الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الباحث السوسيولوجي المغربي محمد رضوان فاضل يصرح لهداية نت: قمة تونس قد أثارت قضايا سياسية و حقوقية أكثر منها تقنية و تكنولوجية.

محمد فاضل رضوان

2005 / 12 / 18
مقابلات و حوارات


حاورته..منى وفيق


ستستمر هيمنة الولايات المتحدة الامريكية على المجال الجيومعلوماتي باستمرارها في الاستئثار بحق إدارة الأنترنيت عبر العالم

محمد فاضل رضوان باحث سوسيولوجي مغربي و كاتب صحفي متخصص.واحد من كثيرين كان لهم رأيهم الخاص بقمة المعلوميات التي احتضنتها تونس مؤخرا.هداية نت كانت لها هذه الدردشة مع محمد فاضل رضوان.

حاورته : منى وفيق ، المغرب

- في مقال حديث لك أشرت إلى كون القمة العالمية الثانية لمجتمع المعلومات بتونس كانت قمة المفارقات و الكيل بمكيالين, كيف هذا؟

إن كان من تسمية لائقة للقمة العالمية الثانية لمجتمع المعلومات الأخيرة, فهي قمة المفارقات بالنظر لشعور الاستغراب الذي أثاره إسناد تنظيمها لبلد كتونس. فمن المعروف أن هناك معايير محددة تستند إليها منظمة الأمم المتحدة في تحديد البلدان التي ستحظى بشرف احتضان تظاهرات من هذا الحجم بالنظر للمنافع الهائلة التي سيحظى بها البلد المنظم و الأجهزة الحاكمة به على كافة المستويات, و إذا أخذنا المتغيرات الجيوسياسية التي يمر بها العالم بعين الاعتبار و التي من أهم سماتها الترويج الواسع لشعارات الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان من قبل العراب الأمريكي الذي ما فتئ يطالب الدول النامية بضرورة إدخال إصلاحات سياسية على طبيعة الأنظمة الحاكمة بها, فمن البديهي أن يأتي الانفتاح السياسي و السعي إلى ترسيخ أعراف الحرية و الديمقراطية و التداول السلمي للسلطة في هذه البلدان على رأس المعايير المحددة للدول المستفيدة من تنظيم هذه اللقاءات الدولية على أراضيها, الشيء الذي يجعل بلدا كتونس بنعلي التي تمارس – و ليس لها أفضلية في هذا عن مجمل الدول العربية- أبشع أشكال التضييق على الحريات خارج اللعبة, أما ما ذكرت عن الكيل بمكيالين فإن الأمر يتعلق بسياسة الحربائية التي لعبت عليها الأجهزة التونسية في التعامل مع المفارقات الناتجة عن خص نظام بنعلي بهذه الهدية, فاحتجاجات الناشطين الحقوقيين على مشاركة الوفد الإسرائيلي في القمة خصوصا بعد أن لمح السفاح شارون بإمكانية ترؤس وفد بلاده, جوبهت بصورة البلد المضيف الذي لا تصل صلاحياته إلى مرتبة رفض وفد بلد عضو في الأمم المتحدة من تمثيل بلاده في لقاء تحت إشرافها و هي للعلم حجة تدوولت بكثرة للتغطية على مظاهر التطبيع مع إسرائيل من قبل العديد من الأنظمة العربية. أما شروط تنظيم القمة فقد كانت تحمل قسوة ملامح سياسة الأجهزة البوليسية في تسيير الشأن العام من عسكرة مكان انعقاد القمة إلى منع الصحفيين و الناشطين الحقوقيين من ممارسة مهامهم بحرية بل و منعهم من الدخول أصلا كما حدث مع رئيس منظمة مراسلون بلا حدود الصحفي و الناشط الحقوقي روبير مينار.

- أنت باحث سوسيولوجي مهتم بتتبع الظواهر السوسيولوجية و التربوية, هل نضيف أيضا المعلوماتية ؟ أم أن هناك تماهيا بين الاجتماعي و التربوي و التكنولوجي؟

لا يحيل المجال المعلوماتي على ما هو تكنولوجي فحسب بل يشمل كل مناحي التفكير و الحياة الإنسانية, فقد عرفت هذه القمة مثلا مشاركة ما يزيد عن ثلاثة و عشرين ألف من مختلف التخصصات, كما أن اهتماماتي السوسيولوجية و التربوية تضعني في عمق المجال المعلوماتي, فالعالم يتجه باضطراد نحو العصر المعلوماتي و الثورة المعلوماتية أضحت بالرغم من كل شيء أمرا صعب التجاوز لأننا بصدد مرحلة جديدة في تطور الجنس البشري يسميها الدكتور المهدي المنجرة بالموجة الثالثة فبعد الزراعة كان التصنيع ثم الإعلام, لهذا تبدو قراءة الظواهر السوسيولوجية و التربوية بمعزل عن هذا الإطار ضربا من التجاهل غير المبرر لعناصر أساسية في تشكيل الذهنية الإنسانية وصياغة مختلف النماذج الحياتية البشرية. أما قمة تونس فقد أثارت في تقديري قضايا سياسية و حقوقية أكثر منها تقنية و تكنولوجية.

قلت إن تونس يعد من أكثر بلدان العالم تضييقا على مواطنيه ليس فقط على مستوى التعامل مع مجتمع المعلومات بل و على هوامش التعبير و الرأي, فكيف و لم تقام به قمة عالمية للمعلومات؟

إن عجزنا عن التعامل مع هذا السؤال بالذات هو ما جعلنا نسم قمة تونس بقمة المفارقات, فإسناد قمة ذات إشعاع عالمي تتعلق بتضييق الهوامش الرقمية بين الشمال و الجنوب و تكريس حرية النفاذ إلى المعلومات و تداولها بما يعنيه ذلك من تكريس لحرية لثقافة الحرية و على رأسها حرية التعبير و الرأي إلى بلد كتونس تشهد ممارسات نظامه و أجهزته البوليسية على أكبر مظاهر انتهاك الحقوق هو أمر من المفارقة بمكان خصوصا و أن المناخ الدولي و كما أسلفت يسير في اتجاه عزل الأنظمة الاستبدادية و التضييق عليها, في هذه الحالة تصبح كل القراءات ممكنة لأن السياسة هي فن الممكن فكل متتبع لحيثيات السياسة الدولية يعرف أن قوة اتخاذ القرارات و لو كان الأمر يتعلق بأنشطة محتضنة من قبل منظمات دولية هي في يد العراب الأمريكي الذي يغلب لغة المصالح على كل ما عداها من اللغات, الشيء الذي يجعلنا نربط هذه الخطوة بين بالمصالح الأمريكية في المنطقة و هو أمر و إن بدا مفارقا فهو ليس شادا على الإطلاق فدعاوى الدمقرطة التي غلف بها التصور الأمريكي للإصلاح بالوطن العربي و التي وصلت إلى درجة التلويح باستعمال القوة بل و البدء في استعمالها فعلا كما هو الحال بالنسبة لاحتلال العراق و التحرش بسوريا لا تبدو بعيدة عن لغة المصالح ما دامت أولوية التغيير قد أعطيت للدول و الأنظمة المارقة عن فلك الإدارة الأمريكية و المصالح الإسرائيلية في مقابل محاباة و دعم الأنظمة التي تعبر عن استعدادها لضمان هذه المصالح.

- لو طلبنا منك اقتراح دول غير تونس هي الأحق باحتضان قمة معلومات من هذا الحجم. من ترشح و لماذا؟

لا يتعلق الأمر بسلم قار للمفاضلة بين الدول, كما أنه ليس من اختصاصنا كإعلاميين و متتبعين تحديد أمر كهذا, لكن ما يستحق التوقف عنده فعلا هو انخراط المجتمع الدولي برمته في تلميع صورة هذه الأنظمة الاستبدادية ليس فقط عن طريق التغاضي عن جرائمها بل و تمكينها من شروط الاستمرار أيضا في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن ضرورة توسيع هوامش الحرية و التي خصصت هذه القمة إلى لمناقشة بعض مناحيها و علينا أن نسجل أن إسناد أمر تنظيم الدورة الأولى في دجنبر 2003 إلى جنيف لم يطرح إشكالية المفاضلة بين أحقية الدول في احتضان مثل هذه القمم كما لم يثر الأمر استغراب أحد لقد أثيرت إشكالية المكان في حالة تونس لأن الحقوقيين رأوا في الأمر خدمة غير مبررة من قبل المجتمع الدولي لنظام مستبد تمنحه الشرعية للاستمرار.

هل تقول إن قمة تونس فاشلة و لماذا؟

من خلال تركيز أغلب المتتبعين بالدول النامية على ظروف و شروط المحيطة بالقمة بعيدا عن مضمونها يبدو أن منتظراتنا تجاهها لم تكن بالحجم الذي يجعنا نهتم أصلا بنجاحها أو فشلها برغم الشعارات البراقة التي حملتها, فالأمر محسوم منذ البداية بين و لصالح الشمال , ذلك أن أغلب النقاشات التي أثارتها القمة انصبت على مطالبة مختلف الأقطاب الاقتصادية العالمية كالاتحاد الأوروبي و الصين و اليابان بنصيبها من كعكة المجال المعلوماتي من بين براثن الولايات المتحدة الأمريكية المتمسكة بحق إدارة الأنترنيت و الهيمنة على المجال الجيومعلوماتي, أما واقع الجنوب فتعكسه أرقام من قبيل أن 1.2 مليار نسمة أي ما يوازي 20 في المئة من سكان العالم تعيش تحت خط الفقر و أن نحو 850 مليون نسمة هم من الأميين الذين لا يعرفون القراءة و الكتابة الشيء الذي يجعل الشعارات المرفوعة في هذه القمم أقرب إلى ما قد يسمى باليوتوبيا الإلكترونية لأن الدول النامية بحاجة إلى الطعام و الدواء و التعليم أكثر من حاجتها إلى الأنترنيت و لعل خير مثال على لا جدوائية هذه القمم على مستوى البلدان النامية هو فشل القمة الأولى التي عقدت في جنيف في تضييق هذه الفجوة الرقمية, فلحدود الآن لا تضم القارة الإفريقية سوى 3 في المئة من مستخدمي الأنترنيت في العالم كما أن خمس مليارات شخص لم يسبق لهم أن استخدموا حاسوبا و نصف سكان العالم لم يسبق لهم إجراء مكالمة هاتفية, أما أقصى دور قد ترسمه أمثال هذه القمم لدول الجنوب هو تهيئة مجتمعاتها لتصبح سوقا قادرة على استهلاك منتجات اقتصاد المعرفة و استيعاب مختلف متغيرات التجارة الإلكترونية.

كان هناك اعتداء على الطاقم الصحفي البلجيكي في القمة الأخيرة بتونس, ما تعليقك؟

لقد كان من شأن موقف من هذا القبيل أن يضع النقط الحروف في قمة تونس بأن يضع المجتمع الدولي أمام كامل مسؤولياته في التغاضي عن الانتهاكات المتواصلة للنظام التونسي و غيره من الأنظمة الاستبدادية لمختلف أشكال التعبير و حرية الرأي و في مقدمتها حرية العمل الصحفي و الإعلامي, أما بخصوص الأجهزة الأمنية التونسية في هذا الموقف منسجمة بشكل كبير مع خياراتها في التعامل مع حرية التعبير و الراي إذ لا صوت يعلو لا يعلو فوق صوت المنع و التضييق, أما من كان يجب أن يشعر بالإحراج فهو من اسند تنظيم قمة كهذه لنظام بنعلي.

ما رأيك بالنتائج التي خرجت بها القمة العالمية الثانية للمعلومات بتونس؟

كما سبق و أوضحت سلفا, فبالرغم من المتابعة الإعلامية الهائلة لهذه القمم و الشعارات الكبرى التي تحدد سقفا لمنتظراتها فإن مجال تأثيرها ينعكس على مصالح الأغنياء أكثر بكثير مما يصيب شروط عيش الفقراء فالأرقام المذكورة سلفا تؤشر على استحالة تجاوز الهوة الرقمية بين الشمال و الجنوب في الوقت الحالي على الاقل. كما أن العديد من المختصين في مختلف العلوم الإنسانية يرون في التركيز على الهوة الرقمية بين الشمال و الجنوب حرقا للمراحل و تغييبا لمعطيات أكثر قيمة كالتربية و التعليم لذلك لن نكون مجحفين إذا قلنا بأن الهوة لا زالت تعليمية أكثر منها رقمية. أما إذا ركزنا النظر على مصالح الاقوياء فلم تسفر القمة عن جديد, إذ ستستمر هيمنة الولايات المتحدة الامريكية على المجال الجيومعلوماتي باستمرارها في الاستئثار بحق إدارة الأنترنيت عبر العالم تحت ذريعة أنها هي من أسس الشبكة في مقابل عجز الأقطاب الاقتصادية الأخرى عن توسيع هامش نفوذها على الشبكة العنكبوتية و هو صراع موروث من ما قبل القمة الاولى المنعقدة بجنيف في دجنبر 2003 .

- هل ترى أن قمة بل أقول قمم المعلومات القادمة في تونس سترجح أبدا هيمنة راعي البقر الأمريكي على ضيعة الأنترنيت؟

ليس شرطا أن تنعقد القمم القادمة في تونس فالقمة الأولى قد عقدت في سويسرا, أما بخصوص الهيمنة الأمريكية على المجال الجيومعلوماتي فهو ليس وليد هذه القمم فقد سبق للولايات المتحدة الأمريكية أن عارضت بشدة النظام العالمي الجديد للمعلومات و الاتصالات NWIFCO الذي اقترحته منظمة اليونسكو عام 1985 بغاية توزيع موارد الاتصالات و نطاق موجات الأثير بصورة عادلة فكان أن انسحبت من اليونسكو لتغتال المشروع في مهده, أما الأنترنيت اليوم فمن المعروف أنه ضيعة أمريكية خاصة إذ تحتكر مؤسسةICANN الأمريكية التي تمثل الإدارة الأمريكية و الوكالات التابعة لها في مجلس إدارتها مسؤولية إدارة مختلف حيثيات الأنترنيت و التي تأتي في مستهلها الموارد الرئيسية للبنية التحتية للشبكة كمجموعة الحواسيب القاعدية الموكل إليها تنظيم الشبكة و توصيف بوتوكولات تبادل المعلومات عبرها و تحديد أسماء النطاقات مثل:com ,org .. و قد رفضت الولايات المتحدة الأمريكية في القمة الأولى بجنيف إحالة هذه المهمة إلى منظمة عالمية كالاتحاد العالمي للاتصالات كما اقترحت بعض الدول و أقصى ما استطاع الاتحاد الأوروبي و الصين فرضه في القمة الثانية بتونس هو تأسيس منتدى دولي للحوار حول إدارة الأنترنيت.

سابقا و كما قلت أنت جريدة القدس العربي منعت في تونس لأن كاتبا تونسيا صرح بأن مستوى الأدب تراجع في تونس. ماذا لو صرح لاحقا إعلاميون و باحثون و مهتمون بالقطاع المعلوماتي و الإعلامي بفشل هذه القمة المعلوماتية؟
كان هذا مثالا صارخا عن التصور الضيق الذي تحمله الأنظمة الاستبدادية لمفهوم الرأي و التعبير, فالحرية الإعلامية تنتهي عند حدود التطبيل لمنجزات القائد الملهم و
ما دون ذلك من نقد و تعليق فهو من الطابوهات التي تستوجب المتابعة و العقاب أم مآل القمة فهو محسوم أمام الجميع و إن تغنت مانشيطات الأجهزة الإعلامية الرسمية بإنجازات القمة فقد تكون صادقة في أنها نجحت في توفير فرصة لنظام زين الدين بنعلي في ضمان تغاضي المجتمع الدولي عن انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان بتونس. حين انشغل الأقوياء بالتنازع حول ملكية كعكة الأنترنيت فيما الناشطون الحقوقيون السبعة يقتربون من الموت احتجاجا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها