الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن قوة الشخصية وكيف ننهض بفكرنا لمواجهة الصعوبات

سحر جعفر الكيشوان

2016 / 8 / 5
الادب والفن


ألبير كامو: حول قوة الشخصية وكيف نرتقي بعقولنا لمواجهة المصاعب
بقلم: ماريا بوبوفا
ترجمة: سحر جعفر الكيشوان
’علينا اصلاح ما تم تمزيقه، وأن نتخيل شكل العدالة مرة أخرى في عالم من الواضح أنّه ليس عادلاً، وإعطاء السعادة معنى أخر...‘
في عام 1957، أصبح ألبير كامو (7 نوفمبر 1913-4 يناير 1960) أصبح ثاني أصغر كاتب حائز على جائزة نوبل في الأدب، منحت له لعمله ’بجدية واضحة وتسليطه الضوء على مشاكل الوجود الإنساني في عصرنا‘.(وبنفس الحماسة والجدية، بعث كامو يوماً بعد استلام الجائزة الفاخرة رسالة امتنان جميلة الى معلم طفولته.)
وبعد مرور أكثر من نصف قرن، جعلت بصيرة كامو الواضحة والمستنيرة منه راءٍ خالد للحقيقة وأحد الذين يمجدون ويسهبون في ماهية الروح الإنسانية - هذه البصيرة التي يمتلكها كامو توجّه أذهاننا الى تذكر رفيقه سيمون ويل ((Simone Weil ، الذي كان ألبير كامو معجباً به أكثر من أي مفكر آخر، ومن خلاله قال كامو مقولته المشهودة ’الاهتمام هو أندر وأنقى صور التضحية‘.
ليس هنالك من مكان ينبثق منه اهتمام كامو وتعمقه بروح الإنسان وبشكل بارع أكثر من مقالاته عام 1940 بعنوان ’أشجار اللوز‘ والتي كتب فيها حول السعادة، اليأس، وكيف نتعلق أكثر بالحياة. لذا فإن كتابة كامو في أوج الحرب العالمية الثانية، و صراخ الانسانية من أجل العدالة والرحمة، ودعوة كامو الواضحة لإيقاظ طبيعة النبل فينا تُدوّي اليوم بأسلوب لاذع جديد، وسط عصرنا الحالي المليء بإطلاقات نار وعنف أحمق.
في عامه السابع والعشرين، كتب كامو:
نحن لم نتغلب على قيودنا، ومع ذلك نعرفها جيداً. نعلم أننا نعيش في تناقض، ولكننا نعرف أيضاً أنه ينبغي علينا أن نرفض هذا التناقض ونفعل ما هو مطلوب للحد منه. مهمتنا كــ [بشر] هو العثور على بعض المبادئ والتي من شأنها تهدئة الألم والوجع غير المحدود في النفوس الحرة. علينا أن نصلح ما تمزق، وأن نجعل العدالة قابلة للتطبيق مرة أخرى في عالم من الواضح أنه أصبح غير عادل، وأن نعطي السعادة معنى آخر لأناس تسمموا ببؤس هذه القرن. وبطبيعة الحال، تلك مهمة خارقة. ولكن المهمة الخارقة هو مصطلح نستخدمه [نحن] عندما تأخذ منا مهامنا وقتا طويلاً لتحقيقها وهذا كل شيء.
دعونا اذا نعرف أهدافنا، أن نتمسك بالعقل، حتى وإن نجبر أنفسنا على التفكير عميقاً أو تستدرجنا فكرة ممتعة. الشيء الأهم هو أن لا نيأس. علينا أن لا نستمع كثيراً لمن ينادي بنهاية العالم. الحضارة لا يمكن لها أن تموت بسرعة، وحتى لو كان عالمنا على وشك الانهيار، فلن تكون هذه المرة الأولى. و مما لا شك فيه أننا نعيش في زمن مأساوي. ولكن الكثير يخلط بين المأساة واليأس. في تعريف للمأساة أو ’التراجيديا،‘ يقول دي. أج. لورنس، أننا ’ نستطيع بالتراجيديا أن نركل اليأس.‘ هذا يعتبر فكراً سليماً وقابلاً للتطبيق. فهنالك الكثير من الاشياء في عصرنا الحالي تحتاج لمثل هذه الركلات.
في بيان جدير بالذكر عام 1919 والذي أُطلِق عليه بيان استقلالية الفكر- وقد تم التوقيع عليه من قبل شخصيات بارزة مثل برتراند راسل ((Bertrand Russell، ألبرت آينشتاين(Albert Einestein )، رابندراناث طاغور(Rabindranath Tagore)، جين آدمز (Jane Addams)، أبتون سنكلير (Upton Sinclair)، ستيفان تسفايغ(Stefan Zweig )، وهيرمان هيسه (Hermann Hesse) - يقول كامو أن مثل هكذا ’ ركلة ‘ تُسَلّم من قبل التثقيف المدروس لأعلى فضائل العقل:
إن أردنا حماية العقل فعلينا أن نتجاهل فضائله المحزنة ونحتفل بقوة تساؤله. لقد تسمم عالمنا ويبدو أنه بدأ يتخبط جراء بؤسه. وقد استسلم تماماً لهذا الشر الذي سماه نيتشه بــ الروح الثقيلة. وعلينا أن لا نضيف هذا الثقل الى عالمنا. لقد أصبح من غير المجدي البكاء على ما يخيم على عقلنا من حزن، ولكن علينا أن ننهض به.
ولكن أين هي تلك الفضائل التي من شأنها ترويض العقل وتحريره؟ تلك الفضائل أدرجها نيتشه بكونها تدمر هذا الثقل الذي تشعر به أروحنا. بالنسبة له، هذه الفضائل هي قوة الشخصية، الذوق، ’العالم،‘ السعادة الكلاسيكية، الشعور بالفخر، والتفكّر بحكمة. وأكثر من أي وقت مضى، تعتبر هذه الفضائل ضرورية اليوم، ويمكن لكل واحد منا أن يختار الفضيلة الأنسب له. وقبل أن نتوسع في فهم معاني هذه الفضائل، علينا أن لا ننسى قوة الشخصية. ولا أعني بقوة الشخصية التكلف الذي يظهر على المنصات السياسية، تلك القوة التي يملأها الغضب والايماءات التي تنذر بالتهديدات. ولكنها تلك الفضيلة التي من خلال نقاوتها ونسغها نستطيع أن نقف بوجه كل المتاعب. تلك هي قوة الشخصية التي نحتاجها في شتاء هذا العالم والتي سنقطف ثمارها بعد ذلك.
وكتب كامو في أجزاء أخرى من هذا الكتاب، ’في عمق الشتاء، أكتشفت أخيراً أن في داخلي صيف لا يُقهر‘ وفي كل مرة يمّر شتاء في دواخلنا، سيعيد كامو ذلك الصيف فينا، فأعماله تدعونا دائماً لأن نلتزم بفضائلنا ونرتقي الى طبيعة أكثر نبلاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي