الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايا جدو أبو حيدر -10-

كمال عبود

2016 / 7 / 29
الادب والفن


الشيخ اسماعيل ( فسيفساء الحكمة )
الدرس الثاني...
*****

حضورُه بَهي ..
حديثُه طَري ..
كلامُهُ هَنيْ ..
مجلسُه مجلس صفا ...
عهده عهد ألوفا ..
يأسرُ المرءُ حضوره ..
يضيقُ الصدرُ لغيابه ..

تسألُهُ لماذا نتشوق إليك وقد رأيناكَ بالأمس ...؟
يُجيب: أنا أيضاً أحس بأنني أضعتُ شيئاً إذا غبتُ يوماً أو يومين .. ثُمَّ إِنَّ هذا واجبٌ على المرء ... واجِبٌ عَلَيْهِ أن يتفقّدَ إخوانه .. هذه خاصيّةُ المؤمنُ .. صِفةُ الإنسان ..

ثُمَّ قال َ شعراً :
فَتَفَقّدِ الإخوانَ إنَّكَ إنَّما .. تدنو إلى الرحمن بالإخوانِ

أن يتحملُ التعب مشقَّةَ السفر وينْفِقُ من ماله القليل أصلاً كي يهدي ويتفقد الأصحاب والمعارف ويقولُ لي : لقد تأخرنا عن زيارة فلان .. أو فلان .. هذا تقصيرٌ كبير ، ربّما يَكُونُ محتاجاً لنا ..؟
أقولُ : ولكن لم يزّرْك فلان أو فلان ..
يردُّ عليّ:
هل من الحكمة أن تقاطع الآخر ...؟
الخطأ لا يُعالَجَ بالخطأ.

***** ***** *****

إذ نجلس تحت شجرة التوت الكثيفة الظلال عندها يطيب الحديث ويتشعّب... هذه المرّةُ ينزل عصفورٌ جميل الشكل ، يتقافزُ حولنا ... يقفز ابن الجار ، يحاول الإمساك بالعصفور ، تفشل محاولاته ويرجع خائباً ...
قال الشيخُ : لا تعلّموا اولادكم أمثالاً خاطئة ، وأردفَ :
المثل يقول : عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة.

هذا المثال عين الخطأ ، حتى بالمعنى المجازي ليس صحيحاً ...
العصفور باليدِ ، مُقيٌد .. فاقد للحريّة .. هو باليدِ لك وحدك ، وهو على الشجرة للجميع ... صوتُه في بيتكَ لك ، ونشيده خارجاً للجميع
الحكمة تقول : إِنَّ عصفوراً على الشجرة خير من عشرة بين يديك.

***** ***** *****

( العَينُ بالعينِ والسنُّ بالسنِّ )
ما رأيكم ياسيدي ...؟
قال: المنطِقُ شكلياً صحيح ، لكنّ المثل ناقصَ الحكمة ..
ليس إقامةَ الحدِّ صحيحاً
قلتُ : المثلُ ثقافة وتجربة وخلاصات، تتجه نحو العدل ..؟
قال : العدل طريق نحو الحكمة ...
قلتُ : اشرح أيضاً ..
قال: العدل يقول : إذا فقأ أحد عينك وردّدت عَلَيْهِ بفقئ عينه هل نكون أقمنا العدل ..؟
الحكمة تقول : إذا خسرنا عيناً أقرب الى الحكمةِ من خسارة عينين
قلت : العدل أن تعفو ...؟
قال : الحكمة أن تعفو ... وإن لم تستطع أن تقبل عذراً خذ فدية و اجعل أحداً يأخذ بيد هذا الجاني الى طريق الخير...
الحكمة تقول : العفو عند المقدِرة

***** ***** *****

السيُّد المسيح قال : من ضربك على خدِّك الأيمن ، درْ لَهُ الأيسر
ماذا تقول في ذلك ...؟ أهو غفرانٌ للقاتل .. أَمْ ذِلٌّةٌ له .. أم جبنٌ وقبولٌ بالإهانة؟

قال: لا يّفهم الأمر هكذا...
قلتُ : كيف...؟
قال : ضربك لأنّك لم تكنْ معهُ عادلاً...
ودر له الأيسر إذا لم تعدل معه ثانية...

نعم هو غفران للضارب ، ليست ذِّلة ولا إهانة .. وهو اعترافٌ أنَّ لَهُ سبباً ... هو أنتَ ... كي يضربك؟

فقلتُ : قال أحد الأدباء : لو ضربني ثانية على خدي الأيسر .. كنتُ جباناً اذا لم أطلق عليه النار لأنُّه تمادى في الضرب..

قال : عندها تكون إنَّكَ أخطأت معه ولم تعدِل للمرّةِ الثانية ،
الحكمة تقول :
العدل شمسُ الحكمة

***** ***** *****
رأى السيُّد المسيح رجلاً يعرفهُ ويعرف أنّ له أخاً يُخاصِمه ، وكان الرجل يحملُ خروفاً ..
قال للسيّد المسيح : يا مُعلِّم ، إني ذاهبٌ أقدِّ مُ هذا القربان ..
قال المُعلِّمُ : دعِ القربان ، واذهبْ وصالح أخاك
قال الشيخ اسماعيل : الحكمة ، تقول :
صالحوا أنفسكم وأخوتكم

***** ***** *****
أعتقِدُ أنني أصبتُ حين رافقتُ هذا الحكيم
أجزُمُ أنَّ زهرةً فَوَّاحَةَ الرائحةِ ، عطره ، نبتتْ واستسقتْ من رفاة جسدهِ الطاهر...

*****
اللاذقية، القنجرة، 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي