الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرشد السياحي : حكاية مهنة تحتضر

مصطفى محمد مهران

2016 / 7 / 30
الحركة العمالية والنقابية


ما زلت أتذكر ذلك اليوم الذي توجهت فيه الى وزارة السياحة لاستخراج كارنية الارشاد السياحي ، لقد سهرت حتى الرابعة فجراً ، حيث استطرد فكري الى المستقبل المنتظر ونمت أحتضن الآمال منتشياً بمعنوياتي التى كانت تجوب السماء . لقد تأخرت في النوم وألقيت نظرة علي الوقت فوجدتها الثامنة والنصف - فقد كان عليّ السفر ما يقرب من اربع ساعات من المنيا إلى القاهرة - لم أيأس ووصلت في تمام الثانية ، وهناك قابلني موظف قصير القامة ، أسمر اللون ، أشعث الشعر ، تفوح منه رائحة كريهة ، ويتصبب منه عرق العمل ، وقال لي متجهماً "خلصنا" ، فتوجهت الى المديرة التى بدورها أشارت إليه بقبول أوراقي.
بعد استلامي الكارنية ، لم تكن هناك سياحة ثقافية في مصر ؛ فالقاهرة مليئة بأحداث الشغب ، والأقصر وأسوان يستقبلا الوفود الآتية من القاهرة ، فاضطررت الى العمل بالسياحة الشاطئية ، أقللت أتوبيساً وتوجهت إلى الغردقة ، وفي الطريق استوقف الأتوبيس كميناً للشرطة ، فهبط الركاب جميعاً للتفتيش وبقيت أنا في مقعدي ، صعد إلىِّ أمين الشرطة وخاطبني"منزلتش لية" ، لم أتفوه ببنت كلمة وأشهرت له كارنية النقابة ، فأطل على الكارنية ونظر قائلاً "اتفضل يافندم".
تلك هي المرة الأولى والأخيرة التى أذكر أننى استخدمت فيها فيتو الإنضمام إلى نقابة المرشدين ، فالأحداث السياسية متواترة فمن 25 يناير الى أحداث محمد محمود ، إلى فض رابعة ، وبالون أسوان ، وانقلاب أتوبيس شرم الشيخ ، وكوارث الطائرات المؤخرة ، أضف الى ذلك أحداث سيناء المتتابعة والتي لم تنته بعد.
وفي أثناء ذلك تخللت بعض الطفرات في السياحة الشاطئية ، وخصوصاً في شهور الصيف ، لكن لم تنس الشركات الأجنبية دورها حيال المرشدين ، فاستوردت عمالة أجنبية لا حصر لها فلا قانون رادع ولا مسئوول مانع ، أضف الى ذلك أرباب الواسطة من خريجي الألسن والتربية والتجارة ، فالبلد "واقفة" والبطالة منتشرة ، والعمل بالسياحة أساس المحسوبية ، فدبلوم الواسطة أفضل من أي شهادة تفتقدها.
ونتيجة لذلك ، لم يجد هذا الجيل أمامه سوى السفر ، ومنهم من عمل بمهن حرة ، ومنهم من اكمل دراسته للماجستير للحصول على وظيفة حكومية - جراء قرارات تعيين أرباب الماجستير والدكتوراة - ومنهم من ينتظر، أما عن قدامى المرشدين ؛ فمنهم من باع سيارته ، ومنهم من باع فيلته الخاصة ليأوي الى شقة صغيرة ، بل منهم من أشهر افلاسه.
ولكل مهنة نقابتها ، وعندما يتعرض أرباب المهنة لمحنة تقف نقابتهم لتنبش المشكلة ، وتبحث أسبابها ، وتحرك أبواق الاعلام ، وتطرق أبواب المسئولين ، وتقدم كل الحلول الممكنة للخروج بأبنائها من هذة الأزمة.
وجراء كل تلك الحوادث السابقة ، وما عاناه المرشدين السياحيين طوال أعوام عديدة ، نهضت نقابة المرشدين لتعويض أعضائها عن كم الخسائر الضخمة التى تعرضوا لها ، وأعلنت عن توفير مبلغ مليون جنيه يوزع على أبنائها من المتضررين. وحسبنا أن نعلم عدد المرشدين الذي يفوق 15000 مرشد ، أما عن العاطلين ما بين 13000 الى 14000 مرشد ، أى أن نصيب الفرد من المتضررين حوالى 75 جنيه مصري ، علماً بأن يومية المرشد السياحي الأساسية تساوي أضعاف أضعاف تلك الجنيهات ، كما أن اشتراكات المرشدين وحدها لدى النقابة سنوياً تفوق هذا المبلغ المقدم كدعم منها إبان أكبر أزمة تعرض لها المرشدين السياحين منذ بدء صناعة السياحة في مصر.
جدير بالذكر أن نقابة المرشدين تصرف شهرياً 200 جنيه معاشاً للعضو ، وهناك دراسات ومحاولات لزيادة المعاش حتى يكون 400 جنيه لكن عندما "تستقر أمور البلاد" ، ليكن لسان حال كل مرشد في تلك الأثناء "أليس منكم رجلٌ رشيد".
وختاماً ..
فاننا نناشد المسئولين ووزراء الثقافة والسياحة والاثار بحث أزمة المرشدين السياحيين وتعويضهم التعويض الملائم لمكانتهم عن سنينٍ عجافٍ ، وإنشاء المجلس الأعلى للسياحة لبحث مشاكل السياحة في مصر ومن بينها أزمة المرشدين السياحيين ، فسفراء الوطن أحق بحنوه ولترحموا عزيز قومٍ ذل.
د.مصطفى محمد مهران








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لإلقاء القبض على محامية تونسية.. الشرطة تقتحم نقابة المحامين


.. تونس.. الا?من يقتحم مقرا يتبع نقابة المحامين لتوقيف محامية




.. تونس.. نقابة الصحفيين ومنظمات حقوقية تبحث تراجع الحريات الصح


.. عاملونا كالبشر..رئيس بلدية رفح الفلسطينية لـ دول العالم: لا




.. مخاوف من تفاقم أزمة البطالة في أوكرانيا بسبب قانون -التعبئة