الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن لا نؤمن بآليات الديموقراطية البرجوازية

مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)

2016 / 8 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نحن لا نؤمن بآليات الديموقراطية البرجوازية
رأي الشيوعيين الإيطاليين في الانتخابات والبرلمان والولاء للثورة

في المادة الثانية من سلسلة المقالات عن إيطاليا يتحدث الرفاق من حزب «COMUNISTI SINISTRA POPOLARE» عن كيفية تمويه ديكتاتورية البرجوازية وإلباسها لباس الديمقراطية المزيف من خلال نظام الانتخابات في إيطاليا المعاصرة ، ويشرحون كذلك لماذا لا يشارك الحزب حاليا في الانتخابات الإيطالية. وأعتقد أن هذه المقاربة يفترض أن يأخذها في الحسبان ويستوعبها شيوعيونا اللبنانيون خاصة، وهم الذين في تركيز نضالهم على الانتخابات البرجوازية وقصر شعاراتهم تقريبا على مطالبة البرجوازية اللبنانية والإقطاع السياسي بتحسين قواعد المنافسة فيها ("اللعبة الديمقراطية") لصالح تمثيل اليسار ولو بالنزر اليسير كطرح موضوع النسبية والدائرة الواحدة وأن تكون الانتخابات خارج القيد الطائفي يحصرون أنفسهم ضمن دائرة استجداء البرجوازية والبقاء أسرى شعارات تعود حتى لبعض أطرافها ولا تغني عن جوع. فـ"المحادل" الانتخابية لن تترك الساح، والعقبات المادية والإعلامية أيضا قائمة. وهذا يصبح أمرا مفجعا عندما تنتسى الأهداف النهائية أو تودع في الأراشيف وتقارير المؤتمرات الدورية ولا يفرج عنها في النضال اليومي ولا تربى الجماهير العاملة على اتخاذها مهتدى لها في نضالها.
++++++++++++
نحن على أساس خبرتنا لا نؤمن أصلاً بآليات الديموقراطية البرجوازية لعدة أسباب.

أولا، قواعد اللعبة تمليها دائما الطبقة الحاكمة في صالحها. فلا وجود لانتخابات سليمة ونزيهة وديمقراطية في ظل حكم البرجوازية ولا يمكن لها أن توجد. هذا تثبته تجربة السنوات الأخيرة. ففي جميع البلدان الرأسمالية تزداد العقبات التي تحول دون مشاركة الأحزاب البروليتارية في الانتخابات.

العقبة الأولى تكمن في العدد غير الواقعي من توقيعات الناخبين اللازمة للترشيح. وهذا طبعاً في ظل إعفاء الأحزاب الممثلة أصلاً في البرلمان من جمع التوقيعات.

العقبة الثانية هي النسبة المئوية الدنيا من الأصوات الواجب أن يحصل عليها المرشح لينتخب نائبا أو النصاب الانتخابي القانوني. فالنصاب القانوني للأحزاب التي لا تشارك في أي ائتلاف هو اليوم في ايطاليا 8٪. ونتيجة لذلك، يتم حرمان الملايين من الناخبين من الحق في أن يكونوا ممثلين في البرلمان. كما لو أنهم لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، ولذلك نصف الناخبين في بلدنا باتوا لا يصوتون.

وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي النظام الأغلبي في نسخته الايطالية طالما أرادها وتمناها يسار الوسط إلى العبثية. والتحالف الذي وصل إلى أغلبية نسبية يحصل تلقائيا على 55٪ من المقاعد في البرلمان. ويجب أن يضاف إلى ذلك أن الناخبين في إيطاليا ليس لهم الحق في إعطاء الأفضلية لهذا أو ذاك من المرشحين، وهم مجبرون على التصويت لصالح القائمة بأكملها التي تشكلها أمانة هذا الحزب أو ذاك الائتلاف. والنتائج التي استخلصناها واضحة: البرلمان الذي ينتخب بحسب مثل هذه القواعد، هو برلمان غير تمثيلي وغير شرعي سياسياً؛ الديمقراطية هي ديمقراطية وهمية. وهكذا أمامنا مثال واضح على الدكتاتورية المقنعة للبرجوازية.

ثانيا، نحن نعتقد أن أخذ السلطة من قبل البروليتاريا ليس مرتبطا إطلاقاً بتحقيق أغلبية في البرلمان البرجوازي ولا يعتمد عليه، وخاصة في ظروف يومنا الحاضر، عندما نجد أن البرلمانات محرومة بحكم الأمر الواقع حتى من شانها الرئيسي وصلاحيتها الأساسية ألا وهي أن تكون سلطة التشريع.

البرلمان الإيطالي اليوم، على سبيل المثال، ليس سوى مصدِّق لقرارات الحكومة، أي السلطة التنفيذية التي، بدورها، لا تطرح على التصديق سوى قرارات تكون قد اتخذتها المجالس الإدارية للبنوك والاحتكارات. فهناك فقط الآن قلب السلطة النابض. فسلطة رأس المال الاقتصادية انصهرت تماما مع الدولة، وهي من يحدد بشكل مباشر سياستها.

وهذا هو السبب الذي يجعل حزبنا يفضل تطوير النضال في ساحات الصراع الطبقي، خارج قاعات البرلمان، ويحاول تنظيم حركة جماهيرية للمقاومة الاجتماعية تكون قادرة على محاربة الرأسمالية والبرجوازية لإسقاط حكومتها.

هناك حيث نستطيع، بل الأهم من ذلك، حيث يعزز ما نقوم به نمو الحزب ويساعد على تطوير حركة المقاومة الاجتماعية، لا يرفض حزبنا المشاركة في الانتخابات. في مثل هذه الحالات نحن نعتبر مشاركتنا في الانتخابات وسيلة لاختبار فعالية الدعاية لموقفنا بين الجماهير.

وبالإضافة إلى ذلك، يسمح هذا باستخدام ما يسمى بـ"الحق في المنصة،" أي في إمكان استخدام وقت البث ووسائل الإعلام لدعايةأكثر لجماهيرية، وهو ما ليس من السهل تحقيقه في حالات أخرى. ولكننا على أي حال لا نعتقد أن المشاركة في الانتخابات ووجودنا في الهيئات المنتخبة يعنيان الاستيلاء على السلطة والتأهيل للثورة الاشتراكية.

إن الحواجز المصطنعة في طريق المشاركة في الانتخابات، والنصاب العالي (العتبة الانتخابية المرتفعة) المطلوب لانتخاب نائب واحد على الأقل، والتقييم الواقعي للقوة التنظيمية الحقيقية التي لدينا في هذه المرحلة، قد دفعت منظمتنا إلى اتخاذ قرار بعدم المشاركة في الانتخابات السياسية في عموم إيطاليا.

في رأينا، لا معنى لاستنزاف قوة الحزب في التغلب على الحواجز والعقبات البيروقراطية التي تحول دون انتخاب ولو نائب واحد بسبب الحاجز المرتفع. فمن الأفضل أن توظف القوى المتاحة في تطوير التحالفات الاجتماعية للطبقة العاملة، وتنظيم مقاومة محددة ونضال جماهيري في أماكن العمل والدراسة، في الساحات، وتعزيز مكانة الحزب ونفوذه بين أبناء الطبقة العاملة والشغيلة.

المادة السابقة من سلسلة المواد حول إيطاليا:

شيوعيو إيطاليا وأخطاء الماضي

تقديم وترجمة مشعل يسار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوعي اللينيني
محمود سلطان ( 2016 / 8 / 4 - 06:15 )
العامل الأساسي والأولي في بناء الحزب الشيوعي هو الوعي اللينيني لماركس أي قراءة لينين لماركس
جميع الأحزاب الشيوعية في العالم دون استثناء تفتقد اليوم مثل هذا الوعي حتى وصل الأمر لأن ينسى أحد رهبان الشيوعية دور الوعي اللينيني للماركسيية في بناء
الحزب الشيوعي الأفقي والعمودي سواء بسواء
هات حزباً شيوعياً واحدا يقول أن الامبريالية انتهت ولم يعد لها وجود في عالم اليوم الأمر الذي كان المؤتمر العام التاسع عشر للحزب الشوعي اليوفياتي عام 1952 قد اتخذ فيه قراراً يمكن للرفيق مشعل أن يعود إليه


2 - ما أشد ضرر هذا الخطاب
عبد القادر أنيس ( 2016 / 8 / 4 - 17:28 )
على كل حال، حتى صاحب نهاية التاريخ لم يعد يزعم أن الديمقراطية البرجوازية هي نهاية التاريخ، ولكن وإلى حد الآن، فإن هذه الديمقراطية البرجوازية هي أفضل ما أبدعه الفكر السياسي الإنساني لإدارة الأنانيات . إلى حد، فإن العمال وغيرهم من الطبقات والشرائح الاجتماعية هي الأحوج إلى هذه الديمقراطية وليس العكس، كما يكذب بعض اليساريين. المستضعفون في الأرض، خاصة في المجتمعات الرأسمالية المتطورة هو الأكثر استفادة من هذه الديمقراطية، مهما كانت عبوبها. الزعم بأن هذه الديمقراطية برجوازية كذب في كذب. البرجوازية ليست في حاجة إلى الديمقراطية للدفاع عن مصالحها. مكتسبات التعددية الحزبية والنقابية وحرية التفكير والانتخابات الحرة كلها حققتها الشعوب بالنضال، وليست منة من البرجوازية. التشنيع على هذه الديمقراطية حيلة يلجأ إليها اليساريون السذج أو المخدوعون للوصول إلى السلطة وإقامة أنظمة استبدادية (كما جرى سابقا) يهيمن فيها حزب واحد يتقزّم تدريجيا ليتحول إلى مجرد شلة من المحتالين على رأسهم قائد معصوم لا يجوز نقده.
التشكيك في جدوى الديمقراطية (البرجوازية) مضرجدا بمصالح العمال الذين يزعم هكذا مذهب الدفاع عنهم.


3 - آليات الديموقراطية البرجوازية لعبة خبيثة
طلال الربيعي ( 2016 / 8 / 5 - 01:10 )
اتفق مع محتوى المقال تماما ان آليات الديموقراطية البرجوازية وانتخاباتها هي لعبة خبيثة لتكريس الاستعلال الطبقي وادامته. والدلائل على ذلك صلدة ولا يمكن انكارها.
فمثلا, ان وصول الشيوعي المخضرم رئيس جمهورية ايطاليا السابق,
Giorgio Napolitano
الى سدة الرئاسة عام 2006, لم تحمل ايطاليا ان تخطو خطوة واحدة نحو الاشتراكية بوجود نابوليتانو في اعلى منصب في الدولة, وهذا لا يعود بتاتا الى عدم كفاءة نابوليتانو او قلة اخلاصه,علما ان فترة رئاسته تعتبر اطول فترة رئاسة في ايطاليا منذ تأسيس الجمهورية الحديثة, وقد كتب نابوليتانو, بالاشتراك مع المؤرخ الماركسي الكبير
Eric Hobsbawm
كتاب -طريق ايطاليا الى الاشتراكية-
ونفس الكلام ينطبق على قبرص. فقد احرز زعيم الحزب الشيوعي القبرصي (اكيل)
Demetris Christofias
بواسطة انتخابات برلمانية, منصب رئيس الدولة للفترة 2008-2013.. وبحكم كون قبرص عضوا في السوق الاوربية المشتركة اصبح بدوره ايضا رئيسا للسوق الاوربية المشتركة لمدة سنة واحدة.
يتبع


4 - آليات الديموقراطية البرجوازية لعبة خبيثة
طلال الربيعي ( 2016 / 8 / 5 - 01:14 )
ومن الواضح تماما ان فوز سكرتير الحزب الشيوعي بمنصب رئيس الدولة في قبرص او رئاسة السوق الاوربية المشتركة لم يغير قيد شعرة من طببعة النظام الرأسمالي في اوربا او في قبرص . لذا ينبغي هنا التساؤل عن مغزى نضال هذا الحزب من اجل الاشتراكية. فاذا لم يستطع الحزب تحقيق اي تغيير وزعيمه هو رئيس الدولة, فكيف يستطيع الحزب الادعاء بكونه يناضل من اجل الاشتراكية, وكيف سيحققها؟
ولذا يبدو ان الاستنتاج الذي لا مفر منه, على ضوء المعطيات العلمية والوقائع التاريخية, وهو استنتاج لا يسبب لي ادنى شعور بالغبطة, هو ان الانتخابات البرلمانية لا يمكن لها تحقيق التحول الاشتراكي. الوقائع مرة بالطبع ولكنها صلدة ولا مجال لانكارها. وان محاولة الاحزاب الشيوعية تحقيق الاشتراكية والديمقراطية الحقة عن طريق الانتخابات هي مسألة مفعمة بالمشاكل والتناقضات وتشكل دليلا مؤسفا على تخبط الحركة الشيوعية العالمية. قد فصلت هذه الامور بتوسيع اكبر في مقالي
-تخبط الحركة الشيوعية العالمية والانتخابات البرلمانية-
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=500892

اخر الافلام

.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ


.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم




.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال