الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة إلى الشمال : في طريق الشمال : ما يجمعنا هو الوطن

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2016 / 7 / 30
الادب والفن



بعد يوم متعب في مدينة الرباط، تخللته تسكعات طالت المدينة القديمة ومدينة العرفان لقضاء بعض الأغراض الإدارية، لم أدرك حتى وجدت نفسي متجها صوب الشمال، إنه يشدني إليه شدا، لقد جمعت حقائبي هذا الصباح وغادرت مدينة بنسليمان رفقة صديقي نور الدين، اقلتنا سيارة جميلة في اتجاه الرباط، لا يمكن نسيان النسيم العليل الذي داعب وجوهنا عبر النافذة . كانت السيارة تزحف بين غابة الفلين وتخترق الحقول والتجمعات السكنية بصمت واحترافية عالية حتى وصلت إلى الطريق السيار، هناك تدحرجت بلا عودة أو رجوع. في هذه الطريق لا يمكن الرجوع في الاتجاه المعاكس، عليك الا تمضي إلى الخلف أو تلتفت، إنه محكوم عليك أن تسير إلى الأمام، في حدود الساعة الثالثة وادي أبي رقراق ماض نحو البحر في ضجيج صامت، وعند الثالثة والنصف غابة المعمورة فقدت وحيشها، في مسار الحافلة الذي يختزل الحياة داهمني نوم لذيذ، حتى أيقظتني شمس افلة قرب مدينة العرائش، دوي الركاب يصدح من حين لآخر، في مقدمة الحافلة كان ينعب طنجاوي وكازاوي، واحد يقول للآخر : "نحن أحسن منكم، نحن أكثر تحضرا منكم "، همس إلي صديقي عبد الرزاق مبتسما : " أنظر يا عبد الله، أنت الذي تقول الدولة الحديثة، أنظر إلى القبلية والجهوية والمناطقية، إنها هاجس مريض يسكن المغاربة، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، فهو لا يحكم العوام وحسب، بل يحكم النخبة السياسية، و توزيع المناصب خاضع للمحاصصة المناطقية"، حقا ما قاله عبد الرزاق، إن المغاربة لم يتشربوا الوطنية المغربية، لأنه بعد مرور أكثر من ستين عاما على الاستقلال عرف المغاربة أن الوطنية استفادت منها النخبة الفاسية وحدها، ولم يستفد منها عموم الشعب وإن المغاربة قاطبة ناضلوا بدمائهم في سبيل الوطن. الوطنية المغربية هشة، لأنها لم تتأسس على الديمقراطية في توزيع الثروة، وتوزيع الرأسمال الثقافي، وعلى العدالة الاجتماعية، لذلك عادي أن يهيم فكر العوام مشيطنا بعضه البعض، لأنه فكر محدود، الكازاوي أو الطنجاوي لا يرى في الآخر مواطن يجمعهما الوطن -المغرب قبل العرق، المنطقة، الدين...ويجب النضال لكي يستفيد الجميع من خيرات الوطن بكل ديمقراطية عوض أن ينهش المغاربة بعضهم البعض. المغرب واحد بتعدده واختلافه . لكن المهم هو الوعي بالاختلاف وتقبل الآخر المختلف، فأنا متحد معه في وطن واحد، وما يجمعنا أننا مواطنون هو المغرب ، سوف نتضرر إذا أصيب الوطن مكروه. هذا مما لاشك فيه . توارى النعيق وكبت في الصدور كما تكبت ذكريات الطفولة، بلاشك سوف تطفو قاتلة إذا لم تصلح، بعد برهة لاحت مدينة يلفها الأزرق على مشارف بحر أزرق، عندئذ عرفت أنها مدينة أصيلة. كانت الشمس تنحو نحو الغروب، والظلام يخيم على المدينة.
ع ع / 23 يوليوز 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا