الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف المريض وعقدة الكرد

صلاح زنكنه

2016 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


المثقف العراقي (المتمترس عقائديا) مثقف سايكوباثي مثخن بالأمراض الطائفية والعرقية والشوفينية حتى العلمانيين والليبراليين واليساريين والقومانيين منهم , هذا المثقف المنتفخ بالثقافة الانسانية في طروحاته وكتاباته ما أن توخزه بدبوس حتى ينفجرا قيحا وصديدا فهو لا يطيق الأخر المختلف عرقا أو دينا أو مذهبا ويعده عدوا لدودا لا يأمنه ولابد أن يحذر منه ويعد العدة كي ينال منه ويقصيه بل ويفتك به ليجعل منه عبدا ذليلا .
هذا المثقف العصابي الذي أعنيه ليس وليد الساعة أو اليوم وليس وليد المحنة العراقية التي أحرقت الأخضر واليابس منذ تأسيس الدولة العراقية انما هو ابن شرعي لأرثه العروبي الاسلاموي المتعالي كونه سليل خير أمة على الكرة الأرضية قاطبة , هذا الشعار الفج الذي أنتج رثاثة فكرية ورتابة عقائدية وتسطحا في الوعي الجمعي الذي فخم أناهم وقزم الأخر .
هذا المثقف المتعالي يوصم الكرد ( دائما وأبدا ) بالعمالة والخيانة ويشحذ سكين كلماته ليذبحهم على بكرة أبيهم كونهم انفصاليين ويبغون الاستقلال وأنهم (الكرد) يكردون العرب بل ويشروهم ويقتلوهم وأنهم سبب البلاء في العراق وهم من جاء بــ (داعش) الى الموصل في الوقت الذي وصل فيه عدد شهداء قوات البيشمركة الى ثلاثة الاف شهيد ومثله من الجرحى في قتاله البطولي ضد الدواعش وأنا أسأل هؤلاء المثقفين المعطوبين هل سمعتم بمقتل عربي واحد على يد كردي في اربيل الذي يأوي أكثر من مليوني عربي نازح ؟ وهل فجر البيشمركة طوال معاركه مع الحكومات العراقية المتعاقبة خزانا للنفط ؟ أو أعطب محولة كهربائية ؟ هل نكل بجندي أسير أو قتله ؟ كان البيشمركة يحتفظون بالضباط الأسرى حصرا معززين مكرمين لغرض تبادلهم بالمناضلين السجناء لدى الحكومة ولكم أن تسألوا الأسرى الذين أطلق سراحهم دون قيد وشرط والبعض منهم رفض العودة الى دياره ليتجنب المسائلة الأمنية وويلات الحرب وكم من عائلة جنوبية زارت ابنها الأسير في جبال كردستان ليطلق سراحه فورا اكراما لأبويه , وكم من المناضلين العراقيين الذين ضاقت بهم السبل فالتجأوا الى ملاذات كردستان ليقارعوا الدكتاتورية أو ليجعلوها محطة للعبور الى أرض الله الواسعة .
فاذا كان اليهود هم شعب الله المختار حسب التوراة فأن الكرد هم شعب الله المحتار المحتار بمصيره الذي تلاعب به الآخرون عبر التاريخ , الكرد الكردوئيون الكردوخيون الكرمناجيون أحفاد سلالة ميديا حسب التسميات الاشورية ومؤرخي العرب هم الشعب الأوحد الذي يربو نفوسه على أربعين مليون نسمة بلا دولة وطنية والتي قسمت بين الأوطان والدول والكيانات الجغرافية التي استحدثت في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ( تركيا وايران والعراق وسوريا ) حيث يقطنون في أراض شاسعة تقدر بــ ( 400 ألف كم مربع ) وهي أوسع جغرافيا من مساحات كل من بريطانيا وسويسرا وبلجيكا وهولندا والدنمارك مجتمعة ولذلك تجد في قلب كل كردي ثمة نصب تذكاري للألم مجبول من الدمع والدم والقهر ... والكرد الذين غالبا ما يرطنون في العربية جعلوا لمفردة ( الانفال ) اشتقاقات نحوية – انفل يؤنفل مؤنفل – حتى ان امرأة كردية تجرأت وجهرت قائلة ( حبذا لو رفعتم سورة الانفال من القرآن كي لا نأنفل ثانية ) وضحايا الانفال تجاوز ( 180 الف شهيد ) خلال أشهر وجيزة أما فاجعة حلبجة ( خمسة الاف شهيد ) خلال بضع ساعات فهي جريمة ابادة جماعية بحق هذا الشعب المسالم الأعزل وكأن الله كان في غيبوبة ولم يرسل طيره الابابيل لنجدة مخلوقاته وهي تستنشق عطر التفاح المسموم من غاز الخردل وتشهق وتموت دون معونة عزرائيل الذي أحتفى بهذا الكرنفال منبهرا من حذاقة البشر الملاعين الذين يتفننون بوجبات الموت السريع .
لقد علمونا أهلنا الكرد منذ الصغر أن الحياة بلا كرامة هي حياة بائسة رخيصة وأن الموت بعز خير من العيش بذل , وأن الله خلقنا سواسية كأسنان المشط , فلا غالب ولا مغلوب , وأوصونا اياكم ان تطأطئوا رؤوسكم لأحد , ولا تغفروا لمن يستحقركم وقاتلوا من يقاتلكم , ولا تصبروا على الظالمين فظلمهم يدوم ان سكتم ويجعلوكم عبيدا وان كنتم احرارا , وعليكم ان تسبقوا الموت إذ الموت دهمكم من قوم يستخفون بحياتكم ويسوقوكم الى حتفكم بكرة وعشية .
وحفاظا على كرامتنا وشرفنا وحياتنا صرنا عصاة متمردين ومقاتلين شرسين ضد كل من يحاول اذلالنا وبطشنا وكسر شوكتنا , صرنا مقاومين دفاعنا عن وجودنا صرنا بيشمركه فدائين (مواجهين الموت) حتى نبعد شبح الموت عنا حبا بالحياة .
أذا كانت الشعوب العظيمة تفخر وتعتز بجنودها وجيوشها ومقاتليها فأن الكرد يقدسون البيشمركه ويحتفون برمزيته العالية كونه المعادل الموضوعي لكينونته .
هكذا علمونا الآباء والأمهات , علمونا ان نكون بيشمركه لأن الغزاة لا يرحمون كون البيشمركه صناع سلام وليسوا دعاة حرب .
وأخيرا أود ان أقول بأنني لم أرتدي رداء الهوية الكردية في الشارع الثقافي بل كانت الهوية العراقية هي ثوبي الحقيقي الذي ضاق على الكثير من المثقفين الذين تخندقوا بالهويات الفرعية الفضفاضة وراحوا يفحون كما الأفاعي ويبثون سمومهم بين ثنايا سطورهم الوسخة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي