الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الراحل عدنان سلمان من حي رفيش الاهوازي الى لندن عاصمة القرار السياسي

جابر احمد

2016 / 8 / 3
سيرة ذاتية


تصادف هذه الايام الذكرى الاولى لرحيل القيادي الاهوازي البارز الاخ عدنان سلمان الأمين العام لحزب التضامن الديمقراطي الاهوازي الذي توفي في مدينة لندن على اثر مرض عضال الم به ولم يمهله كثيرا وذلك في السادس من اب من عام 2015 ،وكان المغفور له من مواليد مدينة الاهواز عام 1955 وقد دخل المعترك السياسي منذ ريعان شبابه وفي مرحلة كانت على قدر كبير من الاهمية واستمر بالنضال حتى اخر لحظة من حياته .
لقد شهدت الفترة الواقعة ما بين 1965 حتى 1970 حراكا غير مسبوق في تاريخ العمل الوطني الاهوازي ،وإذا ما اردنا دراسة الاسباب الكامنة وراء هذا الحراك ،نرى ان جيل الستينات من الشباب العربي الاهوازي الذي دخل معترك السياسة ،قد تأثر بمجموعة اسباب،شكلت منعطفا اساسا في تاريخ حياتهم السياسية ولعل من اهمها:
اولا : انبثاق اول تنظيم سياسي عام 1958 وما تبعه من تطورات على الوضع الداخلي وخاصة الزيادة الملحوظة في عدد المتعلمين من ابناء شعبنا العربي الاهوازي.
ثانيا : انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965 وانعكاساتها في المنطقة وتأثر ابناء الشعب العربي الاهوازي بها .
ثالثا: هزيمة الخامس من حزيران علي يد اسرائيل عام 1967 وما نتج عنها من تطورات .
رابعا : حركات التحرر الوطني العربية و العالمية التي انتهجت الكفاح المسلح وسيلة لتحرير اوطنها .
خامسا:معاناة الظلم الاجتماعي والاضطهاد القومي الذي عانه المواطن العربي الاهوازي على يد النظام الشاهنشاهي البهلوي ،والأمل الذي كان يراود الأجيال من ابناء شعبنا للتخلص منه .
وقد كنت واحدا من بين هذا الجيل الذي تأثر بهذه الاحداث الهامة ،وذلك منذ ان كنت طالبا في الثانوية العامة ،وعندما التحقت بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز بعد تأسيسها مباشرة عام 1969 ،كما اننى تأثرت آنذاك بنهج الكفاح المسلح ،إلا انني قطعت علاقتي مع هذه الظاهرة في وقت مبكرا لإدراكي بأهمية النضال السلمي ودور الوعي والحراك الجماهيري في ألتغير ،وللأمانة لابد لي من الاشارة ان هذا التحول نحو النضال السياسي السلمي قد اصبح بعد عام 1975 نهجا اساسيا سارت عليه الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز – عربستان ، كما ان المرحوم عدنان سلمان شخصيا ،كان قد فك ارتباطه هو الآخر مع أي عمل تنظيمي يمت للكفاح المسلح بصلة منذ وقت طويل(1977 ) ،وقد اعتقد بأهمية النضال السلمي وقد مارسه قولا وعملا ما يقارب اكثر من ثلاث عقود ونيف الماضية وحتى رحيله .
وتربطني مع الاخ المناضل عدنان سلمان علاقة نضالية تمتد الى ما يقارب اكثر من اربعة عقود،وذلك عندما التحق في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز، الذي كان لها تواجد في العراق في حقبة السبعينات (1970-1975 ) وكان انذاك اصغر المناضلين سنا وأكثرهم حيوية ،عمل ومنذ ذلك التاريخ على تطوير نفسه سياسيا وثقافيا ،وكانت تتصف فيه سمات القيادة منذ ذلك الوقت .
وإثناء فترة وجودنا في العراق لم يفرقنا عن بعض بعضنا البعض إلا واجب المهمات النضالية ،وكنا نتطلع سوية الى المستقبل ،حيث كان يحدثني انذاك وفي قوة سطوة النظام الشاهنشاهي وكأن سقوط نظام الشاه كان على قاب قوسين او ادني .
لازمته في حياته السياسية فكان مشوارنا ورحلاتنا السياسية مشتركة بدءً ًمن رمال ووديان مشداخ الى هور العظيم ومن ثم ربوع شط العرب، فبغداد ودمشق الى طرابلس الغرب وعدن والكويت الى لبنان ، وبما فيها بيروت ، صور ، صيدا والنبطية وأخيرا لندن عاصمة القرار السياسي .
في عام 1975 وبعد عقد اتفاقية الجزائر بين ايران و العراق عام 1975خرجنا سوية من العراق فحط بنا الرحال في سورية ومن ثم لبنان ، ثم التنقل في مهمات تنظيمية والعودة مرة ثانية الى سورية .
بعد سقوط نظام الشاه بوقت قليل ،كنا من بين اوائل الاهوازيين من كوادر وأعضاء الجبهة الذين دخلوا الوطن بعد غياب استمرعدة سنوات في الخارج ،وإثناءها كان لتحرك المناضل عدنان سلمان دورا مهما في تأطير النضال الوطني للشباب الاهوازي، الذي استعاد هويته النضالية بشكل منظم بعد سقوط نظام الشاه ،فترى ابو فاروق يتنقل من الاهواز الى عبادان والفلاحية ثم المحمرة والخفاجية والحويزوالشوش وساير المدن الاهوازية الاخرى ،داعيا الجميع الى ادراك اهمية النضال الوطني والمساهمة فيه من اجل احقاق حقوق شعبنا العربي الاهوازي المشروعة .
وعندما انتكست الثورة عبر سيطرة رجال الدين وإعلانهم عن قيام الجمهورية الاسلامية وازدياد القمع ضد شعبنا العربي في الاهواز،وخرج من خرج وترك من ترك من رفاقه القدامى في النضال،آثر البقاء في الوطن مواصلا رحلته النضالية الشاقة وقد تعرض اثناءها الى الاعتقال والتعذيب والمنع من السفر لمدة طويلة .وإثناء وجوده في داخل الاهواز لم تنقطع صلته به طيلة تلك الفترة والتي استمرت منذ عام 1980 الى حين خروجه من الوطن في اغسطس- آب 2001 .
وبعد خروجه واستقراره في بريطانيا ،اتصل بي على الفور،وكان يبحث ويتدارس الافكار في سبيل تأطير العمل الوطني الاهوازي ،والبحث في افضل السبل للنهوض بالقضية الاهوازية عبر تنظيم سياسي يمتلك البرامج السياسية المبنية على ارض الواقع ،وبأساليب نضالية جديدة بعيدة كل البعد عن العفوية والانفعال،لأنه كان يؤمن ايمانا راسخا بأننا لا يمكننا ان نطرح قضيتنا سواء على الصعيد شعبنا العربي الاهوازي او الايراني او الاقليمي او العالمي ، دون ان يكون لنا تنظيم سياسي عصري يسترشد بآخر الاساليب النضالية التي توصل اليها المناضلين والتي اعطت ثمارها على ارض الواقع .
ولقد اثمرت تحركاته وبقية زملائه ممن يشاركونه ،نفس الافكار الى تأسيس حزب سياسي يؤطر نضال شعبنا ،وقد تتوج هذا الحراك الاعلان عن تشكيل حزب التضامن الديمقراطي الاهوازي الذي عقد مؤتمره الاول في عام 2003 ،حيث يعتبر ولادة هذا الحزب وما خرج به من صيغ نضالية عبر برنامجه السياسي ونظامه الداخلي حدثا تاريخيا غير مسبوق في تاريخ نضالنا الوطني .
وعندما سنحت الفرصة وسافرت وأسرتي من فنلندة الى بريطانيا ، كان هو وأسرته بانتظارنا في المطار فكان لقاءنا وكل منا ومعه افراد اسرته وبعد انقطاع دام عقديين ونيف حدثا عاطفيا لا يوصف واستمرت هذا العلاقة ولم تنقطع حتى رحيله .
وخلال تلك الفترة ،أي منذ الاعلان عن تشكيل حزب التضامن كانت توجه لي الدعوة لحضور مؤتمراته و ما عدى المؤتمر ألتأسيسي ،كنت حاضرا في جميع المؤتمرات الاخرى ،واستمرت هذه العلاقة حتى اخر يوم من حياته .
هذا ومن الناحية السياسية والإعلامية شكل مركز دراسات الاهواز ومنظمة حقوق الانسان الاهوازية وحزب التضامن الديمقراطي الاهوازي وبقية الاخوة من المناضلين ممن يقتربون من برنامج الحزب و نهجه رافدا واحدا يدعم وعبر احدث الاساليب النضالية بما فيها اسلوب انضال السلمي والمدني يدعم نضال شعبنا في الخارج والداخل.
وعندما بدأت علامات المرض تظهر عليه وتبين انه مصاب بمرض عضال ، سافرت الى لندن للاطمئنان على صحته ،وكنت الى جانبه طيلة فترة مرضه ، وما اثار اعجابي و اكباري له هو ليس شجاعته السياسية المعهودة عندما كان يناضل وسط الهور العظيم وفي ووديان ورمال مشداخ وحسب ،و انما مواجهته للمرض فكان مبتسما ولم اري طيلة وجودي الى جانبه أي علامة وجل أو ضعف او الاستلام للمرض وكان مفعم بالأمل ويردد لمحبيه باستمرار بأنه سينتصر على هذا المرض الأليم و سوف يهزمه .
اما فكرة كتابة مذكراته فكانت قد أتت بطلب من ولده فاروق الذي كان يدرك انذاك خطورة مرض والده ،لذلك قال لي ان والده كان يتحدث لي عن الكثير من الاحداث السياسية التي مر بها في حياته السياسية وإنني اخشى ان يرحل والدي ويضيع معه تاريخ بكاملة ، لا ادري ما هي الطريقة التي نستطيع بها ان نحثه على كتابة مذكراته ،؟ وبعد ان تدارسنا الوضع معا، قلت له ان والدك الان عاجز عن الكتابة ولابد لي من وضع مخطط لكي تستطيع بموجبه البدء في التسجيل ، وبعد ذلك جلست في احد استراحات المتشفى في لندن ووضعت له مخطط يتكون مبدئيا من خمسة فصول بدءا من ولادته حتى خروجه الى اوروبا وتشكيل حزب التضامن الديمقراطي الاهوازي ،وبالفعل سلمت المخطط الى ولده فاروق الذي بدء بموجبه الراحل تسجيل مذكراته ، وقد نجحت الفكرة إلا انه لم يتمكن اكمال الفصل الاخير من التسجيل حيث اشتد عليه المرض ونقل مرة ثانية الى المتشفى .
وعندما عدت الى فنلندة وبعد خروجه من المستشفى كنت على اتصال دائم معه ،اثناءها كان هم شعبه اكبر الهموم لديه ولم يفارقه هذا الهم حتى دخل في غيبوبة الموت .
قبل وفاته بعدة ايام معدودة اتصل ولده فاروق وقال لي ان رفيقك في وضع خطر ، اذا اردت ان تلقي عليه نظرة الوداع الاخيرة فتحرك عاجلاً ،وفعلا تحركت ولكن عندما وصلت الى المستشفى في لندن كان قد دخل في غيبوبة كاملة ،وعندما اردت التحدث اليه وهو مسجى على سريره ،قيل لي ان الاطباء مانعين ان يتحدث اليه أي شخص ، لأنه حساسة السمع لديه لا تزال حية وربما يولد له احساس بالأذى ، فقبلته على وجنتيه و ابقيت الى جوار حتى فارقت روحه جسده الطاهر . ولم تنتهي رحلته معه الى هذا الحد بل لازمته حتى مثواه الاخير .
من جهة اخرى كان ولده فاروق قد نجح في تسجيل اهم فترات حياته النضالية ورغم انه كان على حافة الموت الا انه كان يتمتع بذاكرة قوية وبالتالي ما حصلنا عليه من تسجيل يشكل جزء مهما من ذاكرة الشعب العربي الاهوازي السياسية .
قام ولده فاروق بإرساله تلك المذكرات مسجلة على قرص لي ، وما ان استلمتها حتى بدأت بنقلها من الكلام الى الكتابة ووفق ما تتطلبه الحالة الفنية لكتابة تسلسل الاحداث ،لان التسجيل كان في اللغة العامية ، إلا انني اثناء النقل كنت امينا الى درجة كبيرة على كتابة تلك الوقائع التي تم تسجيلها والتي اخذت مني جهدا نفسيا وجسديا استغرق وقتا طويلا وقد كانت حصيلة هذا الجهد وترتيب الاحداث حسب تسلسلها الزمني وفرزها وحصرها تطور المخطط السابق وبدل ان يكون لدينا خمسة فصول اصبح لدينا ما يقارب ال 25 فصلا ما عدى الفصل الاخير وهو كيفية خروجه من البلاد عام 2001 ووصوله الى لندن حيث لم يمهله الموت من تسجيله.
وكلي امل ان تجد مذكراته طريقها الى النشر،لأنني وحسب ما اعتقد بأنها سوف تبقى سجلا سياسيا يطلع عليه هذه الجيل من مناضلين شعبنا الذي بدأ اليوم يسطر ورغم ظروف القمع اروع ملاحم النضال البطولي من اجل نيل حقوقه المشروعة .
نبذة قصيرة عن حياة الاخ الراحل عدنان سلمان
- ولد المغفور له في مدينة الاهواز حي رفيش اباد عام 1955
- ينتمي الى اسرة عمالية انتقلت مبكرا من الريف الى المدينة ، حيث حصل والده على فرصة عمل في شركة النفط الوطنية الايرانية في عبادان .
- عند السادسة من العمر انتقلت اسرته كليا من مدينة الاهواز الى مدينة عبادان .
- بعد ان اكملت السنة السابعة من عمره دخلت المدرسة الابتدائية التابعة لمنازل شركة النفط وكانت
- بعد ان بلغ والده سن التقاعد انتقل الى مدينة الاهواز وسكن في رفيش نفس البيت القديم .
- واصل دراسته في اعدادية وثانوية 25 شهريور في الامانية في مدينة الاهواز الجانب الغربي منها
- اثناء دراسته تعرف على زملاء له في نفس الثانوية ، الذين اصبحوا فيما جزء من تنظيم واحد كان يديره ويشرف عليه المرحوم سيد فهد احد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز- عربستان الذي اعدم ومجموعة من رفاقه عام 1972 .
- واصل عمله التنظيمي منذ ان كان شابا ، وأصبح عضو في تنظيم الجبهة
- عندما حس الخطر يداهمه ، هاجر الى العراق و التحق بصفوف الجبهة في الخارج .
- بقي في العراق حتى عام 1975 حيث خرج من العراق وذلك بعد عقد اتفاقية الجزائر بين العراق و ايران في نفس العام
- تدرج في التنظيم حتى اصبح عضوا في اللجنة المركزية للجبهة ، ثم عضوا في مكتبها السياسي
- سافر بمهمات تنظيمية الى عدد من البلدان العربية منها الصومال ايام زياد بري ، ليبيا واليمن الديمقراطية بالإضافة الى البلدان الخليجية .
- بعد سقوط نظام الشاه عاد هو و بعض ورفاقه من كوادر الجبهة الشعبية فور إلى الوطن وذلك عام 1979 .
- احد الأعضاء البارزين في تأسيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الشعب العربي الاهوازي وهي لجنة كانت تسعى الى عقد مؤتمر عام للاهوازيين بعد سقوط نظام الشاه لتكوين تنظيم سياسي موحد .
- ساهم مسامة فعالة في المظاهرات التي تطالب بحقوق الشعب العربي الاهوازي
- كان عضو الارتباط بين اللجنة التحضيرية و تقدمي الشعب العربي الاهوازي
- ساهم في طبع وتوزيع نشرة الكفاح و تحمل الكثير من المشاق في سبيلها .
- من مؤسسي منظمة كادحي الشعب العربي الاهوازي .
- في الفترة الواقعة مابين 1980- 1983 عاش و عمل في الامارات
- في الفترة الواقعة ما بين 1983 حتى 1988 حاول ومجموعة من اخوته تشكيل تجمع مدني .
- القي القبض عليه وأودع السجن وذلك أواخر عام 1989 وتعرض اثناءها شتى انواع التعذيب الجسدي و النفسي .
- في اغسطس من عام 2001 خرج مجبرا نتيجة لظروف الملاحقة من قبل النظام .
- استقر في لندن، ومنذ ذلك الحين ساهم في تأسيس حزب التضامن الديمقراطي وأصبح امينا عاما له.
- ساهم مساهمة فعالة في تأسيس مؤتمر شعوب ايران الفيدرالية .
- في الفترة الواقعة ما بين 2006 حتى وفاته عام 2015 شارك في العديد من الندوات و المؤتمرات الدولية .
- مثل شعبه وحزبه في النداوة التي تعقدها هيئة الامم المتحدة
- متأهل وله عدة اولاد وبنات
تحية لروح فقيدنا الراحل عدنان سلمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على