الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيعة ديكتاتورية الإنقاذ

المودودي الدود ادم

2016 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


طبيعة ديكتاتورية الإنقاذ ...

لا شكل أن نظام الإنقاذ نظام ديكتاتوري ظل يحكم السودان منذ عام 1989كانت سنين عجاف على الشعب السودان فيها استمر حرب الجنوب الذي مات فيه أكثر من خمسة مليون مواطن و انتقلت جرثومة الحرب إلى شرق السودان و إلى الغرب العزيزي منذ عام 2003 و إلى الآن تطحن الحرب الانسان هناك قتلت الأطفال و النساء تم تشريد شعب بأكمله إلى خارج و داخل السودان و ليس كردفان الخضراء و النيل الازرق بسلام فقد شربت من نفس الكأس المر، هذا جزء صغير من ضمن إنجازات و إنتهاكات الإنقاذ أم على مستوي القانون و الدستور فحدث بلا حرج ليس الخطر في قصة القوانين في وجود قوانين مقيدة للحريات فقط و لكن في التعدي على القانون نفسه و مثله الاقتصاد والفساد الكامن في كل مؤسسات الدولة .
على الرغم من هذا تختلف ديكتاتورية الإنقاذ من الأخريات في العالم و في السودان فنحن كمواطنين الآن يمكننا التحدث في كل شيء و في الأماكن العامة و المؤسسات في الموصلات، من فينا اليوم لا يتحدث عن فساد الدولة و رجالها و عن ضرورة إسقاط هذا النظام كم من حزب سياسي اليوم معارضة للنظام تجتمع أمام عيون الأجهزة الأمنية، نمشي في وسطهم و نشاركهم المسكن و الجامعات و المستشفيات لابد أن نقول أن استبداد الإنقاذ فريد من نوعه .

قبل شهور أقام أحد الأحزاب مؤتمره العام و في الامس الأحمر (الدواعش اليساريين) يدشنون مؤتمرهم في مؤسسات النظام، فقاعة الصداقة ليس فقط مبناء من خيرسانة بل هي راس مال رمزي للنظام ، هذه الأحزاب لا تتفق على آي مستوي مع النظام لا على المستوي الايديولوجي أو السياسي، تحمل خطاب موازي ينادي بضرورة إسقاط النظام عبر الثورة الشعبية أو السلاح. و لكنها تجد (حرية) لممارسة عملها اليوم ليس هذا فقط بل حتى أفراد و ضباط من الحركات المسلحة أحيانا ياتون إلى الولايات لتشارك أهلها في الأفراح و الأحزان دون أي قيود و هذا لا يمكن أن يحصل حتى في دولة ديموقراطية. إنه نظام ديكتاتوري غريباً جداً هذا يجعلنا نتوقف قليلاً ندرس طبيعة هذا النظام حتى نعرف حقيقة الوعى الشعبي و بنية الثقافةُ السياسية للمعارضة و نوع النسق المعرفي أو الأيديولوجية السائدة .

إن الآليات التى يعمل بها نظام الإنقاذ الديكتاتوري دائما تعمل بصمت تشتغل في الخفاء في الجانب المظلم بحيث لا أحد يتوقع وجود سلطة النظام فيه في اللاوعي كما يصف فرويد سلطة النظام هي التى تحرك رغباتنا و مشاعرنا و تتحكم في ردود أفعالنا و في ادوات التفكير بحيث أصبح النظام يعرف مسبقاً ماذا نريد و كيف نتصرف و بأي طريق نسلك للوصول إلى هدف ما نريده.
المفارق في سياسة النظام هو يمنحنا (الحرية) المطلقة في حين يمتنع هو من الحرية حرية بلا وعي تنتج فقط أصوات بلا معني هو يصنع من المعارضة رموز يفتح لها المجال العام ليس لتعمل على بناء نفسها و نشر الوعي بين الشعب و لكن لتثبت وجود النظام و سلطته بتحويل الفرد إلى شخص يحمل سلطة النظام و صورته.المعارضة نفسها هي التى تمنحه السلطة و مبرر الوجود نحن نحمل في أجسادنا النظام و في أفكارنا السلطة اذا نظرنا في الحرب التى اشتعلت في دارفور و جنوب كردفان من الخارج نجدها حرب أنتجها النظام ليس خليل إبراهيم هو الذي أراد الثورة المسلحة أو هو يعرف ماذا يحتاج انسان دافور بالتاكيد. لكن يعرف النظام ماذا يريد خليل فمنحه الفرصة و (الحرية) ليس للتمرد على سلطة الدولة بل على سلطاته هو .

ماذا يستفيد النظام؟ أن ممارسة عمل ثوري أو المعارضة لابد أن تمتلك هامش من الحرية و الشجاعة و سلطة على ذاتك فالنظام عبر أداة السلطة يمنح الآخر (الحرية)
و الشجاعة التى تمكنه على التمرد أو الثورة حتى عندما ينخرط في الفعل يفقد الآخر شرعيته و مبرر ما يقوم به يفقد الحرية عندها تنتقل إلى النظام يفعل بها كما يريد مثلا تذهب المعارضة اليوم للحوار وهي تعرف بأن النظام لا يمكن أن يتنازل عن السلطة و لا يمكن تفكيك النظام من الداخل و لكنها بالرغم من هذا سوف تذهب للحوار نتساءل لماذا تذهب إذن؟ لأنها لا تمتلك حرية العمل أو شرعية الفعل فالنظام يفتعل الأزمات و هو من يوفر الحل فالحرب في دافور كانت واضحة انها حرب الحق ضد القانون أنها تعبر عن عدم وجودة دولة لفرض نفسها عبر القانون حتى يتوقف الصراع بين القبائل أن الهدف الرئيس للحرب هو إدماج هذا المجتمع اللامتساوي غير موحد عبر قانون الحرب لتمرير سلطة الدولة مجتمع دافور ظل خارج سلطة الدولة المركزية حتى إبان الاستعمار كان ذات حكم ذاتي و قوانين و ثقافة لامركزية فإذا جعل المستعمر الجنوب مناطق مغلقة كانت دافور كذلك و لكن تختلف طريقة الإغلاق في الجنوب كان عبر توقف المد الثقافي الإسلامي السناري و اللغة العربية أما دافور فكانت تتحدث اللغة العربية و لها نسخة خاصة من الدين الإسلامي فاسس الإغلاق السلطوي القانونين .

وعي الشعب و ثقافته بالحقوق في قمة التشويه، فالشعب السوداني يعرف بأن نظام الإنقاذ السبب الرئيس في التدهور و ارتفاع الأسعار و لكنه لا يفعل شيء ليس السبب لان يوجد (هناك) جهاز أمن سوف يقبض عليه أو يمكن أن يقتلهم بل لأن جهاز الأمن هو في داخلنا نحن في المنازل و المؤسسات التعلمية و الدينية و ليس عبر أجهزة التجسس و المراقبة بل عبر الوعي و البنية الثقافية، عندما يقول ماركس بأن الدين أفيون الشعوب لا يقصد الدين في ذاته بل الايديولوجية التى تنتج من الدين فنظام الإنقاذ هو امتداد طبيعي للسلطة الدينية التى تم استخدامها لقمع الشعب السوداني منذ سلطنة سنار و إلى ثورة الأمام المهدي هناك نسق متكامل في المتخيل الاجتماعي قائماً على الدين ،الدين كان لاهوت تحرر فتتحول الايديولوجيا الي يوتوبيا فإن التميز التاريخي و الثقافي للشعب السوداني يجعل النظام يعمل على تأسيس التماهي لتمثلاته الخاصة و تمثلات المجتمع الكلية الايديولوجيا تتجه صوب الماضي و وظيفتها الحفظ على الوضع الاجتماعي فإن اليوتوبيا إلى السلاح نحو المستقبل فتصبح عمل ثوري

ما عاشى الإنسان السوداني بالحرية إلا بعد انقلاب نظام الإنقاذ فعندما يقول الرئيس هدفنا هو ادخلكم الجنة و الفوز بحور العين و من ثم يتفاعل الشعب معها و كأنه المنقذ أو الله يظهر مقدار او درجة الجهل و كيف يتم التحكم في وعي الشعب السوداني.من هنا تنمو أزمة القناعة بالوضع لأن الله هو الذي يتحكم في اقتصاد الدولة و على مستوي المعيشة فلا يجب الخروج و الرفض او التمرد ذنب عظيم هكذا يخرج مسؤل يطلب من الشعب الاستغفار
و يتساءل لماذا أخرج إلى الشارع - الكل يتحدث الكل يخرج أصوات - حرية الكلام هي التى تسرق منا حرية الفعل عندما أتحدث هذا يعين اني متسالم مع ذاتي راضي عن وضعي الاجتماعي و الاقتصادي هذه هي سلطة النظام هي الديكتاتورية الأخطر في العالم لانها تمنح الآخر مجال يتحرك فيه الفرد بكل حرية داخل النسق الثقافي المصتنع. لنا الاستعداد و القابلية للاستبداد أكثر من التحرر تم برمجته للهروب من الحرية لانها شيء عظيم صعب جدا فمن الأفضل أن نجد أنفسنا مظلومين مقيدين حتى نحمل كل فشلنا للآخر (النظام) فتحول النضال ضد الإنقاذ للبحث عن معنى للذات و ليس للقيم و المثل و الحرية و الديمقراطيَّةِ

لقد استشهد مجموعة من الشباب في أحداث سبتمبر التى خرجت بسبب إعلان رفع الدعم من بعض المواد و لارتفاع الأسعار إذا رجعنا إلى عام 2013 و نظرنا إلى الأسعار الجاز و السكر و الدواء و الخبز و الدولار نجدها أفضل من اليوم 2016 فلماذا لم يخرج الشباب إلى الشارع اليوم.؟ و لماذا لم يثور الشعب بعض أن ثار ضد عبود و النميري
و كان الوضع الاقتصادي و الحريات أفضل بكثير من اليوم ؟ هذه تساؤلات تحتاج للإجابة هنا تظهر أحد أسلحة النظام الخطرة هي سياسية التدرج و التأجيل فكل أسبوع ترتفع الأسعار و يصدر قانون أو تشريع يؤجل فلم ينتبه أحد و لم يخرج احد لأن الوعي الاحتجاجي مربوط بمقدار الفعل و ليس بنوع الفعل و هذا تم تمريره عبر سياسة اللامبالاة عبر الإلهاء من القضايا الرئيسة و المهمة فيمكن أن نحتج على قانون النظام العام أو بقضية فساد أحد من رجال الحزب و لكن ليس بالقضايا الأساسية .
السلطة لا توجد فقط في الخارج و لكنها توجد في أجسامنا و في دخل بنية العقل
انها المحرك اللاشعوري للفعل السياسي هي تعبر عن نفسها عبرنا و بنا تستمر في الوجود
هكذا تعمل سلطة النظام و هذه هي طبيعة ديكتاتورية الإنقاذ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا