تقوم على حقيقة واقعية هي ان إقليم كوردستان لم يكن خاضعا لسلطة الدولة العراقية في بغداد طيلة فترة امتدت لأكثر من عقد من الزمان كما اوضحنا
من جانبنا نرى أنه لا ينبغي تجاهل اي من هاتين الحقيقتين عند توزيع الإختصاصات بين المستويين في الدستور، وكان على واضعي الدستور ان يأخذوا هاتين الحقيقتين معا نصب أعينهم عندما وزعوا الإختصاصات بين السلطات الفيدرالية والأقاليم. فلا يتوسعوا في إختصاصات الأقاليم على حساب الدولة الفيدرالية في العراق بحجة ان الإقليم كان مستقلا من الناحية الواقعية عن المركز. ولا يتوسعوا في إختصاصات الدولة الفيدرالية على حساب الأقاليم بحجة ان الدولة كانت بسيطة ولابد من مراعاة إختصاصات السلطات الفيدرالية، وعليه كان على واضعي الدستور ان يهتدوا إلى حل وسط عند توزيعهم للإختصاصات. الا اننا نجد الدستور قد توسع كثيرا في إختصاصات الأقاليم على حساب الدولة الفيدرالية، مما فاق حتى إختصاصات الولايات في دستور الولايات المتحدة الأمريكية التي نشأت من إتحاد دول كانت مستقلة من الناحية الدستورية والواقعية معا وليس كما هو حال العراق الذي اشرنا إليه انفا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق


.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا




.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي