الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إتحاد عراقي للحريات المدنية

سجاد سالم حسين

2016 / 7 / 29
دراسات وابحاث قانونية


ربما سنعتمد كثيرا على تجربة معينة هنا هي التجربة الامريكية في حرية التعبير ونشير مقدما ان حق التعبير كما يعلمنا تاريخ القانون وصل الينا عن معطى واحد فقط لاغير هو نضال المجتمع المدني ضد السلطة, في كل مكان وفي كل تجربة بارزة وامريكا ليست استثناء.
السؤال الجوهري هنا هل بالإمكان اذا كان طموحنا إقرار حق حرية التعبير مناهضة الحكومة فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي رغم أهميتها؟ إن عدم بلورة المفاهيم والاجابة عن أسئلة ملحة يترك هذا الفضاء خالياً للحكومة والحكومة أي حكومةاقرب للانتهاك وتأبيد سلطاتها من الاخذ الطوعي بمفاهيم حقوق الانسان والحريات الأساسية من هنا تبرز حاجة ملحة لتأسيس اتحاد عراقي للحريات المدنية ( او اي تسمية أخرى ) يكون هو راعي وحارس قيم الحرية في المجتمع العراقي, يبدو هذا المفهوم والوظيفة مستنسخة بالكامل من الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ACLU حارس الحريات والحقوق والقيم المدنية في أمريكا وهذا لا يمنع الاستفادة من هذه التجربة كثيرا ولا يمنع من شطب بعض مهام التجربة الأمريكية (حقوق المثليين والمتحولين جنسيا والاجهاض مثلا ) والمقارنة ان كانت في أي علم معيبة فهي في القانون ليست ذلك, بل ان القانون يدور في حلقة مفرغة دون مقارنة والاستفادة من نظم قانونية أخرى. وهذا ما يعرفه رجال القانون جيدا فلا تصادف أي بحث قانوني او أطروحة او كتاب بلا مقارنة , لا تجد ذلك مطلقاً.
الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية American Civil Liberties -union- منظمة غير ربحية تعمل على ضمان أمن وحريات الأمريكيين المكفولة دستوريا من خلال حملات المناصرة والاحتجاجات والتمثيل القانوني تأسس عام 1920 ويضم في عضويته اكثر من 500000 مواطن مع العلم انه بدأ من حلقة نشطاء صغيرة ويعتبر بمثابة اكبر منظمة تضم محامين والمنظمة الأكثر في عدد الدعاوى والقضايا امام المحكمة العليا في الولايات المتحدة الامريكية فهي توظف حوالي 100 محامي وتتعامل مع 2000 محامي متطوع وتمثل 6000 حالة سنويا امام المحاكم.
هذا الاتحاد في تعامله مع القضايا يأخذ القضايا الإشكالية او المثيرة للجدل فهو على سبيل المثال دافع عن منظمات أمثال الكوكلكس كلان والنازيين الأمريكيين وجماعة امة الإسلام المتطرفة وينطلق من فلسفة مفادها انها لا تدافع عنهم لانها تتفق معهم ولكن الدفاع يكون عن مبدأ اسمى هو حرية التعبير او حرية التجمع وتاريخيا تقول المنظمة ان الاشخاص الذين تكون ارائهم اكثر جدلا هم الاكثرعرضة لانتهاك حقوقهم, فاعطاء الحق للحكومة بانتهاك حرية التعبير لشخص واحد معناه إعطاءها القوة والحق لانتهاك حق التعبير للمجتمع كله, تنتقي المحكمة الدعاوى ذات الأثر الاجتماعي والقانوني الكبير والتي بإمكانها ان تصبح قضية رأي عام و تفتح افاقا سياسية ومجتمعية جديدة للتعاطي مع حرية التعبير وترسي مبادئ قانونية جديدة تدعم هذا الحق, وهذه السياسة يعرفها الوسط القانوني في أمريكا حق المعرفة حيث هنالك تصريح لقاض امريكي كبير " أن نظامنا الذي يتسامح مع خطاب حاقد ضمانة لمنع ظهور أي نظام نازي في هذا البلد ", لكن هذا لا يعني ان أي خطاب ممكن التسامح معه اذا كان يخيف او يهدد شخص ما على ان يكون هذا التهديد قائم ووشيك وفعلي فمثلا دعوة شخص لدولة إسلامية في لاس فيغاس لا يمكن ان يعتبر باي حال تهديد جدي وواقعي ينبئ عن خطر وشيك!.
نجح الاتحاد الأمريكي في كسب قضايا مهمة امام المحكمة العليا الامريكية عن كل ما يمكن ان تتضمنه حرية التعبير, والقرارات القضائية التي مثلها الاتحاد ودافع عنها امام هذه المحكمة مثل القرار الذي صدر العام 1969 حيث اقرت المحكمة حق طلاب الجامعات ارتداء شارات سود للتعبير عن رفضهم للحرب الفيتنامية وقرار عام 1989 حيث الغت المحكمة الامركية العليا حظر "تدنيس العلم الأمريكي" واعتبرت ان ممارسات حرق العلم هو شكل من اشكال التعبير السياسي بعد ان حكمت المحكمة بالسجن على محتج لحرقه العلم الأمريكي عام 1969, فتحت هذه القرارات أبواب واسعة للفن والمسرح باستخدام المضامين التعبيرية دون قيد او شرط او خشية من انتهاك او حظر الحكومة الامريكية لهذه الاعمال.
ومن اهم الانجازات المهمة للاتحاد امام المحكمة العليا الامريكية:
- الافراج عن مئات المسجونين بسبب ارائهم السياسية المناهضة لدخول أمريكا في الحرب العالمية الأولى عام 1920.
- رفع الحظر بقرار من المحكمة عن رواية عوليسيس للكاتب الأمريكي جيمس جويس عام 1933.
- رفع الحظر عن الاجتماعات السياسية للنقابيين العمال التي فرضتها مدينة جيرسي وقالت المحكمة ان هذا الحظر اجراء متطرف ضد العمال ويناقض حرية التجمع المكفولة دستوريا 1939.
- اعتذار الكونغرس رسميا عن إجراءات المتابعة والاعتقال التي فرضت ضد اكثر من 100000 من الأمريكيين ذوي الأصول اليابانية عام 1942.
- نجاحها في حظر تدريس نظرية الخلق التوراتية كبديل عن نظرية التطور في ولاية اركنساس حيث حسمت المحكمة قرارها بعد منازلات قضائية كثيرة بانها دين لا علم ولا يجب ان تدرس في دولة مدنية كامريكا عام 1981.

وما زال الاتحاد مستمرا ففي العام 2004 نجح في كسب قرار من المحكمة بإقرار حق من تعرض للتعذيب في السجون الامريكية بالتعويض حتى لو كان هذا التعذيب خارج أراضي الولايات المتحدة الامريكية.

طريق نيل الحقوق في بلد كالعراق طويل وشاق لكن اتحاد كالاتحاد الأمريكي او أي صيغة أخرى هو تحالف بين مثقفين ومفكرين وحقوقيين وصحافيين وادباء وفنانين ونشطاء مدنيين يمكن ان يكون حصن عراقي ضامن لاي انتهاك من قبل الحكومة بالضغط وتحشيد الرأي العام والمحاكم.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان وأزمة اللاجئين السوريين.. -رشوة- أوروبية أم حلول ناقصة


.. وقفة لرفض اعتقال ناشط سياسي دعا لا?سقاط التطبيع مع الاحتلال




.. الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بحماية استقلالية المحكمة الجنائية


.. مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون بتل أبيب للمطالبة




.. ميقاتي: الحديث عن رشوة أوروبية للبنان من أجل إبقاء النازحين