الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال النفط والحشد الشعبي..

نادية محمود

2016 / 7 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


على صفحة الفسيبوك الخاصة بلجنة منتسبي نفط الجنوب، نشر خبر ثم تلاه تعليق من قبل احد قراء الصفحة، الخبر يقول "واجهت قافلة العطاء التابعة إلى لجنة منتسبي نفط الجنوب والتي تقدم الدعم اللوجستي إلى أبطال الحشد الشعبي .. مشكلة مع القوات المشتركة التابعة الى عمليات بغداد أدت إلى توقيف أحد أبطال القافلة ولمدة ثلاثة أيام وبشكل تعسفي.. أظهر وبشكل واضح ان بعض القيادات التابعة لها لا تتفاعل إيجابيا مع قوافل الدعم تلك.. لقد بذلت لجنة منتسبي نفط الجنوب جهودا مكثفة من أجل إطلاق سراح المشارك في القافلة، واتصلت بجهات عديدة لهذا الغرض" ثم يمضي الخبر ليعدد بان بعض الشيوخ وقياديين من قوات "وعد الله".. وعدد من النقباء ساهموا باطلاق سراح المعتقل. ويختتم الخبر بالقول "إن لجنة منتسبي نفط الجنوب ومن خلال دعم الأخوه المنتسبين ستواصل ارسال القوافل إلى أبطال الحشد ولن يثنيها عن هذا الواجب اي معرقلات".
اما التعليق الذي نشر في مكان اخر من الصفحة يقول "عندما يبتلى الوطن بالحرب يستدعون الفقراء للدفاع عن الوطن.. وعندما تنتهي الحرب يستدعون الاغنياء لتقاسم الغنائم ونهب الثروات المتبقية!! كلا من الخبر والتعليق يعطيان صورة واضحة عن التوجهات المختلفة والافكار السائدة داخل الطبقة العاملة، تجاه ظاهرة سياسية جديدة بدأت وسيكون لها دور كبير في رسم اللوحة السياسية في العراق.
انه لامر مفهوم ان يساند العمال ميلشيات الحشد الشعبي لانها تدفع عصابات داعش الى الوراء لردها على اعقابها واخراجها من المناطق التي دخلتها منذ حزيران 2014، حتى توفر على الناس المجازر التي رأت نماذجها في الموصل والفلوجة وغيرها. الا ان ما هو غائب عن هذا التوجه هو النظر وبعين طبقية ونقدية الى كل من الحكومة ذاتها وميلشيات الحشد الشعبي.
ان الصراع الدائر في العراق اليوم متعدد المستويات: الصراع مع داعش، صراع بين الميلشيات الاسلامية الشيعية ذاتها، صراع الميلشيات مع الحكومة ذاتها. فتشكيل الحشد الشعبي بحد ذاته كان نتيجة هزيمة جيش الدولة الرسمي امام عصابات داعش، وعجزها التام والمطلق امام تلك العصابات الامر الذي ادى الى تشكيل الحشد الشعبي. والحشد الشعبي ليس كيانا منسجما او جيشا وميلشيا او فصيلا واحدا. انه يتكون من 50 فصيلا اسلاميا، كل يتبع حزب وفرق اسلامية شيعية. لذا يجب رؤية عملية الاعتقال التي حدثت في يوم 25 تموز لاحد عمال النفط من "قافلة العطاء" والذاهبة الى مساندة الحشد الشعبي (ولا نعرف اي فصيل في الحشد الشعبي، فهم كثير، 50 فصيلا)، ضمن لوحة الصراع هذه بين عمليات بغداد وبين جهات داعمة للحشد الشعبي. انه جزء من وقوع العمال ضحية في الصراع بين عسكر الحكومة، وبين الحشد الشعبي.
فمما له اهمية كبرى، بقراءة سطور هذا الخبر، هو النظر الى دور الطبقة العاملة في العراق من هذا الصراع بشكل اعم. فحتى لو قام العمال بجمع التبرعات المالية، وارسلوا متطوعين لمحاربة داعش وماكان بامكانهم ان يشكلوا وحداتهم العسكرية المستقلة للقتال، الا انه يتوجب بنفس الوقت نقد السياسة الطائفية التي انتهجتها الحكومة، واحزابها الحاكمة التي اسهمت بشكل مباشر وغير مباشر بوجود داعش وتقسيم سكان العراق على اساس شيعة وسنة، النقد والتحذير من تحول الحشد الشعبي الى حرس ثوري، يلعب ذات الدور الذي يلعبه هذا الحرس في ايران.
بدون هذا النقد والموقف الطبقي الواضح سيتحول العمال العراق وبالاخص في قطاع النفط الى طرف ملحق باحد الاحزاب البرجوازية الطفيلية اللصوصية ضد غيرها، والتي تسعى الى تسخير والسيطرة على اذهان العمال، بسوقهم الى سوح الحرب في اوقات الحرب والى امتصاص دمائهم وسرقتهم في اوقات السلم. لذا، يجب ان لا تغيب الرؤية والنظر بعين طبقية ونقدية الى اطراف الصراع. على العمال، وبالاخص عمال النفط الذين ينتجون 90 بالمئة من الدخل القومي في العراق، ويعتمد اقتصاد المجتمع على موارد هذا القطاع، بل يتحارب المتحاربون من اجل الاستحواذ على مداخيل النفط التي ينتجها العمال بانفسهم، عليهم فصل خطهم ورؤية الحدود الطبقية وفرز مصالحهم الطبقية عن كل تلك الاطراف المتحاربة. امام الطبقة العاملة مسؤولية الدفاع عن مصالح طبقتها بمواجهة طبقة طفيلية تريد امتصاص ونهب الثروات في المجتمع على حساب الافقار والقتل والاستبداد، على حساب الطبقة العاملة التي هي القوة الحقيقية لانتاج كل الخيرات التي يتصارع فيها كل اولئك المتصارعون من اجل السيطرة عليها.
ان صاحب التعليق الذي يقول "عندما يبتلى الوطن بالحرب يستدعون الفقراء للدفاع عن الوطن.. وعندما تنتهي الحرب يستدعون الاغنياء لتقاسم الغنائم ونهب الثروات المتبقية!! يتوقع ما سيحدث تماما. فبعد ان تضع الحرب اوزارها، ستجري عملية فلترة الحشد الشعبي، وسيبقى الاقوى من الميلشيات في الساحة، وستنضوي الميلشيات الصغيرة تحت اجنحة الميلشيات الاكبر، وسيجري دمجها بالدولة، بل ستغدو للميلشيات، كما للحرس الثوري في ايران، كلمة عليا في الدولة، وسيزيح قادة الحشد الشعبي خصومهم الحاليين وسيتولون السلطة، وسيقوموا بعسكرة الدولة والمجتمع من جديد، وسيديموا مسلسل النهب بشكل "شرعي"!!! فسيظلون يذكرون كل معترض بفضلهم بالقضاء على داعش. كل هذا واكثر سيجري، ان لم تقف الطبقة العاملة وقطاع النفط بالدرجة الاساس على اقدامهم للتصدي لتلك الطبقة اللصوصية، التي دائما وابدا تسعى للاصطياد في المياه العكرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا