الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توقعات ما بعد انتخابات العراق

كهلان القيسي

2005 / 12 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


انه يومُ إنتخابات في العراق. وإذا كانت هذه الانتخابات كسابقتها- الإقتراع الدستوريِ في أكتوبر/تشرين الأولِ- فسوف لَنْ نَعْرفَ التشكيلة الجديدة للحكومةِ العراقيةِ إلا بعد بِضْعَة أسابيعِ.
وبالطبع، هذا لَنْ يَمْنعَ الرّئيس بوش من الإعْلان بان الإنتخاباتِ كانت نصرا كبيرا للديمقراطيةِ. رغم ذلك، مثل هذا الإعلان يَسبب أذى كبيراً للديمقراطيةً، لأن الديمقراطيةِ هي أكثر من انتخابات، لأن الدمقراطية لا يمكن أن تكون إلا نتيجة نمو إجماعِ وطنيِ جديِّ —الإجماع الذي يحاول بوش، ولأسباب مجهولة، فعل كُلّ شيءَ محتملَ لتَجَنُّب بِناءه.
وبسبب الحقيقةِ التي اكتسبناها بالمشقةِ ،فإننا يمكننا أن نعبر عن فكرة جيّدة جداً عما يخبئ المستقبل.ومن هنا فإننا نرى أن هنلك مشهدين وهماَ.
المشهد الأول هو: نصر كبير للسُنّة يصل إلى رُبع مقاعد الجمعيةِ الوطنية وتفكك الكتلةِ الشيعيةِ. حيث تَعاني الأطرافُ الشيعية الدينية من الانسحابات الهامّةِ، من المثقفين والمتَعلّمينَ، والشيعة الأكثر علمانيةً، الذين سيَختارونَ بدلاً مِن ذلك الكتلة العلمانية بقيادة رئيسِ الوزراء السابقِ إياد علاوي. وبعد الإنتخابِات، ستَتفكّكُ الكتلة الشيعية كالفئة المتشددة لرجلِ الدين الثائرِ مقتدى الصدر حيث ستَسِيرُ في طريقها الخاص، وهذا سيضعف بشكل كبير حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق. أي إن أغلبية الثلثين في البرلمانِ ُتوزع بين السُنّةِ الدينيينِ، والسُنّة العلمانيين، وعلاوي والأكراد، وستكون بما فيه الكفاية لإجْبار المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقِ والدعوة على الجلوس على طاولة المفاوضات وعندها يُتحدّثْون عن دستور جديد يقوي سلطة مركزية, ,ويعطي دوراً أصغر لقانون الشريعة الإسلامي، و توزيع أعدل مِنْ الإيرادات النفطية. وأخيراً، توافقُ الأطرافُ على محادثاتِ سلام مع المقاومةِ المُسلَّحةِ، تَضْمن وقف إطلاق نار والعْفو عنه المقاتلين وإطلاق سراح للسجناءِ.
الصفقةِ الأساسية،هي إن الحكومة العراقية الجديدة ستَطْلبُ جدول مواعيد لمدة ستّة شهور لإنسحابِ كاملِ للقوات الأمريكيةِ من العراق. وستَأْخذُ الحكومةُ الجديدةُ مكانها في أواخر يناير/كانون الثّاني،، وكما هو مخطط له، ففي فبراير/شباطِ، تدْعو جامعة الدول العربيةُ إلى المرحلةِ الثّانية من عمليةِ السلام التي بَدأتْ في القاهرة في منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني، هذه المرة في بغداد، وستَعطى موافقةَ دوليةً وعربيةَ إلى الإتفاقِ العراقيِ الجديدِ. وسيتعقّبُ الشرطةَ الكرديةَ والشيعيةَ والسنيّةَ بقايا القاعدةِ في العراق طوال الـعام 2006.
المشهد الثاني: لسبب ما، سيُخفقُ المرشّحونُ السنّة في الفَوْز بسهم عادل مِنْ المقاعدِ في البرلمانِ الجديدِ.بينما سيَرْبح التَحَالُف الشيعي الديني — المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، والدعوة والصدريون ربحا كبير —لكن، من خلال عملية تزوير واحتيال كبيرة وذلك بحَشو صناديق الإقتراعِ ببطاقات مزورة بمُساعدُة مِنْ المخابرات الإيرانية، فإن هذا يَكْسبُهم القوَّةَ الكافيةَ لمُوَاصَلَة قبضتِهم على السلطة. والأكراد سيَختارونَ التَحالُف مرةً أخرى مَع الشيعة.
ثم يَبْدأُ الجيشُ الأمريكي بالانسَحاْب من العراق، لكي يمكن الرّئيس بوش من أَنْ يَرْبحَ نقاطَ سياسيةَ في داخل أمريكا، وتَمْلأُ المليشيات الشيعيةَ الفراغَ الذي ستتركه القوات الأمريكيةِ بالتدريج. أما السُنّة، المهمّشينَ سياسياً، فقد اخفقُوا في تَحشيد الأصواتِ الكافيةِ لجَعْل أيّ تغييرات في الدستورِ الذي فَرض عليهم في أكتوبر/تشرين الأولِ من قبل التحالفِ المهيمنِ الشيعيِ الكرديِ. ونتيجة للإحباط والغضب سيَدْعمُ السُنّةَ التمرّدَ بالحماسةِ المجدّدةِ. وسيَتراجعُ الأكراد إلى جيبِهم الشماليِ، ثم إنطلاق المليشيات الشيعيةِ بهجوم وحشي ودامي ضدّ السُنّةِ، والقيام بتَطهير عرقيِ في جنوب العراق، وسينسحب العراق إلى الحرب الأهليةِ المفتوحةِ.و لَيسَ فقط المرحلةُ الثّانية من إجتماع جامعة الدول العربيةِ سوف لن يحصل، لكن العالمَ العربيَ سيُعبّأ في الدفاعِ عن سُنّةِ العراق، وكل من إيران وتركيا سينجران إلى النزاعِ.
أي واحد من هذه المشاهد سيحصل على الأغلب؟ بشكل مخيف، الثاني. في الحقيقة، سَيَكون من المذهل والرائع إذا ربح المشهد الأول.
لِماذا؟ على الرغم مِنْ الحقيقة وطبقاً لكُلّ التقارير، فان شيعة العراق يَضِيقونَ ذرعاً بالإفْساد على نحو متزايد وأصبحوا اقل حماسةِ للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقِ والدعوة وهم النخبة الحاكمة، على الرغم مِنْ الحقيقة بأنّ المقاومةِ (ماعدا القاعدةِ) دَعا لهدنة حتى يُمْكِنُ السنة أَنْ يُصوّتوا مجتمعين اليوم، ويَبْدو من غير المحتملَ بأنّ المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقَ والدعوة ككتلة سَتَسْمحُ بفقدانها السلطة. إنّ التقاريرَ المؤكدة التي تشير إن إيران تَشْحنُ حمولات سيارة شحنَ من البطاقات المزوّرةِ عبر الحدودِ لدَعْم حلفائهم من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقِ والدعوة تُشيرُ إلى إعادة التزوير في الأصوات التي أفسدتْ الإستفتاء العامَ على الدستورِ في أكتوبر/تشرين الأولِ —ولكن على مِقياس اكبر جداً هذه المرة.
آية الله السيستاني، رجل الفتوى العبوس، ظَهرَ من الظلام ليطَلَب من الشيعة أن يُصوّتونَ لصالح الكتلة الأصولية، الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقَ ولوم علاوي على جرائم القتل والابادة في كافة أنحاء العراق، بضمن ذلك محاولة اغتيال علاوي نفسه كذلك هجوم صاروخي على مقرِه في النجف، وهذا يعني إن الكتلة الدينية الشيعية لا يوقفها أي شيء لمَنْع علاوي مِنْ مَصّ أصوات الناخبين الشيعةِ الساخطينِ.
في الأسابيع الأخيرة كانت هناك إشارات بان الولايات المتّحدة مدركةُ بان التصويتُ اليوم من المحتمل أَنْ يجري بشكل منحرف. ويظهر بأنه و للمرة الأولى إن الولايات المتّحدة جادة ُ حول فتح حوار مع المقاومة. السفير خليل زادة أعلنَ انه لا توجد شروط التي يُريدُ فيها الكَلام مع المقاتلين، وهو يتجرع الآلامَ لكي يقَول بأنّ هناك إختلافا بين "الإرهابِ" و“ التمرّد. ” والفضيحة المتكشّفة حول سجونِ التعذيبِ الشيعيةِ ونشاطِ فرقةِ الموت التي تستهدف المعتدلين السنّةِ والبعثيين سُبّبا لهجوم أمريكي على معسكر إعتقال في بغداد هذا الشهرِ، من المحتمل إشارة من الولايات المتّحدة بأنها لَمْ تَعُدْ راغبة لتَحَمُّل إنتهاكاتِ الكتلةِ الشيعيةِ. لَكنَّه قَدْ يَكُون متأخر جداً وتافهَ جداً — على الأقل بقدر ما يتعلق ذلك بالإنتخاب.
فإذا بدأ المشهد الثاني يتكشف فماذا تكون النتيجة؟
في هذه المرحلة سوف لن يكون للولايات المتحدة أية أختيارات جيدة أصلح مما اقترحه السناتور الجمهوري جاك مورثا: أخرجوا وبسرعة، وعلى أية حال، فإن"نصرِ" جورج بوش الذي ما زالَ في البيت الأبيضِ، فإن ذلك غير محتملُ، بسبب أن بوش سَيُقاومُ نداءاتَ قادة الجيشِ الأمريكيِ (حين أوصلوها بشكل شخصي لمورثا) والسياسيين (التي أعلنوها علانية) للخُرُوج. وفي تلك الحالةِ، فإن الولايات المتّحدة سَتَجِدُ نفسها قد غاصت في المستنقعِ، وأَنْها تُضْرَبَ من كلا الجانبين، بدون إستراتيجيةِ خروجِ مطلقاً وبالتأكيد لا “ إستراتيجية للنصرِ. ” من الصعب رُؤية ضوء في نهايةِ هذا النفقِ، بقدر ما يعلن المتفائلون وتاجر السيناريو الورديِ حين يبحثون عن الخياراتِ. كجاس فريمان، السفير الأمريكي السابق إلى العربية السعودية، عندما أخبرَني عن العراق: “ أحياناً، عندما تقودسيارتَكَ نحو منحدر، فإنه ليس هناك خياراتِ جيدة لك في الطّريق إلى أسفل. ”
وكما قالَ هارولد Pinter مؤخراً: إن غزو العراق كَانَ فعل قاطعِ طريق، فعل إرهابِ الدولة الصارخِ، يظهرُ إحتقاراً َ مُطلقاَ لمفهومِ القانونِ الدوليِ. الإحتلال كَانَ عملا عسكريا إعتباطيَا دفعته سلسلة من الأكاذيبِ فوقها أكاذيبِ والتلاعبِ الإجماليِ لأجهزةِ الإعلام وخداع الجمهورِ؛ وهو فعل متعمد لإخفاء القصد لدَعْم الجيشِ الأمريكيِ والسيطرة الإقتصاديةِ على ثروات الشرق الأوسطِ بينما فشلت كُلّ التبريرات الأخرى بَعْدَ أَنْ أخفقوا في تَبرير أنفسهم كمحررين. أي زعم هائل مِنْ القوة العسكريةِ وهي مسؤولة عن موتِ وتشويهِ الآلافِ وآلافِ الناسِ الأبرياءِ.
إنها الحقيقة ولا غيرها.
روبرت دريفوس
مُؤلفُ لعبةِ الشيطانِ: كيف ساعدت الولايات المتّحدة على إطْلاق عنان الإسلامِ www.robertdreyfuss.com..

ترجمة: كهلان القيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ويكيليكس يعلن أن جوليان أسانج -حر- وغادر بريطانيا بعد إبرامه


.. الاتحاد الأوروبي يوافق على فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب ا




.. عاجل|10 شهداء بينهم شقيقة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل


.. اللواء فايز الدويري: إذا توفرت أعداد من سلاح القسام الجديد ف




.. العربية تحصل على فيديو حصري لمحاولة قتل طفلة برميها في مياه