الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تتجه تونس نحو سلطة الشعب؟

هيثم بن محمد شطورو

2016 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


البرلمان التونسي يصوت بأغلبية 118 صوت من جملة 217 لصالح سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد. طبعا انها سابقة تاريخية في تونس و في العالم العربي. البرلمان يظهر كسلطة حقيقية لينهي عمل حكومة صوت لها عند ولادتها بأصوات ارفع من الاصوات التي سحبت منها الثـقة.
انه حدث ديمقراطي ناشئ و لكن شأنه شان كل خطوة اولى فإنها تبدو غير حقيقية. انها فعلا غير حقيقية بمعنى ان احزاب الائتلاف الحاكم هم بدورهم من صوتوا لسحب الثـقة من حكومتهم. اي ان المسالة لم تأتي من المعارضة، و هذه مفارقة عجيبة من مفارقات المشهد السياسي التونسي.
و ما بدا انه عمل البرلمان تجده في الاخير هو عمل رئيس الجمهورية السيد "الباجي قايد السبسي" صاحب مبادرة حكومة الوحدة الوطنية. اي رئيس حزب نداء تونس الذي انجر له بطبيعة ما يبدو انه تحالف الشيخين السيد "راشد الغنوشي"، الذي لم تسعفه الايام الفارطة لإقناع كتلة حركة النهضة التي هو رئيسها بالتصويت لسحب الثـقة من الحكومة الى غاية صبيحة الجلسة البرلمانية، حيث ظهر امام وسائل الاعلام بملامح وجه متعب للغاية لم يقدر ان يخفي منه علامات الحزن.
حزن السيد "راشد الغنوشي" قد يرجع الى صدمته من تمرد كتلة النهضة على اوامره. لكن الارجح انه يعود الى انسياقه في امر مضاد لمصلحة حركة النهضة التي كان يتعامل معها رئيس الحكومة موضوع سحب الثقة بمودة كبيرة، حتى انه في تعديله الحكومي مثلا غير وزير الشئون الدينية لصالح حركة النهضة و غيرها من الامور.
لكن العمل السياسي يبدو انه بشكل واضح عند السيد الغنوشي لا يعتمد على مبدأ التضامن او رد الجميل، و انما على الحسابات السياسية بينه و بين رئيس الجمهورية..
و ها قد يرحل السيد الحبيب الصيد عن رئاسة الحكومة، مع ان بعض المعلقين لا يستبعدون اعادة ترشيحه لنفس المنصب نظرا للازمة السياسية الماحقة التي تعتور التحالف الغير منطقي و الغير مستـند على برنامج وطني حقيقي يخدم المرحلة الراهنة.
و قد اكد السيد "زياد الأخضر" النائب عن الجبهة الشعبية ان المسالة لا تعدو في كونها مسرحية سياسية بائسة. مضمون المسرحية خارج بلبلة الالسن الثرثارة هي ان حكومة الصيد بلغت منتهاها من حيث عدم قدرتها على المضي قدما في تطبيق املاءات الصناديق الامبريالية الدولية، اي صندوق النقد الدولي اساسا. غاية هذه المسرحية البائسة غير القائمة على ادنى توصيف واقعي لحقيقة التوازنات السياسية و الاجتماعية على الأرض هي احراز توافق مع اتحاد الشغل و مع مختلف القوى السياسية لأجل هدنة اجتماعية و سياسية يتم من خلالها رهن ما تبقى من البلاد و تمرير مشروع قانون المصالحة حسب الصيغة التي تئد الثورة و منجزاتها الى حد اليوم، اضافة الى جملة الاجراءات التقشفية على الكادحين و الرحيمة بمن تحوم حولهم شبهات سرقة الاموال العامة..
و في الاخير فانه بقدر ما تتصف المسالة بترجيح ارادة رئيس الجمهورية، فإنها من جهة اخرى( حين اصر السيد "الحبيب الصيد" على عدم تـقديم استـقالته و رفعها الى البرلمان ليتم فضح النفاق السياسي، و بالتالي رفع المفارقات العجيـبة الى الشعب مباشرة.)، عبرت عن تعمق الصراع بين العالم الديمقراطي الحر الجديد الذي اساسه مبدأ الكرامة الانسانية و ما بين رائحة الاستبداد و الرغبة في استعادته مع كل ما يمثله من احتكار للسلطة و من فساد و طغيان و اهدار للحرية و الكرامة و كفر بإنسانية الانسان الى مؤسسات الدولة الحالية.. فهذا الصراع لم يعد في اطار صراع الشارع ضد السلطة فقط و انما ارتـفع الى مؤسسات السلطة ذاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان