الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن محمود درويش: معرض الكتاب والكاتب النجم

عبد الرحمن جاسم

2005 / 12 / 19
الادب والفن


كنت في معرض الكتاب، وشاهدت محمود درويش ويا ليتني لم أفعل.

كان نجماً بكل المعنى الصريح للكلمة، وأنا الذي ما وعيت بأن النجوم إن اقتربت منها أحرقتك، أنا كان اعتقادي بأن النجوم-البشريين يختلفون، ولكن الأمر بدا عادياً للغاية بالنسبة له. كان المعجبون يتحلقون حوله، ويتعلقون به وبأهدابه، وفتاة تكاد تكون عارية تعبر من هنا وأو من هناك "لتعربش" على الشاعر-النجم، أو المراهق اللذيذ كما حلى لأحد الأصدقاء تسميته. وواحدة أخرى تتلطى بكلماتها أمام الحضور الطاغي، وأنا أنظر وأرى وأسجل كل ما أراه لأنه قد يكون شيئاً لا أراه لفترة طويلة.

كان الفيس بريسلي أو البيتلز يتعرضون لنفس الهجوم العنيف أو الاندفاع العنيف من الجمهور، وقد كان هذا الأمر مقبولاً من مجتمعٍ أجنبي محض، لكونه مجتمعٌ تحتل فيه الدولة صورة العائلة، والأب والأم والأخوات، أما في بلادنا فقد كرست صورة النجم-الممثل-الفنان وحتى الشاعر في حالنا هذه، صورة مختلفة، بقيت لها احترامها الشديد، والرصين، فلم يحصل أن حصل تدافع أو جنون لركضٍ خلف نجمةٍ أو نجم أو ما غير ذلك، وحاولت تلفزيوناتنا العتيدة تحويل بعض الأشخاص ذوي النجومية إلى آلهة إلى أن الأمر باء بالفشل على صخور مجتمعنا -الذي لا أصفه بالمتانة إنما أصفه بالمعقولية-. ولكن ما رأيته البارحة كان غريباً للغاية، كان الناس يتدافعون لكي يأخذون توقيع الكاتب-النجم-الأسطورة على دوواينهم، وأحلى ما رأيت وأقول رأيت، لأن السمع لا يكفي في مثل هذه الحالة، كان حواراً بين فتاتين، الأولى تقول للثانية، "لماذا أحضرتنا إلى هنا، أنا لم أعرف عنك أبداً أنك تحبين الكراءة (أجل الكراءة وليس القراءة)". فترد عليها صاحبتها "لا أنا لا أحب الكراءة، ولكن هذا محمود كرويش"، فترد صاحبتها: "ومن هو محمود كرويش" فتخبرها الأولى "هذا شاعر يكتب شعر حب جميل". وأضحكني الأمر. محمود درويش أو كرويش على رأيها، شاعرٌ يكتب عن الحب، وأنا الذي أصنف نفسي من عشاق الشاعر (النجم!!!) لم أعرف أنه يكتب شعر حبٍ جميل، وأظن فيما أظن بأنها قد أضاعت طريقها، واختلط الأمر عليها بين محمود درويش (أو كرويش) ونزار قباني (ولا أعرف ماذا سيصبح اسمه معها، لإنني لم أجرؤ على التطفل عليها وسؤالها). باختصار كان جمهوراً مثقفاً بامتياز، كان جمهوراً يريد فقط أن يلمس هذا النجم، وأظن أنه لمسه.

بقيت نقطةٌ أخرى أشير إليها، لأنني بالأساس لم انتبه إلا إلى الشاعر (النجم!!!!) وسلوكه تجاه الأمر، فهو كان يحاول جاهداً أن يبدو طبيعياً وأن لا يخرج عن هدوءه المعتاد، إلا أنه في النهاية غضب، ولم يعجبه الأمر وصار يوقع دواوينه بنفس الكلمات الرتيبة وللجميع، والأحلى من ذلك أنه لم يعد ينظر إلى الأشخاص، صار يوقع كأنما لسان حاله يقول "اللي بعده" كان الأمر قبيحاً إلى حدٍ كبير، ومقلقاً.


كلمات في نهاية الأمر إلى محمود درويش "الذي أعرفه من خلال شعره":

لا أعرف يا محمود، لكنني لم أرد أن أراك هكذا، لربما كنت أطلب الكثير؛ ولربما فعلاً هو كثير. عساه خيراً... عساه خيراً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب