الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجل مع الملح لا مع السكر

جعفر المظفر

2016 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


رجل مع الملح لا مع السكر
جعفر المظفر
لن يأكل من قيمة الحدث إفتراض أن العبيدي كان نسق مع بعض اطراف العملية السياسية المدانة قبل ان يذهب إلى مجلس النواب, لإن إفتراض ذهابه أعزلا إلا من عصاه يعني فقدانه لأهم أسلحة التحوط, وهي أسلحة يجب ان يحملها السياسي والعسكري قبل ان يدخل إلى ميدان مجابهة يراد منها كسر العظم.
غير ان هذا التحوط المشروع كالعادة هو سلاح بحدين, وما لم يكن له مقبض أمين ومَسْكة متمنكة, فإن أحد حديه سيأكل من الخصم, أما الثاني فسياكل من صاحبه, لتتحول العملية برمتها إلى مجرد تفجير إنتحاري كان جرى على طريقة عليَّ وعلى أعدائي يا رب.
إفتراض أن العبيدي هو برئ تماما من أي مأخذ أو أنه كان نقيا من أية شائبة هو إفتراض مفخخ لسبب ان العبيدي نفسه هو جزء من نظام محاصاتي ليس يقدر المسؤول أن يعتلي إحدى منصاته ما لم يكن قد توفرت فيه شروط الإنسجام والتناغم والتماهي مع المعادلة الأساسية للنظام, وهي معادلة تقوم على مبدأ خذ وأعطي الذي يجعل من الإستحالة أن يتسلل شخص إلى منصته من خارج نخبته المُمْتَحنة بمبدأ أل(خذ وهات).
في الفترة التي تلت سقوط النظام تمكن أشخاص بعدد أصابع اليد نَيْل منصب الوزير ثم الخروج من الوظيفة مثلما دخلوا إليها بالحد الأدنى من الحقوق. بعدها بفترة, وتحديدا بعد دخول سيئا الذكر الجعفري والمالكي على الحكم تم ترسيخ النظام الطائفي المحاصاتي بحيث اصبح وصول وزير إلى سدة الوزراة بدون أن يكون متماهيا مع شروط الفساد وسياقاته هو أمر صعب جدا.
في حالة كهذه سيكون إفتراض أن يخرج بطل علينا بالمواصفات النمطية للبطل هو إفتراض مفخخ لأنه ينسف في اذهاننا ومخيلاتنا كل إمكانية للقبول ب (بطل) من داخل الحالة ذاتها, وسيجعلنا هذا بالتالي نرفض كل شكل من أشكال التمرد على النظام, منتظرين بطلا على مزاجنا الخاص لا على مزاج اللحظة الفاعلة التي لم نعد نملك نصيبا إلا متواضعا في تصنيعها.
إن أي مستوى من مستويات التغيير يملك وسائله وآلياته وقواه الخاصة. في الماضي كان هناك شعب لم يجرِ تخريبه بعد وأحزاب قادرة على التأثير ومؤسسة عسكرية ظلت على مدار الساعة مستعدة لتفريخ الإنقلابات. ولقد تم إخراج كل ذلك من ساحة الفعل والتفعيل وصار الحلم بالتغيير يبحث عن مخرجات جديدة خاصة به وعن أبطال من خارج المخيلة بمواصفات لا تتطابق ومواصفات بطل اللحظة الراهنة.
إن كل لحظة فاعلة تعطيك (بطلا) بمقاساتها لا بمقاساتك.
جميل لو تلطفت الأقدار بمنحنا بطلا على مزاجنا, فإن هي لم تفعل فليس من الحكمة أن نرفض بطلا على فصالها.
خالد العبيدي لم يهبط علينا من السماء صافيا نقيا كقطرة من المطر.
لقد خرج علينا من هذه الأرض الصبخة التي كان مقدرا لها أن تنتج رجلا مع الملح لا مع السكر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم