الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المانحون لايمنحون اعتباطا

جواد البياتي

2016 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


المانحون لايمنحون اعتباطا
جواد البياتي
كانت فرصة للسيد جون كيري ان يضع رحاله للاستراحة في بلده بعد رحلة طويلة حول العالم بدأت في عام / 2013ليقود مؤتمرا للمانحين في مقر وزارته في واشنطن الخميس 20 تموز الفائت ضم كندا والمانيا واليابان اضافة لدولته الولايات المتحدة الداعية والراعية لهذا المؤتمر ، هذا المؤتمر يهدف – كما تعهد جون كيري - الى جمع ملياري دولار لسد احتياجات النازحين وازالة الالغام ومساعدة المناطق التي تم تحريرها لضمان هزيمة داعش على الاراضي العراقية ، فيما تكهن البعض من داخل اروقة المؤتمر ان المبلغ ربما يصل الى اربعة مليارات اذ ان امريكا وحدها ساهمت بحوالي مليار دولار منذ 2014 في ظل تعهدات بدعم الاستقرار الانساني ، وهذه الدول من بين ستين دولة تشترك في تحالف للحرب على الارهاب منذ ذلك الحين ويتواجد وزراء دفاعها وخارجيتها في مؤتمر مشترك للتنسيق على وضع برنامجا لجث جذور الارهاب من مناطق النفط في العالم ، ومع ان الدول المشاركة في مؤتمر المانحين كلها من الدول الغنية وتشهد ارتفاعات ملحوظة في ميازين مدفوعاتها لكنها لم تتعرض للارهاب بإستثاء الولايات المتحدة التي عانت منه بشكل مباشر ولكن تلك الدول تعمل ذلك لقناعتها بانها ليست في مأمن من شروره حالها حال الدول الاخرى التي ابتليت بهذه الفايروس الدموي ، ومن جانب اخر فان هناك بعض الدول المصنفة على دول التخمة المالية المعروفة والمصنفة ايضا على مجموعة محاربة الارهاب ليست من بين الدول المانحة التي ورد ذكرها انفا ، وربما ابتلاؤها ذاتيا بمشاكل من هذا النوع جعلها تتخلف عن دور المانح وتبقى ذات دور شكلي كما يقتضي ذلك دورها .
صحيح ان مكافحة الارهاب كمحاربة الكوارث الطبيعية والاوبئة الفتاكة يحتاج الى وقفة دولية جادة للمواجهة بقوة في مساندة الدول المنكوبة ، لكن هناك عوامل كثيرة تدفع الدول الغنية والقوية لمساعدة العراق للقضاء على هذه الافة منها انها اخطبوط مميت سريع التمدد بكل الاتجاهات لأستناده الى افكار وقواعد دينية محرّفة ذات اغراءات وهمية تداعب خيالات الفاشلين والطفيليون الذين يميلون للعيش على قوت الاخرين ، كما ان مصالحها القومية تقتضي محاربة هذه الكائنات في هذه المنطقة الحيوية من العالم كمنطقة مليئة بالثروات الطبيعية مثلما هي منطقة استراتيجية تقتضي المحافظة عليها من اجل بسط نفوذها على العالم ولذلك فإن اي ثمن يدفع من اجل بقاء هذه المنطقة تحت السيطرة يبقى ثمنا ضئيلا وقليلا بالقياس الى قيمته الاستراتيجية العليا .
ان زيادة الدعم الدولي للعراق في حربه على الارهاب لم يأت اعتباطا او عن فراغ ، فيكفي ان كيري وزير خارجية الولايات المتحدة ذكر ان عملية تحرير الارض من براثن داعش جاءت اسرع مما تصورها وان هذا المؤتمر هو تعزيز للانتصارات العراقية مما يغلق الابواب امام محاولات الارهابيين للعودة ، كما ان هذه الدول بالاساس تحركها مصالحها الاقتصادية كما هو معلوم فكيف اذا تزامنت هذه المصلحة مع مصلحة الامن القومي داخل حدودها فضلا عن امن مصالحها الاقتصادية واستثماراتها حول العالم ، لذلك تبقى فكرة زيادة الدعم مرتبطة بمستوى الضمانات التي يمكن ان يقدمها البلد المدعوم ماليا ولوجستيا في مواجهة الارهاب او اية كوارث اخرى مرهونة بمستوى قدرة ذلك البلد واستعداده على سداد الديون او رد الجميل لقاء او جزاء ماقدمته هذه الدول لهذا البلد وقت الشدة ، خاصة ان المصالح الاقتصادية الواسعة للدول المانحة في العراق ربما تفوق ماتقدمه له من معونات لمواجهة الكوارث وبشكل خاص كارثة الارهاب ، ولم يقتصر ذلك على مايمتلكه العراق من خيرات وموارد اقتصادية قادرة على التكفل بكل الالتزامات المطلوبة منه تجاه المجتمع الدولي ، بل ان تلك الدول وحكوماتها قد وجدت في العراق الجدية في مواجهة الارهاب وتحقيق الانتصارات عليه خاصة بعد اخراجه من مراكز تجذره وقوته وتطويقه في مناطق يكون من الصعب عليه الافلات منها ، كما تدرك تلك الدول وبإعتراف بعض سياسييها ان العراق يقاتل الارهاب نيابة عنها بل وعن العالم ككل ، كما تدرك ان تخطيطها الاستراتيجي وسياستها ازاء هذه الافة الكارثية هي التي ادت الى تجمع الارهاب في هذه البقعة من العالم ليسهل عليها القضاء عليه بعد ان انتفت الحاجة اليه او ربما لأنه اصبح خطرا عليها ، واخيرا ان هذه الدول اطمئنت بأن الارهاب كتنظيم – وليس كفكر – يعيش ايامه الاخيرة .
ان جمع اكثر من ملياري دولار لمساندة العراق ودعمه في حربه على الارهاب وهو اكثر من المبلغ المتوقع وبهذه السرعة الخيالية والسهلة دليل على خوف المجتمع الدولي من انتشار هذا الوباء في حال استفحاله في العراق ولذلك بادرت اكثر الدول الى الاسراع بالتبرع من اجل سرعة القضاء على الارهاب . وقد تم تبويب هذه الاموال على كل الجوانب العسكرية والانسانية ومنها ما يخص النازحين واعادتهم الى ديارهم .
وتزامن ذلك مع توقيع بروتوكول اربيل الذي حضره واشرف عليه الرئيس مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان والتوقيع على مذكرة التفاهم مع وزارة الدفاع الامريكية شملت تقديم الدعم المادي والمساعداتالعسكرية الى قوات بيشمركة كوردستانفي حربها ضد ارهابيي داعش .
ان الثقة التي يوليها المجتمع الدولي للعراق بعد المواجهات الجدية مع داعش وبناء منظومة عسكرية قوية قادرة على هزيمة الدواعش دفع هذه الدول بإطمئنان الى الدخول كمانحين للعراق وحسب المثل الشعبي ( ملأوا ايدهم منه ) ، فالمانحون لايمنحون اعتباطا والاّ لكانت الصومال ونيجيريا اولى بهذه المؤتمرات لدعمها ضد الارهاب .
لقد تعهد المؤتمرون على تكثيف الجهود السياسية والعسكرية للقضاء على مصادر التمويل وتدفق المقاتلين ودعم جهود اعادة الاستقرار في المناطق المحررة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م