الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الساعة الخامسة عصرا

محمد الذهبي

2016 / 8 / 3
الادب والفن


الساعة الخامسة عصرا
محمد الذهبي
كان هذا عنوان القصيدة التي لم تكتمل، حاول كثيرا الانتهاء منها في تلك الليلة، لكنه لم يستطع ، بدت انوار الفجر تتسلل من النافذة وهو يجاهد للانتهاء ، لكن دون جدوى، وصف حبيبته في السطر الخامس ، وراح يتغزل بجمال البحيرة الزرقاء التي قضى هو واياها يومه فيها، لكنه لم يستطع ان يضع النهاية المناسبة ، كان يتكلم عن زرقتين ويقارن بينهما، نهر البحيرة عدة مرات، ولم يقارن جمالها بجمال عيني حبيبته، حتى البحار ربما خجلت من زرقة عينيها، كان يتأملها ويردد ، هنالك عدة الوان في عينيها، البحيرة كانت زرقاء فقط، لكن الالوان هنا تختلف، هناك مزيج عجيب، كان فنانا شاطرا ومبدعا من وضع هاتين العينين، لقد اجاد بلوحته ولا اعتقد ان قصيدتي ستصل الى لون واحد من تلك الالوان، انا الليلة بحالة مختلفة، لم استطع ان ارسم بالكلمات لا كمل لوحة ابدعها الله، جميع الكلمات بدت باهتة، اين ذهب الشعر ولماذا يعجز الآن، أ لم تكن الكلمات معجزة الانبياء، مابها الآن، هل من الممكن ان يبلغ بها القصور الى هذا الحد المريب، استسلم للوهن والارهاق، ورقد قليلا ثم قام مذعورا يبحث عن قصيدته، استلها من تحت فراشه وراح يكتب:
ربما اغرق الآن بنفس المياه التي ابحرت فيها عيناك
وربما ينتشلني احدهم
لكنني اعتقد انها المرة الاخيرة
سيفشل هذا الكون بتفسير اللغز
الذي قرأته في عينيك
لكنه عمد الى الكلمات الاخيرة وحاول تشويهها من جديد ، لتبقى القصيدة غير مكتملة، بدأ يشعر بالارهاق، الساعة تقترب من التاسعة صباحا وهو يلعب بالكلمات، وكأنه بحار اضاع بوصلته فصار اسيرا للريح والموج، لانام قليلا واضع قصيدتي تحت الوسادة، لم يكد يغمض عينيه، حتى تراءت له بثيابها الزرقاء في وسط البحيرة التي انحنت للون عينيها، فرك عينيه ونهض مسرعا:
يابحار الارض غضي خجلا
زرقة البحر لعينيها وتوبي
انما الازرق من وحي حبيبي
لم يقتنع ثانية ، وراح يمحو ماكتبه، اشتدت حيرته كثيرا، هذه القصيدة لايمكن لها ان تكتمل، ربما ستكتمل بلقاء آخر وبحيرة اخرى، ستكون الكتابة معها اكثر تماسكا وابلغ مفردات، نهض ليمسح ماتبقى في عينيه من اثر السهر بفنجان من القهوة ، قرر ان يخرج قليلا يمشي في الازقة عله يتعب ويعود الى النوم، اتصل به صديق واتفق الاثنان انهما سيلتقيان الساعة الخامسة عصرا، ما لهذه الساعة تكاد تكون الساعة الوحيدة لدي، لقد ارادت ان ترى الاصيل وغروب الشمس التي تنعكس اشعتها المائلة للحمرة على سطح مياه البحيرة الزرقاء، لقد كنا هناك الساعة الخامسة عصرا، تجول في بعض الازقة وعاد ثانية الى البيت، نام نوما عميقا، تجاوزت الساعة الخامسة عصرا، اتصل به صديقه فلم يلق جوابا، خف الى بيته وطرق الباب فلم يرد احد، كسر باب الشقة ودخل اليه ، فرآه ممددا على سريره، حاول ايقاظه عدة مرات ولم يفلح، قلبه فانقلبت الوسادة وظهرت القصيدة، وضعها في جيبه، اتصل بالاسعاف، نقلوه الى المستشفى، تعرض لعدة رجات كهربائية بلا فائدة، سأله الطبيب هل انت قريبه؟ كلا انا صديقه، هذا الرجل مات مختنقا بمياه تملأ رئتيه قبل ساعة من الآن، وكأنه كان في بحيرة ، هل كان يجهل السباحة، فاخرج صديقه القصيدة من جيبه واعطاها للطبيب، الساعة الخامسة عصرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-


.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق




.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا