الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


“وصاية” صندوق النقد الدولي!

حسين عبدالرازق

2016 / 8 / 7
مواضيع وابحاث سياسية




لليسار در



بدأت يوم السبت الماضى بالقاهرة مفاوضات الحكومة المصرية مع بعثة صندوق النقد الدولي، والتى تستمر لمدة أسبوعين، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات (4 مليارات كل عام).. وطبقا للمصادر الرسمية فهذا القرض “جزء من حزمة تمويلية جديدة من القروض الخارجية بنحو 21 مليار دولار” تسعى الحكومة المصرية للحصول عليها “لتعزيز موارد النقد الأجنبي”، تنفيذا للبرنامج المصرى للإصلاح الاقتصادى الذى يشكل جزءا مهما من “رؤية مصر 2030” التى أقرها مجلس النواب.

وتقدم الحكومة برنامجها للإصلاح الاقتصادى باعتباره العلاج الناجع للأزمة الاقتصادية التى تواجهها مصر منذ ما يقرب من خمس سنوات، والتى أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر والتى وصلت إلى أن 27% من السكان لا يستطيعون تلبية حاجاتهم الأساسية من الغذاء والكساء، وارتفاع معدلات البطالة الى مستوى غير مسبوق، حيث وصلت فى الربع الثالث من عام 2015 – طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء – إلى نحو 12.8% ليبلغ عدد العاطلين عن العمل نحو 3.6 مليون شخص، وانهيار قيمة الجنيه “العملة الوطنية” حيث وصل سعر الدولار فى السوق الموازية إلى أكثر من 13 جنيها قبل أن يتراجع إلى ما دون 12.5 جنيه (السعر الرسمى 8.8 جنيه)، وتراجعت أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى من 36 مليار دولار إبان ثورة 25 يناير 2011 لتصل إلى 17 مليار دولار “أقل من النصف” بنهاية أبريل 2016، وهو ما يكفى فقط لتوفير واردات مصر الاستراتيجية لمدة 3 شهور.

وارتفع الدين الخارجى فى نهاية مارس 2016 إلى 53.4 مليار دولار بمعدل 11.2% مقارنة بـ 48.1 مليار دولار فى نهاية يونيو 2015، بزيادة قدرها 5.4 مليار دولار، وارتفع الدين المحلى إلى ما يقارب 2.5 تريليون جنيه، ليشكل إجمالى الدين حوالى 99% من إجمالى الناتج المحلى طبقا لبيانات البنك المركزي، و104% طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.

وفى محاولة لخداع الرأى العام أعلنت الحكومة أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولى لن يمس بأى حال من الأحوال محدودى الدخل والفئات والشرائح الاجتماعية الأقل دخلا، ولن تتطرق المباحثات إلى موضوع خفض الجنيه، وأن إلغاء الدعم على السلع التموينية أو البترولية “غير وارد على الإطلاق”، مؤكدة أن برنامج الإصلاح الاقتصادى يهدف لتحسين مستوى معيشة المواطن ويرفع معدلات النمو الاقتصادى إلى مستويات تتراوح بين 5% و7% سنويا خلال السنوات الخمس المقبلة، إلى جانب خفض عجز الموازنة العامة للدولة إلى أقل من 10%، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 9 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة “تسهم فى سد الفجوة التمويلية التى تعانى منها مصر”.

وتبدو الخديعة واضحة عندما تراجعت سياسات الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الأربع الماضية والتشريعات التى أصدرتها الحكومة الحالية قبل بدء المفاوضات مع الصندوق فقد تم الالتزام بأجندة وشروط صندوق النقد الدولى وتطبيقها حرفيا، خاصة “ما يتعلق بتخفيض الإنفاق، وإلغاء ما يسمى دعم الطاقة، وتخفيض الوظائف الحكومية، واستكمال برنامج الخصخصة، والشروط العامة والخاصة بما يسمى تهيئة البيئة للاستثمار وخفض الضرائب على المستثمرين”، وفى الأشهر الأخيرة لجأت الحكومة إلى طرح أصول بعض شركات قطاع الأعمال العام والبنوك فى سوق رأس المال، وإصدار قانون الخدمة المدنية، وإعداد مشروع قانون “الضريبة المضافة”، الذى حذر الخبراء من الآثار السلبية لها وفى مقدمتها مواجهة موجة تضخمية جديدة، أى ارتفاع جديد فى أسعار كل السلع والخدمات!

ويلفت الباحث الاقتصادى المرموق “عبدالخالق فاروق” إلى أن هذه السياسات هى فى الواقع “سياسة إفقار” وأن أخطر ما سيترتب على توقيع اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي، هو وضع “الاقتصاد المصرى تحت الوصاية المباشرة لصندوق النقد الدولى على مدى سنوات الاتفاق، ولن يصرف الصندوق أى شريحة للقرض كل ثلاثة شهور إلا بعد مراجعة خبراء وموظفى الصندوق كل الإجراءات والسياسات والقرارات الحكومية تطبيقا للبرنامج خلال فترة التمويل”.

ويبدو أن الحكم القائم فى مصر عاجز عن استيعاب درس السنوات الماضية منذ بدأت مصر عام 1974 تطبيق روشتة صندوق النقد والبنك الدوليين التى تبناها القطاع الطفيلى التابع من الرأسمالية الطفيلية، وهو القطاع الغالب فى الرأسمالية المصرية، وأدت إلى تراجع ثم توقف التنمية وارتفاع نسب الفقر والبطالة وشيوع الفساد، وكانت أحد أسباب ثورة 25 يناير، فمازال الحكم متمسكا بهذه السياسات الفاشلة، مراهنا على ما يسميهم “رجال الأعمال” من الرأسماليين الطفيليين الذين لا يساهمون فى الإنتاج الصناعى والزراعي، وعلى رأسمالية أجنبية لا تستثمر إلا فى الخدمات والتجارة، متجاهلا بإصرار أن كل تجارب التنمية الناجحة فى العالم الثالث اعتمدت على دور الدولة فى الاستثمار وتوفير الخدمات الأساسية بالإضافة لدور القطاع الخاص المحلى والأجنبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صندوق النقد الدولي
سعود النايف ( 2016 / 8 / 7 - 06:30 )
الصندوق لمن لا يعرف هو صندوق لمساعدة الدول المتعثرة وليس مؤسسة رأسمالية ربوية
الصندوق يعطي قروضا بعد أن تتعهد الدولة المقترضة بشروط تؤهلها على خدمة الدين وهذا مسؤولية لا يجوز تناسيها
إن كل نقد للشروط لا معنى له حيث أي نقد لا يعني إلا القول .. اعطونا فلوس ومش ضروري نسدكوا
واجب النقد يجب توجيهه إلى استخدام القرض في الانتاج وليس في الاستهلاك
ففائدة الصندوق هي اجمالاً أقل من 2% والقرض يجب أن يحصل 4% بالحد الأدنى


2 - الخصخصة عكس التأميم
Arnab Awy ( 2016 / 8 / 7 - 15:36 )
2016·08·07· الخصخصة عكس التأميم ~ التأميم غنيمة للحاكم ~ الخصخصة غُرم للعاملين ~ الاثنين قسريين و خسارة لمصر و إحباط لروح الاجتهاد للنهوض بمصر ~ فليتحمل الحاكم نتائج استبداده بالقرارات الحمقاء التي ورثها من العُثمانلية ~ أكثر من ستين سنة في تخبُّط إلى هاوية بلا قرار و أفهواه جائعة يتزايد عددها في فوضى أزهرية مُريبة ~ ‹كهنة الأزهر› تتمدد كروشهم من دم الغلابة المستورين ~ لا بُدَّ من تحجيم الأزهر و الانتظام و مكافحة الفساد المستشري ~

اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24