الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المندائيون واستعمال الألقاب العلمية والعائلية والعشائرية

فائز الحيدر

2016 / 7 / 30
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


المندائيون واستعمال الألقاب العلمية والعائلية والعشائرية



قد يختلف الكثير من الباحثين في تعريف العشيرة وموقعها في المجتمع، لكنهم أتفقوا على تعريف بسيط قد يكون معبراً عن رأي الغالبية منهم... وهو (أنها تنظيم اجتماعي فطري يلعب دوراً كبيراً في المجتمعات البدائية وشبه البدائية والرعوية والبدوية المتنقلة والقروية المستقرة)، وهذا التنظيم ينادي بالقيم والعادات والمصالح الضيقة البعيدة عن الوعي السياسي والاجتماعي ويبنى على أساس العصبية القبلية وآصرة الدم والوراثة في القيادة لكنه في نفس الوقت يوفر الأمن لأفراده أو المنضوين تحت لوائه.
بينما نرى أن التنظيمات الحديثة تبنى على أساس المبادئ والأفكار والسياسات التي تخدم شرائح اجتماعية أوسع لا تجمعهم صلة الدم المُشار إليها سلفاً، ومن هذه التنظيمات الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والأندية وغيرها، ويعتمد الانضمام والولاء في هذه التنظيمات على الايمان بأفكار ومعتقدات ثقافية وفكرية مختلفة، وعادة ما تأتي القيادة عن طريق الانتخابات التي تعتمد على الموهبة والكفاءة والخبرة والتجربة السياسية.
أما نحن المندائيين فقد اختلط الأمر علينا في كيفية التعامل بما يدور حولنا تجاه ظاهرة العشائرية أو ما تسمى أحيانا" العائلية واستغلال أسمائها من قبل البعض من دون الحاجة لها، فمن خـلال متابعتنـا لما يجري على الساحة المندائية نلاحظ كغيرنا من المتابعين أن هناك ظاهرة أخذت بالانتشار بين المندائيين المتواجدين في دول المهجر وعلى قلة تجمعاتهم، وهي استمراراً لما جرى في الوطن، ألا وهي ظاهرة التحزب للقب العائلة واستعمال الألقاب العائلية ةالعشائرية مما ادى الى تشكيل مجالس حضيت بمباركة رئاسة الطائفة في بغداد سميت بـ (مجالس العائلة)، مرفقة بالنرجسية والأنانية وحب الذات من قبل البعض، والتي أصبحت واضحة عند الكثيرين من خلال كتاباتهم وتصرفاتهم، فلم يعــد بإمكاننا اليوم أن نقرأ ما يكتبه البعض من دون أن ينهي أسـمه الشخصي بلقبـه العائلي أو العشائري أو بلقب يطلقــه هـو على نفسه دون ان نعرف اسم الأب والجد، وبعدها تنهــال عليه ألقاب شتى أخرى هو بعيداً عنها من أقاربه وأصدقائه ومحبيه لإرضائه ورفع شأنه مثل لقب الدكتور، الشاعر، الكاتب، المفكر العبقري، الأستاذ البروفيسور، الأستاذ الأكاديمي، الفنان الحقيقي المبدع، والباحث والأستاذ الاقتصادي، والأستاذ الموسوعي....الخ، ومن ينسى أن يطلق عليه أحد تلك الألقاب فقد قلل من قيمة ذلك الشخص وأساء اليه.. ومن المؤسف إن تلك التكتلات العشائرية والعائلية أخذت تتدخل في كل نشاط مندائي مدني أو ديني حباً في التسلط والزعامة، والغريب أيضاً أن الذي لا يفهمه من المحبين لتلك الألقاب، هو أن التعامل بتلك الألقاب بشكل عام يضفي طابع من العلاقات الرسمية في التخاطب بينهم وبين مجتمعهم ويضعف العلاقات الاجتماعية عموماً.
أما في المجال العلمي فنلاحظ انتشارها مع الأسف بين أوساط بعض المتعلمين والمثقفين وممن نطلق عليهم كتاب مبدعين وشعراء ومفكرين وناشطين في العمل المندائي ومهنين من أصحاب الوظائف الذين تلقوا تعليماً عالياً عكس من لهم تحصيل دراسي وثقافي بسيط.
لا ينكر أحداً أن من بين تلك الألقاب وخاصة العلمية ما لا يمكن التشكيك فيها، نظراً لكونها جاءت نتيجة لدراسة دامت سنوات مثل الدكتور أو المهندس الخ.. ولكن من المفترض استخدام تلك الألقاب في مجالات العمل وليس بين الأصدقاء وفي المراسلات واللقاءات والزيارات الاجتماعية والعائلية بالرغم من أن الباحثين في علم النفس يعتقدون أن الأكثار في استعمال تلك الألقاب يعتبر نوعاً من عدم الثقة في النفس، ونلاحظ نحن الذين قضينا سنوات طويلة في المهجر إن استعمال الألقاب العلمية شبه معدوم خلال التخاطب بين الأفراد وأن وجد فهو محصور في نطاق العمل الاداري في بعض مؤسسات الدولة فقط، في الوقت الذي يفترض أن يكون الشخص الذي حصل على درجة علمية عليا متواضعاً، متنوراً، وواثقاً من نفسه وقدراته وأن ينقل خبرته وتجربته الحياتية والعلمية إلى الآخرين بغض النظر عن عنوان وظيفته ومهنته لكي يكون قدوة للآخرين، ولكننا مع الأسف نلاحظ العكس من ذلك خاصة بين المندائيين في دول المهجر فالكثير ذو تحصيل علمي محدود أو متقاعدون أو يعيشون على المساعدات الاجتماعية التي تمنحها لهم دول اللجوء لأسباب مختلفة ونادراً ما نجد أحدهم يعمل بالشهادة التي حصل عليها من بلده ومع ذلك فهم يعتقدون بأنهم ما زالوا في مراكزهم الوظيفية السابقة، ويتحدثون عن أنفسهم كثيراً ويكررون كلمة (الأنـا) في حديثهم، وعادة ما يرغبون في مقارنة أنفسهم بالآخرين وأثبات أنهم الأفضل والأكثر ثقافة وعلماً والحط من الآخرين والتقليل من شأنهم بشتي الطرق، وتراهم يتكلمون عن انجازاتهم العلمية وخلفية وانجازات عشائرهم وحجمها وقادتها وعن العلم الغزير الذي يمتلكونه وتفوقهم وقدراتهم الذاتية في مختلف الاختصاصات وحتى البعيدة عن تخصصهم وبذلك فهم يسعون للسيطرة على كل نشاط ثقافي أو أدبي أو علمي ولا يؤمنون بالحوار الديمقراطي، والرأي والرأي الآخر بحكم العلاقات العائلية وما يحملونه من النرجسية والأنـــا.
الا نفكر جدياً من إيجاد حلول لهذه الظاهرة لدي المندائيين النرجسيين من أصحاب النظرة المتعالية نحو الآخرين؟ ألا نفكر في تحليل أسباب هذه الظاهرة في دول المهجر ونتجاوزها؟ خاصة وأن الدين المندائي يوصي أتباعه بالتواضع والمحبة ومساعدة الآخرين.
أن ظاهرة (الأنا) والنرجسية واستعمال الألقاب العلمية والعائلية في التعامل مع الآخرين هي حالة مرضية تصيب الإنسان كما يصفها المختصين بعلم النفس وتؤدي الى الابتعاد حتى بين أفراد العائلة الواحدة وبالتالي المجتمع المندائي عموماً، فتلك الظاهرة هي مقدمة لخراب الشخصية والمجتمع، وهي فى نظرنا آفة لابد من علاجها، فالذين يعيشون في أبراجهم السابقة لا يدركون طبيعة حياة مجتمعهم في المهجر.

وأخيراً لنبتعد عن ظاهرة التعالي والتفاخر العشائري لأن الديانة المندائية تدعوا الى المحبة والتسامح ولا تدعوا الى الكراهية والحقد والزعامة والأنانية والعشائرية وهي دعوة موجة للجميع.

تموز/ 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -محاولة لاغتيال زيلينسكي-.. الأمن الأوكراني يتهم روسيا بتجني


.. تامر أبو موسى.. طالب بجامعة الأزهر بغزة يناقش رسالة ماجستير




.. مشهد تمثيلي في المغرب يحاكي معاناة أهالي غزة خلال العدوان


.. البرازيل قبل الفيضانات وبعدها.. لقطات تظهر حجم الكارثة




.. ستورمي دانييلز تدلي بشهادتها في محاكمة ترمب