الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-بويفيذاحن-

عذري مازغ

2016 / 7 / 30
الادب والفن


"بويفيذاحن"

يسكنني لغم من الأحزان في هذه الغابات الحارقة، الموحشة، تتكبدني خصاراتها كأنما أنا الواقف على ذرة الماء الذي يسقيها في خريفها المبهج، العتي، الذي يستنزف قوتها ويلقيني في عتبة سقمها، كأنما أنا من يحضن صبيبها المطلق لأني فقط هناك شاهد عيان ك"بويفيذاحن" ذلك الرجل لا تنفذ الأشواك إلى قدميه، ذلك الرجل الذي يبتسم للضفادع في هيأة آدمية، تخفي أزرار مدنيتها كالحرباء تخيفها سكينة التوحش، بهجتها الخرقاء تحملني فوقا إلى الطلق كي أشرب نخبها: "نخبكم يا أيها الذين بوجودكم تصبح الحياة أكذوبة روعاء ".
لكن الذي يحملني كثيرا من الأحقاد بشكل وازن هي لجة هذه المواسم التي نفقدها كل يوم، مواسم العمل البهيج حيث كان لنا في النضال لذة الكفاح المقدس، تلك الخوالي من الأيام الجميلة التي بعناها تحت سذاجة "تاحنصالت" بجبل عوام، تلك المرأة التي احتضنت أسطورة "إيمزيلن" في خصرة "الواسعة"، كانت ترعى غنما يصاب في كل مرة برعشة الجن في "بويكنوزن" أو "تيحونا" الخالدة بسمومها المجهولة.. كانت تلك السموم أخف وطاة من سم صاحب الأزرار الحربائية، تلك الكائنات التي تجد متعة فذة في الكذب، تحمل قاموسا متكاملا من المزايا في تمرير خرافة "أوشطوبان" القادم من أبجديات الصحاري ليعلمنا نوعا من الوطنية: "أن تدوس على الوطن وخرافاته الجميلة"، خرافة في فن الإستثمار، الوحش الآخر الذي كلما انتفخ، أضحك "بويفيذاحن" الذي دوما كانت تسكنه علامة التعجب في أن ينفجر الوحش انتفاخا، لكن في الحقيقة لم ينفجر بعد وحش أوشطوبان، وما زال "بويفيذاحن" يبتسم من التعجب كيف لم ينفجر وحش خرافة الإستثمار .
المستثمر النبيه هو من يستثمر غباء "بويفيذاحن"المنجذب لمتعة الإنفجار حين يكتسح عشرات الأمتار في صلب الحجر، في ما المستثمر النبيه كان يثير فينا، في كل مرة يطل في الإعلام المخزني، سحابات من الكآبة.
المستثمر النبيه هو فقط الذي يكذب دون حرج، يغرد أكاذيبه للصفيق ممن انتخبناهم لينوبوا عنا على الرغم من أننا ومنذ زمن بعيد انطفأت لجة مواسمنا الجميلة وانطفأت معها لذة الكفاح، غابت في جبل عوام حميمية النقاشات السياسية النقابية وحضرت هيأة الغول تثير خرافة من الأهوال، تحولت ملاحم النضال النقابي إلى ملاحم زردوية لصالح أحزاب أعياها التسول، أحزاب تجرنا كل يوم إلى الإستشهاد بخرافة أجمل من وطأة "أوشطوبان"،، خرافة "الديموعرابية" في تجديد الولاء، ولاء افتقدنا في حسنا التاريخي بميل كبير نحو وطاة التاريخ الآخر الذي استلهمناه بحس شاعري، استرجعنا مقامات العشق عند العباسية عروس البلاط، تاريخ رنيم اللغة الذي أخفى تلك المرارة القحة التي التحسناها منذ الصغر، ليظهر وجودنا لوعينا المسلوب أقحوانا فذا..
في المغرب الجميل للغاية، لغاية صاحب الأزرار التي ينتظر "بويفيداحن" انفجارها حين تنتفخ كائناتها، لم يكن العمل المحترف عند "بويفيذاحن" أكثر من مكر مضاعف، كانت الطبقة العاملة التي خرجت لتوها من الرعي وممارسة الحصاد الموسمي قد وجدت في العمل المنجمي المأجور مزايا أكثر توهجا، تعويضات اجتماعية هامة لا يعلم "بويفيذاحن" من أين أتت ومن ناضل عليها، ولم يكن يوما تاريخ الحصاد البدوي، العمل الموسمي لقوافل الرعاة، لم يكن يوما يحفل بها بشكل رأى أن وجودها في المنجم ليس سوى مكرا للتاريخ، ذلك التاريخ الذي تقاسمناه مع الجراد بشهادة "بويفيذاحن" نفسه: "في عام "اللبو"، أتذكر أننا نشعل النار في "الدوم" أو الحلفاء، المليئين بالجراد لنأخذ حصتنا الغذائية من الحصاد، التي تحولت إلى طاقة غذائية في الجراد، كنا نشويه ونأكله بدون ملح ..”.
كيف لآكلي الجراد مثل "بويفيذاحن" الذي لا ينفذ الشوك إلى قدميه، أن يستوعبوا فلسفة الطبقة التي أبهجتنا بأن على يدها تأتي اليوثوبيا الجديدة؟؟.
عندما هاجرت إلى إسبانيا، كان العامل المغربي في بهجة المواسم الإسبانية قد استرد لحن أغاني الحصاد المغربي، يعمل أكثر مما يجب استسباقا لنفي طبقة من لحمته في إسبانيا التي ألفت مزايا ما قبل الحصاد البدوي بأكثر من قرن، ليرضي فقط مشغله الذي لا يتقن لغته حتى، تلك اللغة التي هي مفتاح "الخمامات" عند البشر، لن يعرف "بويفيذاحن" مهما عاش، عالم قارة عشماء كهلت بالتمدن، لن يعرف يوما، لماذا في مملكة أخرى، يحدث انقلاب عسكري لتأبيد سلطة الملك في الحكم وينتفض الملك هذا ضد الإنقلاب الذي يجله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي


.. «محمد أنور» من عرض فيلم «جوازة توكسيك»: سعيد بالتجربة جدًا




.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR


.. الفنانة نجوى فؤاد: -أنا سعيدة جدًا... هذا تكريم عظيم-




.. ستايل توك مع شيرين حمدي - عارضة الأزياء فيفيان عوض بتعمل إيه