الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في فمي تدي من نار

مالكة بنت حجاج عسال

2016 / 8 / 7
الادب والفن


في فمي تدي من نار
غمره اعتقاد ملتبس ،تنزّلَ على حدّ الظن من الملائكة ،بأمْر من الله ورسوله ،أن من يستشهد ،يزين له الله الجنة بكواكب من نور ،وأنهار من كوثر،تتعدد النِّعَم ،وتحوطه حور عين مخلدة بأباريق وأكواب من ذهب ،سار في نفق هذا الطرح دون فهم كلمة استشهاد ،ولا إعطائها بعدا نظريا معقولا ،لقد تدحرجت الكلمة من عصور السلف ،فاتخذها تميمة في خيط سحري علقه بين عيني التنفيذ ، موظفا الظروف التقليدية الباهتة الصارخة بالموت الموت ،ولو مع قتل الابرياء ،وإزهاق أرواح الأطفال،وتشريد النساء .فكل مَن تطايرَت مِن بين أيديه حفنة من الأرواح في خضم الاستشهاد ،وتمرغ بأشلائه على سطح جثثها،أصبح من الأوائل في الجنة وبئس المصير، لايسمع فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيل سلاما سلاما ..أذهان اتقدت بالهمجية ،واشتعلت بالغي الوحشي ،وتسلحت بحكم الإعدام في مَن زحزحتهم اللحظات المتعوسة إلى بؤَر الموت ...
استفحلت هذه الجرثومة الخبيثة وصارت تتغول يوما عن يوما، مادّة أطراف الأذى ،وأنياب الدم ،ومخالب الفتك في صفوف بني البشر، بدعوة إسلامية عفوا /إرهابية نازفة /ناسفة ، تتفنن في أساليب القتل ، تلتذ بطرق سادية في تعذيب الإنسان ،راقصة على خيوط الدموع الحارقة ،مبتسمة للآهات الموجعة ..تصلي في محراب الآثام الكبرى ،راسمة بفوضى فاقدِ الاتجاه هدفَ القتل في أبشع صوره ،لملء جعبة التفكير الطائش والتخطيط المتخلف بأكبر عدد من الضحايا ،والأيتام والأرامل ..هي بطولة في القتل ،وفوز عظيم في الفتك وإسالة الدماء ،وإزهاق الأرواح ..وللتمويه ،وزرع الحبة المرَضِية السوداء في جميع الأنحاء ،ألبسوا هذه الجريمة البشعة النكراء حلة الدين، بجسده المشوه باهت الملامح ،فاقد البصر والبصيرة ،فصار كل من يبتغي رضاء رغبته ،والقبض على بوصلة تحقيق مصالحه الشخصية ، يحتمي بقناع مزيف من الدين ،لاعلاقة له بأصوله وأحكامه ،فينتهجون طرق القصاص دون أدنى جرم لايغتفر ...هكذا كانت تبدو له الحقيقة ملتمعة بعيون الشمس ،متأكدا من أن هذا العمل من رسم الجهَلة الذين لايفقهون في الدين شيئا ،..وكان يردد بين الفينة والأخرى أن هؤلاء الأبرياء ليسوا هم من مارسوا الشطط على الضعفاء وصَنّفُوهم في خانة الجياع على هذه البسيطة، و ليسوا هم من نهبوا حقوقه ..بل هذه الأعمال من جملة مايكرهها البشر في ملكوت الله ،غير أن الذهن الذي اشتعل أمس بالحق ،يلحسه اليوم طلسم التيه ، فيسقط في جب التناقض عازما على أن ينفذ مهما حصل، ومقامه في الجنة بإذن الله القهار .. تقدم بعينيه المنفلتتين المشاكستين ،موشّحا بحزامه الناسف ،وكأنه وسام شرف ورثه عن أجداده ،أو تقلده ذات عمل مشرف، ليطبع جبين التاريخ بقبلة مَجْد، ستظل أبد الدهر تلتمع في مرآة الذاكرة .. يتحسس صاحبنا حزامه بأنامل مرتعشة ، مُردّدا ((الحياة المؤلمة التي ترضعنا حليبا مسموما بمرارة القطران ، يستحسن أن نستأصل عروقها من الجذور ..ما فائدة الاستمرارية بتدي من نار في فمي ،أترنح على مهد الخسارات بين ألهبة الإقصاء، والتهميش، والفشل الذريع في تحقيق أهداف نبيلة ؟؟؟..أشرطة باهتة ملونة تتراقص بين عينيه بأسئلتها الجامحة ،تارة مطرزة بأيام القهر والغبن ،مليئة بالبؤس والأسى ،يرى فيها نفسه ذئبا بين ألسنة النار،وأخرى موشحة بالفرح والابتسام يتخيل فيها نفسه أمير زمانه على سرر مرفوعة، وفاكهة لامقطوعة ،محاطا بعصافير بألوان قوس قزح ،ملفوفا في دمقس حريري،تزُّفه الملائكة أمام أبواب الجنة ..دوي مثل الرعد هزّ ضباب جذعه المتردد ،ارتطام ،جدران تتساقط ،دخان يتصاعد ،نار تلتهب ،ضجيج، ركض ،وجري ،صراخ متلاحق ...رمى بالحزام الناسف أرضا وفر هاربا بوجه هلوع ...
مالكة عسال
بتاريخ 29/07/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي