الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة / قدح ومطر اخر الليل

امنة الذهبي

2005 / 12 / 19
الادب والفن


حبات المطر تعزف لحنا قاسيا على زجاج نافذتي .. لحنا يذكرني بنقر اصابعك على الباب عند عودتك كل ليلة وانا نائمة من التعب … على العكس منك تماما ، لا أدري من اين كنت تاتي بكل تلك القدرة على تحمل ساعات العمل دون احساس بالاعياء .
اشتد المطر في الخارج وارتفع صفير الرياح مع الرعد حتى انقطع التيار الكهربائي ، بدا كل ما في الغرفة هلاميا ،كأن لا وجود له ، كل الاشياء الثمينة تفقد قيمتها في الظلام ، همست بها في اذنك ذات مرة ، فانبتني كثيرا ، لا ادري مالذي يشدك الى العتمة ,....دائما كلما عرض التلفاز فلما للسهرة ، تضايقت واوصدت بعدها الابواب والنوافذ مثلما فعلت انا الليلة ، تطفئ الانوار كلها قبل ان تتوسد ذراعي وتحرمني النوم حتى الفجر ، في العتمة ، تبدين سرا عصيا ، دائما كنت ترددها حتى اقتنعت بها او اقنعتني رغما عني ، لا اذكر ان للمطر صوتا عندما نكون معا ، لم اسمع صوته في كل الشتاءات العشر التي قضيتها على صدرك ، ربما كان نبض اوردتك او صوت انفاسك اعلى ؟
برق ضوء قوي في الخارج ، كانت صاعقة نفذ شيء منها عبر النافذة وانعكس على قدح كان يقبع على الطاولة ، نصفه مليء بعصير الليمون ، تلألأ الضوء فيه .. كانما حبات لؤلؤ في القعر،مازلت اذكر نصيحتك " لا تتركي الاقداح فارغة كي لا تغضبي الاشباح" .. من يومها وانا املأ القدح كل ليلة بنوع من العصير اشربه حتى المنتصف ، واترك الباقي للاشباح التي لم تات بعد .. عاد المطر يعزف لحنه على زجاج نافذتي ، تركت سريري وترجلت صوبها ازحت الستائر ، كان الظلام قد غزا المكان ، اضواء الشوارع انطفأت ، والسيارات هجرت الطريق العام او اختبأت خوفا من الاشباح والرعد .
في قريتي ، كانوا يبتهجون بالمطر ويصلون من اجله اذ غاب عنهم ، فهو عندهم قرين الخير دائما ، خلاف اهل مدينتك هذه ، يختبأون منه ويفزعون كانه ماء النار الذي سيذيب اجسادهم اذا لامسها . امن شدة تعلقي بك صرت مثلهم ، اخشى المطر او هكذا يخيل لي هذه اللحظة ؟! كم اشتاق اليك .. افتقدك .. لماذا تتركني وحدي اتحدى المطر مع قدح نصف مملؤ ينتظر الاشباح التي اشعر انها ستأتي هذه الليلة ، هدأ صوت الرياح ، وبدا لوهلة كانه انين متقطع يطلب الغوث .. انقطع نشيج السماء وعاد التيار الكهربائي يرذرذ النور في الارجاء ، التفت الى القدح ، لم تعد اللآلي في قعره ، مددت يدي صوب مقبض النافذة فهب نسيم رائق من نسائم اخر الشتاء واول الربيع ، تحركت الستائر وسقط القدح من المائدة ناثرا شضاياه في ارجاء الغرفة . المطر توقف ولم يعد معي نصف قدح مليء ولا نصف قدح فارغ ، بل لم يعد معي ايّ قدح اصلا . قرع قاس يحاول خلع الباب ، الوقت تجاوز منتصف الليل منذ وقت بعيد ، انها الاشباح الغاضبة ، قلتها لنفسي وسارعت باطفاء الانوار ليمضغني الخوف في الفراش ، ما عسى ان تفعل امرأة وحيدة في مواجهة اشباح غاضبة اخر الليل؟! تصاعدت حدة النقر حتى انفتح الباب تحت ضغطها .. برهة .. وصوته الدافئ يداعب سمعي .. لماذا تركت النوافذ مفتوحة .. الا تخشين البرد والاشباح .؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب