الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة إلى الشمال : أصيلة : تأمل في اللوحات أم تأمل في الجميلات ؟

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2016 / 7 / 30
الادب والفن



بينما الشمس تمضي نحو الافول عن أرضنا، كنا قد وصلنا إلى مدينة أصيلة ونحن نحمل الحقائب الثقيلة فوق ظهورنا، لقد استبشرنا خيرا بوصولنا بعد ساعات طويلة في الطريق التي تربط بين الرباط واصيلة على متن الحافلة، لم يلفتني شيء غير ذلك العراك الكلامي بين بيضاوي و طنجاوي، كل واحد يدعي أنه أفضل من الاخر، دون نسيان مدينة العرائش التي رأيتها للمرة الأولى في حياتي، ما ترسخ في ذهني هو محطتها الخربة وشوارعها الضيقة، والتسول الذي يكتسحها مثل كل المدن المغربية .
يسمي الشماليون مدينة أصيلة "بزيلة"، حينما زرنا المدينة في السنة الماضية كانوا يبتسمون لما كنا نقول أصيلة حد أنهم لا يفهمون ما نقول، كلمة "زيلة" مقتبسة من اللفظ الاسباني "Azila"، نظرا لأن الشمال المغربي كان خاضعا طيلة 44 سنة للاستعمار الاسباني، لذلك مازال الشماليون يفاجؤون بتسمية "اصيلة" الواردة من سكان الداخل الذين خضعوا للاستعمار الفرنسي، إذ يسميها الفرنسيون Assilah.
الملفت للنظر أن مدينة أصيلة من أنظف المدن المغربية، هناك عناية بالطرق والأرصفة من خلال تلوينها وتزويدها بلوحات التشوير، وكثرة الحاويات وعمال النظافة، ولا يجب أن نغفل أن هناك القليل من الأرصفة التي يستولي عليها أصحاب المحلات، هناك أرصفة متاحة للراجلين للذهاب معها، وهذا ما يجعلها تتفوق على بقية المدن المغربية .
من خلال تجولي عبر الشوارع، لاحظت أن هناك اهتماما بالمظهر الخارجي للمنازل، واللون المفضل هو اللون الأزرق، اللهم إذا استثنينا احد المساجد الذي لونت بعض جوانبه باللون الأخضر و احيط بالورود والزهور والنباتات الخضراء، إنها المرة الأولى التي أرى فيها مسجدا بهذا الشكل، تمنيت لو تحول المسجد من مؤسسة تكرس الخطاب الديني المحرض على الانغلاق، إلى مؤسسة تكرس الخطاب الفلسفي الداعي إلى التسامح، ما احوجنا إلى تلك الشتيلات الخضراء في زمن الموت الكسيح الذي يجتاح وطننا العربي . وما احوجنا إلى الحمام الأبيض الذي يسكن الحي القديم لاصيلة وإلى اللوحات الفنية المبثوثة في كل أروقة هذا الحي، إنها سفر وهروب من مرارة الواقع ومحاولة لاجتراح أفق جديد، وإن يكن فالزوار يقبلون على أخذ الصور وليس التأمل، إنهم أبناء السيمولاكر والصور العابرة، فتيات يضاهين الشموع بياضا، يرتدين أزياء فاتنة، يحملن هواتف وكاميرات، يتجولن عابرات لا متاملات، يقتربن من سور قديم يشارف البحر يلتقطن سيمولاكرات ويذهبن ويختفين في سديمية العالم، ولا تعثرن لهن على الاثر، يحير المرء هل ينظر اليهن ام ينظر إلى اللوحات ؟ اللوحات صامتة وساكنة تسلم مصيرها اليك، بينما الحسناوات عابرات كصورهن يغرزن نظراتهن كالأشواك ويرحلن تاركات قلب المرء يعج بالأسى. منذ أن ترددت على أصيلة لم أتأمل في اللوحات إلى النزر اليسير، فربات الفن والجمال منعنني من ذلك، كن ياخدنني إلى الملاهي التي تتاخم البحر و اتيه منبهرا خلف الجمال الساحر، هذا الانبهار شدني لكي آخذ صورة مع منحوتة امرأة مبتورة اليدين في حديقة محمد عابد الجابري ، لكنها تناشد الحياة في زمن اكتسحه الموت .
طنجة/ 27 يوليوز 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا


.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق




.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م


.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |




.. -عملت له مستشفى في البيت-.. المخرجة منال الصيفي تروي حكاية م