الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا .. ارهابي ( الجزء الثالث والأخير)

فارس حميد أمانة

2016 / 8 / 1
الادب والفن


أنا .. ارهابي

الجزء الثالث والأخير

ليوبليانا الجميلة الرائعة .. بسكانها الودودين وقلعتها التي ترتفع 130 مترا فوق تلة وسط العاصمة .. لا بد وأن أثرت عليها وعلى ناسها أحداث الحادي عشر من سبتمبر لكنني لم ألحظ ذلك في الأيام الأولى لتجوالي فيها مع فريقي .. يوما ما وعند العصر كنا نسير في شارع يمتد بمحاذاة القلعة والنهر الصغير الممتد لمسافة طويلة عبر العاصمة .. كنا نتمشى نحن الأربعة وبالطبع كان رابعنا العجل السمين وهو يتحدث بصوت عال كأنه فرقعة الرعد في سماء ملبدة بالغيوم .. فجأة هجم علينا شخص ببدلته الأنيقة وأحاط بنا نحن الأربعة محاصرا ايانا نحو حائط القلعة مادا يديه ليحتجزنا بطريقة استفزتنا جميعا .. احتجزنا هكذا ببساطة ولمدة تقل عن دقيقة واحدة .. مر حينها بضعة أشخاص بدا وكأن أحدهم ضيف يهم الدولة ومعه بضعة مرافقين يشرحون له شيئا ما .. كان الرجل الذي حاصرنا مسؤولا عن حماية الضيف ولا بد وان منظرنا وصوت قرقعة العجل السمين قد أوحيا له باحتمال تشكيلنا خطرا على الضيف المكلف بحمايته .. لذا أحاط بنا بتلك الحركة المفاجئة والمستفزة لحين عبور الضيف مع الوفد .. لم ألاحظ ان الرجل المكلف بالحماية قد فعلها مع الآخرين .. علق أحدنا ان صوت العجل السمين هو السبب بينما علق آخر ان السبب هو لون بشرتنا ..

بعد بضعة أيام وبعد ان نفدت أفلام الكاميرا التي جلبتها معي دخلنا محل تصوير لنشتري بعض الأفلام لنركبها بالكاميرا ونستمتع بالتصوير .. أعترف ان دخولنا للمحل كان غير موفق .. دخلنا بجلبة وبالطبع تقدمنا العجل السمين بقامته الضخمة وصوته المقرقع كالرعد .. ولم تكن هناك أية ابتسامة على وجوهنا ونحن ندخل بشكل مفاجيء .. كانت هناك فتاة شابة ورقيقة تعمل في المحل بمفردها .. كانت تقاطيع وجهها توحي لك بتأثير الجمال الهادي .. عيناها جميلتان .. توقفت الفتاة عن الحركة فجأة .. اتسعت عيناها من الرعب .. لم أكن حينها أتصور اننا نحن الفقراء الى الله من دفع تلك الفتاة المسكينة لترتعب بهذا الشكل الغريب ..

قلت لها بهدوء : " أريد فيلما لهذه الكاميرا " .. وقربت لها الكاميرا لتطمئن .. قرقع العجل السمين : " نعم .. نريد فيلما لهذه الكاميرا " .. مرت بضع ثوان ارتعش فيه جسد الفتاة وازداد اتساع حدقتي عينيها .. فجأة استدارت لتركض هاربة نحو الخلف .. كان هناك باب خلفي للمحل يبدو انه كان يفضي لمختبر التحميض .. فتحت الباب بحركة سريعة ودلفت تحتمي بالداخل .. أثرت فينا المفاجأة كما أثر فينا موقف الفتاة .. سرعان ما انفتح الباب مرة أخرى ليخرج منه شخص طويل القامة كان كما بدا لي يعمل في الخلف وقال لنا بعصبية بالغة وهو يقف على مبعدة منا وكأننا من سيصيبه بالجرب : " ماذا تريدون ؟ " .. أجبته مبهوتا كما طلبت من الفتاة قبل ذلك : " فقط .. نريد فيلما لهذه الكاميرا " ..

أجابنا بلهجة صارمة : " لا يوجد لدينا " .. فقلت له : " لكن .. هذه على الرف نفس الأفلام التي نطلبها " .. أجابني بلهجته الصارمة التي تقترب شيئا فشيئا من الصراخ : " قلت لك لا يوجد .. لا نبيع لكم " بقيت واقفا في مكاني محاولا أن أستوعب سبب سلوكه وقد غاب عني تأثير أحداث الحادي عشر من سبتمبر .. أطلت الفتاة المرعوبة من خلف الباب وهي تهتف به : " اتصل بالبوليس " .. ما ان سمع العجل السمين بكلمة البوليس حتى استدار وخرج هاربا من الباب الأمامي للمحل بسرعة البرق ومن ثم تبعه الاثنان الآخران هاربين كغزالين رشيقين .. بقيت واقفا لوحدي بضع ثوان ثم ما لبثت ان خرجت من المحل أيضا فقد أصبح وجودي غير مرغوب فيه ..

نظرت عند خروجي في طول الشارع وعرضه .. لم أجد أثرا للعجل السمين أو لأحدا من رفاقي رغم كونهم خرجوا قبلي بدقيقة أو أقل .. دلفت في شارع فرعي مجاور لأجد الثلاثة خلف شجرة .. بادرتهم بالسؤال لماذا الاختباء فأجابني العجل السمين وهو مصفر الوجه : " لقد لا حظت سيارة شرطة عند المنعطف " .. لم أستطع ان أخفي ضحكة وأنا أقول له : " ربما كانت سيارة دورية عادية .. لكنهم لو عثروا عليك فسيكون مصيرك أن تتعفن في غوانتانامو " ..
انتهت الأجزاء الثلاثة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم