الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بريطانيا والإتحاد الأوروبي 2: الأجندة الداخلية والخارجية

سندس القيسي

2016 / 8 / 2
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة



لقد ساد الهلع بريطانيا بعد استفتاء الخروج من الإتحاد الأوروبي، ليس فقط في المملكة المتحدة، التي لا نعرف كم من الوقت ستبقى متماسكة كأربع دول هي؛ إنجلترا، إسكتلندا، إيرلندا الشمالية وويلز. وكما يقول المثل الإنجليزي، فإن المشكلة ليست بمشكلة، إذا كانت فرصة، ولهذا فإن أكثر دولتين يمكنهما أن يغتنما الفرصة هما إيرلندا الشمالية واسكتلندا. فإيرلندا الشمالية، منطقة مضطربة بين الكاثوليك (وغالبيتهم إيرلنديون، طالما تضامنوا مع القضية الفلسطينية، لشبهها بقضيتهم)، والبروتستانت (وغالبيتهم من الإسكتلنديين، الذين أرسلتهم إنجلترا، وهم يتقاربون مع إسرائيل)، حتى يقال أن الأعلام الفلسطينية، ترفع في الأحياء الكاثوليكية في إيرلندا الشمالية، فيما يرفع البروتستانت الأعلام الإسرائيلية. وطالما طالبت إيرلندا الشمالية الرجوع إلى الوطن الأم، إيرلندا. فهل ستكون هذه فرصة تاريخية متاحة لتوحيد إيرلندا؟ وماذا عن الوجود البروتستانتي فيها؟ هل سيسمح بالإنفصال عن الوطن الأم؟

أما بالنسبة لإسكتلندا، فهناك عداء تاريخي بينهم وبين الإنجليز، وتاريخيًا، طالما تحالفت إسكتلندا مع فرنسا بالدرجة الأولى وبعض ملوك أوروبا، لتقف في وجه الإنجليز. ومن يعرف طبيعة العلاقة بين إسكتلندا وإنجلترا، التي أقل ما يقال فيها أنها ليست وفاق ومحبة، يستطيع أن يفهم لماذا يتطلع الإسكتلنديون اليوم إلى أوروبا، فهم طالما فعلوا دائمًا وأبدًا. وهذه ليست المرة الأولى التي تختلف فيها إسكتلندا مع الحكومة البريطانية. فقبل عشرة أعوام تقريبًا غيرت إسكتلندا قوانين الهجرة لديها لاستقطاب الأيدي العاملة، وكانت هذه السياسة مخالفة لسياسة ويستمنستر أنذاك.

لكن ما لا يعيه البعض، أن إسكتلندا تحكم نفسها بنفسها منذ زمن بعيد، وعندها قوانينها الخاصة بها، المختلفة عن المملكة المتحدة. وهي تنتخب نوابها في البرلمان، الذي يطرح قضاياها، من وجهة نظر اسكتلندية. ويكاد يكون هناك اختلاف في كل شيء بين إنجلترا واسكتلندا.

وعلى الحدود بينهما، تزدان البيوت بالأعلام الإسكتلندية والإنجليزية، كل حسب ولاءاته. ويوجد عدد من القرى والمدن التي تبادلت الحكم بين إنجلترا واسكتلندا، مما يشير إلى التشاحن الموجود منذ قدم الزمان، بين الدولتين. ولهذا ليس من المستغرب إن تلوح إسكتلندا بالإنفصال، بحجة البقاء في المحيط الأوروبي.

أما إنجلترا، فيبدو أنها سئمت من المهاجرين، وهي على وشك أن تحكم إغلاق حدودها والباب في وجه اللاجئين الجدد، المتدفقين من سوريا والعراق. وأول الأكل، يبدو أنه سيتناول المهاجرين من الإتحاد الأوروبي، والذين لم يسجلوا إقامتهم. في المملكة المتحدة بعد. وهذه خطوة غير مبشرة للمهاجرين في بريطانيا، إذ لا نستبعد قيام المملكة المتحدة، بإجراءاتٍ ضدهم في وقتٍ لاحق، أو حتى السماح بتنامي العنصرية، بحيث يصبح العيش في بريطانيا مستحيلاً للأقليات العرقية. وقلما يطرح موضوع العنصرية للبحث، مما يدل على إبقاء العنصرية مبطنة ومؤذية عمدًا كاستراتيجية للتخلص من المهاجرين وبخاصة المسلمين.

لكن في نفس الوقت، الآنجليز أنفسهم واثقين بقدرتهم على تجاوز الإزمة. بل إن كثيرًا منهم تنفس الصعداء، لتخلصه من كابوس الإتحاد الأوروبي، أول من فتح الأبواب لحرية الأفراد والهجرة. ولعل هذا الخروج من الإتحاد الأوروبي، فاتحة لفتح ملف الهجرة والأقليات العرقية، وطبيعة العلاقة والمساهمة في المجتمع البريطاني. وفي كل مرحلة عصيبة، ستمر بها بريطانيا، ستحتاج فيه إلى شعبها، وربما لمهاجريها. وقد نشهد جدالات عامة حول مفاهيم جديدة، ستطرأ على بريطانيا.

السؤال الأهم هو هل ستظل بريطانيا في قمة الدول، كدولة عظمى، لها تأثيرها في القرار السياسي في العالم؟ ورغم أن التكهن صعب، إلا أنه ممكن لبريطانيا أن تجد تحالفات جديدة، تتناسب مع مصالحها، قد تصبح هذه التحالفات أقوى من تحالفها مع الإتحاد الأوروبي. وستحاول بريطانيا أن تعيد أمجادها الإمبراطورية.

والعالم يبدو وكأنه متجه إلى حربٍ عالميةٍ ثالثة، ورئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، تستفتح بتأكيدها الحازم على نيتها استخدام أسلحة نووية ضد أبرياء إذا اقتضى الأمر، وقد يعتبر هذا تمهيدًا غير مبشر بالخير. إذ من سيحق له أن يصدر أوامر إطلاق الأسلحة النووية. هناك عديد من الدول التي تملك أسلحة نووية، هل سيكونون قادرين على استخدامها أيضًا؟ هل حدة الصراع ستصل إلى النووية؟

لا نملك الأجوبة على هذه الأسئلة، لكن ربما هي الأسئلة الصحيحة، خصوصًا في هذا الوقت الذي نرى فيه مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلنتون، في مواجهة مرشح الحزب الجمهوري ترامب. ونفكر هل سيعاد عهد تاتشر وريغان مع ماي وأيٍ من ترامب أو كلنتون؟

إن ارتباط أميريكا بالمملكة المتحدة تاريخي، والبريطانيون يعتبرون الأمريكان أولاد عمهم، وهم متقاربون في نظمهم السياسية ويروجون لممارسة الديمقراطية، والتي تعتبرها كثير من شعوب العالم العربي بأنه علمانية وملحدة. والديمقراطية. في الحقيقة، هي ممارسة ونظام عمل.
كافر، ملحد، علماني، ليست هذه توصيفات صحيحة، لأنك لا تستطيع أن تقول لكتاب أنت ملحد، علماني، كافر، ولا أن تقول ذلك لكمبيوتر، فكيف توصف الديمقراطية بالإلحاد، وهي شيء، وليست شخص. ثم أن لها معاني كثيرة، فكل شخص يراها بشكل مختلف.

أما تنامي التيارات الدينية و مظاهر التدين في العالم العربي، فهي بسبب وجود رغبة عند كثيرٍ من المسلمين والعرب في إعادة الأمجاد للدولة العثمانية.
وذلك لأن الغرب لم يستطع أن يقنع قطاعات كبيرة من الشعوب العربية بالديمقراطية، لأنها طالما ارتبطت بالإمبريالية وشن الحروب والتدخل في البلاد العربية والنفاق السياسي. لكن هذا لا يعني أن الديمقراطية سيئة، إنما قد يستخدمها أشخاصًا سيئين تمامًا. كما لا يعني أن الدين سيّء، إن استخدم من قبل أشخاص سيئين.

ولذلك يبدو أن هناك تطرف وتشنج على الطرفين؛ العربي الإسلامي والغربي. ويبدو أن ذلك في النهاية سيؤدي إلى صراع كبير، علينا أن نكون جميعًا مستعدين له. حيث ستحسم الأمور بالأبيض والأسود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي