الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجشع والمرض وكفن الميت

نوري جاسم المياحي

2016 / 8 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كل عراقي رجل او أمرأه ..غني او فقير. شيخ او طفل ..عبقري او غبي .. مسلم او يهودي فهو معرض للإصابة بمرض ما وفي يوم ما...فيضطر لمراجعة الطبيب ... لان المرض يصاحبه الام لا تطاق والطبيب هو الشخص الوحيد المؤهل لتخفيف الام المريض فلهذا صنفت مهنة الطب بمهنة الرحمة ..والاطباء صنفوا كرسل الرحمة ..
وللأسف اليوم وبعد ان تحولت حياتنا الى حياة مادية صرفة وبشعة يصادفنا الكثير من البشر ومن مختلف الألوان والمهن مرضى بالطمع والجشع وحب تكديس المال ومنهم بعض الأطباء او ذوي المهن الطبية ..فشوهوا الصورة الإنسانية الجميلة لمهنهم لان (الأخضر يحترق بسعر اليابس ) ومن هنا جاء الدعاء ( اللهم اكفنا شر الحاكم والحكيم ) والمقصود هما المحامي والطبيب ..
ولا سامح الله فان ابتليت بمرض ما فتضطر لمراجعة الطبيب وملحقاته من المختبرات والصيادلة والمستشفيات الاهلية وغيرها... ومن ملاحظاتي الشخصية thk lu/l اختصاصات الأطباء امرهم مقدور عليه ما عدا الطبيب الجراح وخصوصا المشهورين منهم والمقصود هنا (الطماع والجشع ) فقد تعجبك حلاوة لسانه وحسن استقباله وترحيبه الحار ولكن عندما يتأكد من ان مرضك يحتاج الى تداخل جراحي و سالته عن كلفة العملية ... لبس وجه المسكنة وبأسلوب رقيق وعاطفي لذيذ ( ويكسر الخاطر على حال المريض )
وعندها ينزل على راسك الصاعقة فان كانت العملية صغيرة فأجرتها مليون وان كانت كبيرة فعدة ملايين...وغير خاضعة للمساومة والمفاصلة وعلى الطريقة الإنكليزية (fix price ) وبما انك مضطر لأجرائها وفي المستشفى الاهلي الذي يحدده فلا مفر من القبول على مضض وفي قرارة نفسك تلعن حظك العاثر الذي مرضك ولاسيما ان لم تمتلك اجرة العملية ( لأنك ستضطر لتنزيل ماء وجهك بالاستدانة من الاخرين )
وللأنصاف والأمانة للطبيب فانت حر فهو لا يجبرك على مراجعته بل بالعكس تشعر بالامتنان له وشكره و لا تلعنه هو وانما تلعن حظك العاثر الذي مرضك ولاسيما انت من جاء اليه ورشوت السكرتيرة لتحجز عنده وليس هو من جاء اليك وانت غير مجبر في ان تجري العملية عنده او عند غيره من الأطباء ..
اما ما دفعني اليوم للحديث عن جشع (بعض) الأطباء هو ما حدثني به ولدي عن حادثة غريبة وغير متعارف عليها عند اطباءنا العراقيين وهو ما يسمى بدفع أجور مراجعات مسبقة 100 الف لمراجعتين او 200 الف لأربع مراجعات وبعد ان اجرى العملية سواء يحتاج المريض للمراجعة او لا ... أي ما يسمى عند العراقيين مثل (الخاوة)...وان لم تدفع لن بفحص الطبيب المريض المسوي العملية ..
سمعت هذا بالأمس وعن حوار دار بين ولدي وسكرتيرة الدكتور الجراح حازم محمد الطائي وللأسف بعلم الطبيب نفسه وما سمعته اغضبني وأحزنني أولا لأي مستوى وصل الجشع عند البعض وثانيا لأنني لم اسمع بمثله طيلة حياتي لأنه غريب وغير منطقي...وثالثا حال العراقيين المساكين ..
فقبل اربعة أيام من الان اجرى الدكتور حازم الطائي عملية رفع اللوزتين لحفيدتي رتيل البالغة من العمر سنتين مقابل اجرة مقدارها 900 الف دينار ...600 الف اجرة يده و300 الف اجرة مستشفى الزهور بالحارثية ...وحسب الأصول دفعت الأجرة وبرضى الجميع واخرجت الطفلة من المستشفى في نفس اليوم ...وقبل الخروج طلب الطبيب من ابيها ان يجلبها للعيادة بعد ثلاثة أيام لفحص العملية ...
وفعلا ذهب للعيادة في الموعد المحدد وعند مراجعة السكرتيرة وأخبرها بما قاله الطبيب عن المراجعة ...عندها طلبت منه ان يدفع مئة ألف دينار. فسألها لماذا ادفع ..؟؟ اجابته اجرة مراجعة لمرتين ؟؟ فقال لها ولماذا ادفع مسبقا علما ان اجرة المراجعة عندكم 25 ؟؟
وفي هذه اللحظة دخلت على الخط مراجعة كانت هي وابنتها بالانتظار ...فقالت للسكرتيرة وكأنها تشجعت بحوار ولدي انا سبق ودفعت لك 200 الف دينار اجرة اربع مراجعات ومراجعتي اليوم هي الثالثة .. عندها انبرت السكرتير وبأسلوب اقل ما يوصف انه صلف ..( ذيجي اللي دفعتيها راحت )
لأنك تأخرت عن الموعد كثيرا ويجب ان تدفعي من جديد والمسكينة ابنتها تتوسل بامها خجلانة (يمه اسكتي ).. .. ولكن السكرتيرة أصرت ..هذه أوامر الدكتور الطائي ...بربكم هاي صايرة او دايرة في مجتمع حضاري محترم ... الم اقل لكم سابقا ان المجتمع العراقي يعيش ازمة قيم واخلاق وضمير ...
فرفض ولدي هذا الابتزاز وحز في نفسه هذا التصرف ليس من اجل المال والمئة الف لأنه سبق ان دفع اكثر من مليون راضيا مرضيا اما ان يستغل وبعد اجراء العملية وبهذا الشكل وبالغصب كامر واقع فامر لا يقبله أي انسان يحترم نفسه فترك العيادة واتصل بالطبيب ليخبره بما جرى ..والغريب ان الطبيب لم يكلف نفسه عناء الاعتذار او التبرير وانما اكتفى بالسؤال ( شلونهه رتيل ؟؟؟ )
وهكذا ترك ولدي وطفلته العيادة ولاعنا المرض والحظ وجشع وطمع الانسان ..وانا شخصيا ارثي لأكرم كرماء العرب ومفخرة تاريخ العرب في الجاهلية حاتم الطائي المشهور تاريخيا وهو يتألم في قبره ان يكون احد احفاده بهذا الجشع والطمع ..
والآلم يحز في نفسي عندما احسب دخل الدكتور حازم الطائي في ذلك اليوم فقط وكما اخبرني ولدي ما يقارب مليونين ونصف دينار لأنه اجرى 4 عمليات ..في ذلك اليوم ...وعلى افتراض ان اجرة كل عملية 600 الف وليس اكثر .. وان قارنته بالراتب الشهري لولدي والد الطفلة والمهندس في التصنيع العسكري هو 750 الف شهريا .. وان جمعنا مدخول الدكتور في 20 يوم فقط نجد دخله لا يقل عن 50 مليون شهريا ان لم تكن له ورادات أخرى لا اعرفها ... (انا شخصيا لا الومه ولا احسده بل اعاتبه وانصحه ان قبل النصيحة فهو لم يسرق هذا المال من احد وانما حصل عليه بتعبه وعرق جبينه وهذا رزقه وليس كل الأطباء مثله ) وأقارنه بالشعب الذي يطلع مظاهرات ويسب ويشتم بالنواب والوزراء لان راتبهم كما يشاع 15 مليون ... (وللأسف بلا تعب) ..
انا أقول للدكتور حازم ومن شابهه ... أهلنا علمونا (الانصاف ثلثين المروة) والفلوس ليس كل شيء بالحياة ...وكما يمرض الناس فانتم أيضا معرضون للمرض ايضا...وقد تضطر نفسك لمراجعة الطبيب ...وتأكد مهما بلغ مدخولك فلن تستطيع ان تأكل أكثر من أي انسان اخر وفقير الحال ...وفي نهاية المطاف فأنك ستدخل القبر ملفوفا بأربعة أمتار من الخام الأبيض وكما سأدخله انا وغيري من الملايين من غيرنا غنينا وفقيرنا بما فيهم فؤاد معصوم او جلال الطالباني او نوري المالكي ...
وتحضرني نصيحة سمعتها من الأكثر مني علما ودراية .... الكفن ليست به جيوب ... أي ان الميت يترك الحياة عاريا الا مما تركه من عمل صالح ...ونصيحتي لمن يقبل النصيحة ...ان ادفعوا اجرة المراجعات قبل الدخول الى القبر ...على طريقة الدكتور حازم الطائي مع مرضاه ...
وكم حزنت على الكتور وهو الحاج عندما شاهدت صوره على الفيس بوك وهو بلباس الاحرام وفي بيت الله الحرام .. وادعوا له بالهداية والشفاء من مرض حب المال ...والرحمة بمرضاه ..
ولنترك الدكتور الحاج ليراجع نفسه واعود لأناقش اس المشكلة التي يعاني منها المجتمع العراقي والفروقات الهائلة بين دخول المواطنين ...اما متخم او محروم ...والسبب هو النظام الضريبي المفقود في الدولة العراقية بسبب الفساد المستشري والرشاوي وفقدان الشفافية والنزاهة في تطبيق قانون ضريبة الدخل الذي يلغي الفوارق او يقلصها. وهذا بسبب فشل العملية السياسية المبنية على المحاصصة الطائفية ..
(اللهم استعيذ بك من عين لا تدمع وقلب لا يخشع وبطن لا تشبع)
اللهم احفظ العراق وأهله أينما حلوا او ارتحلوا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يهدد.. سنجتاح رفح بغض النظر عن اتفاق التهدئة | #رادا


.. دلالات استهداف القسام لجرافة عسكرية إسرائيلية في بيت حانون ف




.. من هو -ساكلانان- الذي نفذ عملية طعن بالقدس؟


.. أخبار الساعة | غياب الضمانات يعرقل -هدنة غزة-.. والجوع يخيم




.. مستوطنون إسرائيليون يعترضون شاحنات المساعدات القادمة من الأر