الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بريطانيا والإتحاد الأوروبي 1: بريطانيا، هل هي صاحبة الحق؟

سندس القيسي

2016 / 7 / 28
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


بريطانيا تنسحب من الإتحاد الأوروبي، وهي طالما تحدثت عن هذا الأمر، فهل هي صاحبة الحق؟ وماذا عن المهاجرين؟

إنسانيًا، لا نستطيع أن نختلف مع بريطانيا، فهي تضع أسبابها الإنسانية والأخلاقية فوق كل اعتبار، أو على الأقل، هذا ما يبدو.

وبريطانيا تريد أن تبدو دائمًا بأنها تؤدي واجباتها والتزاماتها. وأنها في كل السيناريوهات المُحتملة قد حضرت نفسها لها. وهي لا تقوم بانتظار أحد، ليخطط لها استراتيجياتها، وتوجهاتها وسياساتها ولذلك من الناحية الوجدانية، فنحن نثق بها،

وربما تكون بريطانيا هي الأقوى أيضًا. وربما نشك في أنها ضحية حقيقية، ونعتقد أنها تريد أن تبدو كذلك أحيانًا. كي لا نعرف حجم قوة بريطانيا العظمى الحقيقي في هذا العالم. فملكة البلاد تجلس على رأس خمسة عشرة دولة كومنولثية، بالإضافة إلى كونها ملكة المملكة المتحدة.

ويكاد لا يكون هناك وجود للبريطاني الساذج، فالبريطاني ذكي، يقرأ الأحداث ويحلل ويختار قناعاته بحرية. لذلك أيضًا، فإن الكثيرين منهم يفهمون ما يحدث حولهم، وما هو الشئ الصحيح الذي ينبغي فعله في كل حالة،

بريطانيا ليست دولة ضعيفة لتستجدي، وهي لا يهمها كل شرائح الشعب، بل تلك الشرائح التي تستطيع أن تعبر عن نفسها بحرية وانسيابية.
وهناك مهاجرون يطلق عليهم وصف أنهم أبيض من البيض، ويعتقدون بأنهم إذا أردادوا أن يكسبوا ود الرجل الأبيض، فعليهم أن يتبنوا قضاياه ويدافعوا عنها، كأنها قضاياهم، لكن كل هذه تكهنات، قد تكون عارية عن الصحة.

والرجل الأبيض لا يريد سماع أي حرف من حروف كلمة العنصرية! فهي غير موجودة في قاموسه، لكن هذا لا يعني أنها غير موجودة على أرض الواقع. إن قصص الإندماج والإندماج الكلي في المجتمع قد تكون قصصًا مسلية وجميلة، وقد يكون فيها معاناة ، كما قد تكون فاشلة. وذلك، ليس لأن المهاجر لم يبذل قصارى جهده، بل لأن مجتمعه متطلب دائمًا وأبدًا، وهو غير قادر على الوصول لمرحلة الكمال من مرحلة ما تحت الصفر بكثير. عليه أن يصل للصفر أولًا، ليكون أقرب للبقية، الذين يتجاوزونه أصلاً، وبعدها ممكن له -من الناحية النظرية على الأقل- أن يسير مع الركب.

إذا كان العرب قد جاءوا من خلفيات اجتماعية محافظة وقد يقال متخلفة، إذا قد نستحق وقفة تأمل صادقة مع أنفسنا لنعيد تقييم أدواتنا الأخلاقية، لكن هذا صعب مع مجتمع، يبدو منفنحًا على السطح، ولا يقف في وجهه شيء. ونحن في الشرق نتصور أن المجتمعات الغربية بلا أخلاق، وفي الحقيقة، فإنهم يهتمون بالأخلاق، لكن أخلاقهم تختلف عن أخلاقنا. أخلاقهم معنية بسعادة الإنسان الآن هنا، فيما أن أخلاقنا معنية بالحياة الآخرة التي سنعوض عنها بالدنيا (الزائفة). لذلك، فإن منظور الرؤية، التي نأتي منه بالأخلاق، مختلف كليًّا عند كل ثقافة، فكأنهما لا يلتقيان.

أما الدين، فهو متلاشي في الحياة الغربية، إذ تكثر الشكوى من خلو الكنائس من المصلين، وقد تكون الثقة في الكنيسة مضمحلة بسبب ابتعاد الأهل عن الدين في التربية، ثم أن المعايشة هي ركيزة المجتمع عوضًا عن الزواج، وتكثر في المجتمع البريطاني ظاهرة الأمهات العازبات، اللواتي يربي أغلبهن أولادهن بدعمٍ من الحكومة، وبهذا تقل ذكوريّة الرجل وسبل تحكمه بالمرأة والعائلة، ويعد المجتمع البريطاني نصير المرأة في كل ما تقرر، ويقف معها ويساندها، دون أن تحتاج أي رجل في حياتها. بل ويعادي هذا المجتمع كل من يؤذي المرأة والطفل. وتعد السيكولوجيا هي الديانة الجديدة للمجتمع، إذ تسن معظم القوانين، بناء على الأدلة السيكولوجية، في كثيرٍ من الأحيان.

وهم المجتمعات العصرية هو أن تُخلْق أجيالًا ملأى بالحياة، خالية من العقد والتشوهات، لأنهم مستقبل البلاد، التي سيبنوها، ولأنهم سيراعون أمورنا في شيخوختنا ويحافظوا علينا كما حافظنا عليهم. بمعنى آخر، مجتمعات كهذه تهدف لإنتاج أجيالٍ شابة، فتية وسوية، تعرف ماذا تريد وتعرف كيف تحققه وتصل إليه.

ولهذا، عندما تدخل المهاجر في المعادلة، فإن الكثيرين منهم لا يستطيعون أن يروا المجتمع الجديد على ما هو عليه، وقد يطلقون توصياتهم المعهودة، ويسمونه هم و نحن . وقد يدخلون في مفارقات ومقارنات، لها أول وليس لها آخر، وإذا لم يستطيعوا أن يفتحوا أقفال المجتمع الجديد، فسوف يظلون على الهامش، إلى ما لا نهاية، وفي المقابل، سيظل يرفضهم المجتمع، عوضًا عن احتوائهم. وهذه حلقة الهجرة المغلقة، والتي يجب كسرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك