الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الواقع السياسي العربي / القبيلة تلبس الجينز ( 1 )

شادي إسماعيل

2016 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


من أكداس الأزمات / العوائق اللاعبور إلى الآخر المختلف و لو بتمثل كينونته نسبيا كجزء من الحضور الثقافي المعرفي المتجلي ديانات و قوميات
إنها أزمة انعدام التثاقف لا التعايش ، لبضع مئات من السنوات العجاف كانت المنطقة الإسلامية بإثنياتها و أديانها و طوائفها عجينة لا متجانسة لم يؤخذ مقدار العقل و الاحترام المتبادل في حسابات الاستمرارية و تقبل الآخر فيها
كان لا أسهل من النفخ في الرماد لتخرج النار شامخة و تحاول ذرو الآخر من معادلات الوجود
حين يحدد المفكر المغربي الجابري مكونات العقل السياسي العربي يقدم لنا مكونات الأزمة السياسية و الأخلاقية الراهنة : العقيدة - القبيلة - الغنيمة و إن نحن دققنا في ترتيب الأولويات في عصور ما قبل الإسلام و صدر الإسلام و الأموي و العباسي الأول و الثاني لكانت : القبيلة - الغنيمة - العقيدة ؛ الترتيب الأصدق تمثيلا للانتماء ليتغير الترتيب في العصر الحديث بعد نشوء كيانات عربية مستقلة إلى :
المصالح ( الغنيمة ) - القبيلة - العقيدة ( كعامل صوري دعائي في أغلب الأحيان مستثنى منه الالتفاف حول المذهب السني كإرث تاريخي لصراع مديد و كعامل لتكريس المصالح الدولتية الصغرى
بدأ الرسول دعوته بالاستفادة من واقع التنازع العربي في الجاهلية عدنانيون و قحطانيون ( عرب الشمال و عرب الجنوب ) ربيعة و مضر ( عرب شرقي الجزيرة و غربيها فكانت المرحلة الأولى ( أنذر عشيرتك الأقربين ) / بني هاشم ، و لا يفسر عدم تجاسر القرشيين على الرسول إلا في إطار الحماية القبلية
و لا أدل على سطوة القبيلة على الوعي من قول طلحة النمري حين بايع مسيلمة الحنفي : ( كذاب ربيعة أحب الينا من صادق مضر ) في إشارة إلى مسيلمة و الرسول ثم جاء العامل الثاني الغنيمة حيث اعتماد القبائل على السطو و الغزو و النهب،كان لا بد من استغلال هذا الاندفاع في تكريس الدعوة فكان الحديث عن كنوز كسرى و بنات الأصفر ، لكن مشروع الرسول في جعل العقيدة الأساس لم يؤت أكله فحصل الصدام المهاجري الأنصاري في السقيفة فارتداد معظم شبه الجزيرة عن الإسلام فصدام الهاشميين و الأمويين وصولا إلى الصدام الهاشمي الهاشمي مع انطلاقة الدولة العباسية في نقاط تسجل لصالح القبيلة و المصالح على الجانب العقائدي
و الآن لنقرأ الحاضر بعيون التاريخ
تعتبر فكرة القومية العربية والتي ظهرت تدريجيا مع الحرب العالمية الأولى مع إرهاصات فكرية سبقتها في جمعيات حملت فكرة المطالبة بالحقوق السياسية و الاجتماعية للعرب في ظل الدولة العثمانية مرحلة تخمر أخرى في الفكر القبلي العربي استمرت حتى يومنا هذا
حيث العرف القبلي الذي يبدأ من حلقة صغرى من التحالفات و المصالح / الغنيمة / يضاف إليها البعد العقائدي كمتحول إلى أس قبلي
في استعراض التاريخ العربي الحديث نرى أن المفاهيم القديمة تعيد تشكيل نفسها ، لنتأمل القومية القبلية مطعمة بالعامل العقائدي و الطائفي :
- الحرب الأهلية اللبنانية و اعتماد كل طرف سنة و شيعة و مسيحيين و دروز على داعم إقليمي أو دولي
- الحرب الأهلية السودانية
_ الصراع الجزائري المغربي
- الصراعات الخليجية
- الصراع المصري الليبي و المصري السوداني
هذا الصراع البيني تحول إلى تضامن عربي حين هددت الوحدة القبلية :
- جيش الإنقاذ و الجيوش العربية في حرب أكتوبر 1973
- الجيوش العربية في مواجهة ثورة الملا مصطفى البارزاني
- دعم النظام العراقي على الأخص خليجيا في مواجهة مد الثورة الإسلامية الإيرانية
إنه اتفاق قبلي يبدأ من حلقة المصالح و الانتماء الصغرى لتنطلق إلى حلقات أكبر
الأمر ذاته يتضح على الساحة السورية الراهنة ، احتراب سني بين كتائب للجيش الحر ( الإسلام السني المعتدل ) و جبهة النصرة و داعش ( الإسلام الراديكالي ) لا يغطي على الصراع بين الطرفين المتطرفين السابقي الذكر
ثم احتراب سني شيعي يصل دعائيا إلى حد إبادة أحدهم الآخر
ثم وعيد إسلامي متطرف للنصارى ( حسب تسمية الجماعات الإسلامية للمسيحيين )
لكن خروجا من الحلقة الصغرى الطائفية المذهبية الدينية تطل القبلية واضحة في توحد التناقضات السابقة في قاسم مشترك هو القبلية العربية تمارس عدائيتها المزمنة تجاه الحقوق القومية الكردية ، إذا في انطلاقتنا صوب حلقة أكبر / القومية ، تتلاشى التناقضات المسيحية الإسلامية الشيعية السنية ، الليبرالية ، الماركسية ،الرأسمالية ، و الماقبل الرأسمالية
من جانب آخر توضع الاعتبارات القومية / القبلية على الرف حين تهدد المصالح الاقتصادية و السياسية البعيدة المدى لدول بعينها فتطبق الآية الكريمة بدقة : ( اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ) في عودة إلى الحلقة الأضيق
لم تستطع الدول العربية أن تتخلص من العقدة القبلية حيث التقوقع لا الانفتاح على الآخر و لو بالاستفادة من العقيدة الدينية (إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ) حيث ترسم الآية الأساس لإزالة الفروقات و التمايز عبر مفهوم التعارف أو التثاقف وليس التعايش كأمر واقع
الحاصل أن الاختلاف و التنوع كان مسكوتا عنه لا مقبولا به ما جعل الدول المتعددة القوميات والمذاهب مرتعا خصبا للمؤامرات و بركانا لا يعلم متى يثور
إن الساحة العربية لا تشهد أزمة صراع فكري إيديولوجي إلا في الدائرة الصغرى ، إنها القبلية متحولة
إنها القبيلة تلبس الجينز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عواقب كبيرة.. ست مواقع بحرية عبر العالم يهددها خطر الاختناق


.. تعيش فيه لبؤة وأشبالها.. ملعب غولف -صحراوي- بإطلالات خلابة و




.. بالتزامن مع زيارة هوكشتاين.. إسرائيل تهيّئ واشنطن للحرب وحزب


.. بعد حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. كيف سيتعامل نتنياهو مع ملف ال




.. خطر بدء حرب عالمية ثالثة.. بوتين في زيارة تاريخية إلى كوريا