الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريقُ المصالحةِ الوطنية .. وتكاليفُها

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2016 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


من الظواهر المتكررة في حل الخصومات والصراعات المستعصية بين القوى السياسية العراقية أن تتدخل جهة غير عراقية بين الأطراف وتتوسّط في تقريب وجهات النظر والوصول إلى تسويات ، قد تكون قصيرة الأجل في بعض الأحيان ، ولكنها بأي حال تفتح أبواباً للإستقرار وتقدّم فسحة للشعب أن يركن إلى العمل والإنتاج . تعود أسباب إستعصاء الحل بين تلك القوى السياسية العراقية إلى إنعدام الثقة بينها ، فما تتفق عليه جهة اليوم تخالفه في غدٍ ، بل تخون العهد وتتآمر وتنقلب على الجهة التي إتفقت معها . وقد تكررت هذه الظاهرة مرّاتٍ عديدة في التاريخ المعاصر على الأقل ، ومردّ ذلك أن كل قوة سياسية تريد أن تنفرّد بالحكم وتتصرّف لصالحها وليس لخدمة العراق وشعب العراق . وهكذا فإننا ندور، من عقود ، في دوامة حلقة مفرغة : تأتي فئة وتحكم البلاد بإسم القومية والوحدة العربية ، دون إخلاص أو إيمان حقيقي بالشعارات التي ترفعها ، غير مبالية بالتركيبة السكانية للشعب العراقي المتكوّن من قوميات مختلفة ، ثمّ تأتينا فئة أخرى تحكم البلاد بإسم الدين ، وأيّ دين ، بل مذهبٌ من مذاهب دين ، وهي الأخرى غير مؤمنة بالشعارات التي ترفعها ، بل حسب تجربة ما يزيد على عقد ، ديدنها السرقات والإستحواذ على ما يمكنها من المال الحرام ، غير مبالية هي الأخرى أن شرائح الشعب العراقي تتنوع في دياناتها ومذاهبها .
كثُرت مشاريع الإصلاح ، وعُقدت مؤتمرات ومؤتمرات ، يُنظمها ويحضرها أفرادٌ وجماعات من جميع الأشكال والألوان ، رسمية وغير رسمية ، مشاركة في السلطة أو معارضة ، أو تدّعي الحياد ، وتصدّر بيانات تحتوي بنوداً ومقترحات بل خططاً ، أو تسمّى عند بعضهم خارطة طريق ، ثم يذهب كل شيءٍ أدراج الرياح ، وتبقى الإشكالات والصراعات ، حتى وصلنا حافة الهاوية .
هل عدمت عقول العراقيين من الوصول إلى وسيلة تمنع سقوطنا النهائي ؟ أصحاب المؤتمرات ومشاريع الإصلاح يدعون ، قاطبة ، إلى صلاح الوطن والشعب ، ودعواتُهم ، في الحقيقة ، رياءٌ تخفي وراءها مصالح كل جهة تبغي تحقيقها أو الحفاظ عليها . من هنا نأتي إلى نقطة بداية التفكير في الحل : إيجاد القاسم المشترك بين مصالح تلك الفئات المتصارعة ، سواء كانت تلك المصالح إقتصادية أو إجتماعية أو حتى سياسية . إن عملية جرد عمليّ ، وبأسلوب علمي ، وتحليل مصالح جميع الفئات المتصارعة ، وإيجاد القاسم المشترك بين تلك المصالح يُعتبر الخطوة الصحيحة الأولى في عملية بناء الوحدة الوطنية . إن العملية النضالية التي تبدأ على هذا الأساس توفّر الطمأنينة عند الجميع على مصالحهم ، وتوفر الأجواء لتبادل الثقة بينهم ، وتقرّب بين وجهات النظر ، التي تبدو متنافرة . إن عملية كهذه تكون غالية الثمن ، إذ تتضمّن مساومات حول قضايا قد لا يكون من السهل تفسيرها ، وعلى الخصوص في قضية إصدار عفو عام شامل على أساس " عفى الله عن ما سلف " ، ولكن كل تلك التكاليف يجب إعتبارها رخيصة في سبيل إنقاذ العراق من الدوامة التي تؤدّي إلى الهاوية .
قد ترتقي هيئة من عقلاء العراقيين إلى مستوى يؤهلها لهذه المهمة ، وتحمل أمانة الإخلاص للعراق وشعبه ، ولها من الجرأة والشجاعة والإقدام لفتح الحوار مع جميع الجهات السياسية المتصارعة ، بدون إستثناء ، مستخدمة سلاحها العلمي والعملي لتقريب المصالح والأفكار وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية ، تضع العراق على عتبة عراق جديد معافى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اساطير تتجلبب بجلباب العلم
طلال الربيعي ( 2016 / 7 / 26 - 23:57 )
للاسف او لحسن الحظ ان الجملة:
--قد ترتقي هيئة من عقلاء العراقيين إلى مستوى يؤهلها لهذه المهمة ، وتحمل أمانة الإخلاص للعراق وشعبه ، ولها من الجرأة والشجاعة والإقدام لفتح الحوار مع جميع الجهات السياسية المتصارعة ، بدون إستثناء ، مستخدمة سلاحها العلمي والعملي لتقريب المصالح والأفكار وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية ، تضع العراق على عتبة عراق جديد معافى .-
تذكرني بكتاب العلم السيئ
Bad Science
https://www.amazon.co.uk/Bad-Science-Ben-Goldacre/dp/000728487X
لان هدف الدولة, اي دولة, كما هو معروف, هو ادارة الصراع الطبقي لصالح الطبقات المهيمنة والمتنفذة. فكيف تتحقق (اسطورة) المصالحة بين المضطهِِدين والمضطَهَدين والقامعين والمقموعين؟ والاساطير تتجلبب بجلباب العلم. ان المصالحة هي القناع الذي يضعه ساسة العراق لاخفاء نياتهم الحقيقية في ادامة الفساد والظلم الى ابد الآبدين.

اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة