الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق.. وصناعة العقل

واصف شنون

2005 / 12 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لايمكن تصور بابا الفاتيكان،أي بابا كان، مهما جهد َ المتخيلون،وهو يدعو الشعب الاميركي لإنتخاب جورج بوش الأبن أو روبرت كيندي أو ريتشارد نيكسون،أو يظهر البابا لينصح الإيطاليين بإنتخاب الأحزاب الفاشية أو الدينية المتطرفة المؤيدة لسلطاته البابوبية أو يعلن تأييده لحكومات المافيا...
والفشل في تخيل البابا المسيحي وهو متلبس بتلك اللقطات الخيالية، يأتي من قداسة موقعه كقائد إنساني أعلى، قائد ديني لمليار من البشر الأتباع، وإنحداره الى مواقع السياسين يحوله الى وليمة لشتائم من هبّ َ ودب َّ، وعندئذ يخسر القداسة والاعتدال الإنساني وكذلك عموميته كرمز للعدالة والإنصاف والحق ووسيط لإبطال الفتن الدموية...
الإمام الشيعي الكوني السيد علي السيستاني، الذي يُصدر تعليماته وإرشاداته الأبوية الدينية من خلال إبنه وتلامذته ووكلائه الكثيرين، تدخل، ليحث الناس على الإنتخاب، وليساهم في فض ّ نزاعات أوشكت أن تبيح دماء الألاف من البشر العراقيين، الأمر الذي زاد من قدسيته وإعتداله ومعرفته بمصلحة الناس العامة...
لكنه وحسب إبنه ووكلائه النصف أميّين برز كمؤيد غير مباشر لقائمة إنتخابية كبرى، ونتيجة لذلك نرى من تجرأ على قدسيته وإعتداله، فالتحدي السياسي لايعترف بالسيستاني على إنه رجل دين متقشف ومعتدل وغير منحاز، لا يتاجر، ولا يسمح بالمتاجرة به....
وما حدث َ إن السيد السيستاني والمحيطين به أصبحوا عقبة، ليس أمام الأميركان والإرهاب والفساد الحكومي العشائري، بل عقبة في تأسيس ديمقراطية شرق أوسطية عربية لاتلتزم الدين والقومية كسلاح في إسكات صوت المواطن العادي الذي يطالب بتوفير الأمن والعمل والماء والكهرباء....
ظهر َ أحد العراقيين من كبار السن وأجاب على السؤال المباشر..
لماذا أنت تنتخب؟
فأجاب العجوز بكل براءة :- إنه واجب ديني...، فالعجوز العراقي يبحث عن الجنّة في أواخر أيامه..قبل أن يتوفاه الباري عزّ وجل ّ..، ولو ألقينا في أذني ّ ذلك الشيخ العجوز سؤال متمرد :- لكن الديمقراطية..لاتنسجم تماما ً مع الدين...الإسلامي على الخصوص...،
فسوف يُجيب الجدّ العجوز :- إذن طز ّ بالديمقراطية....
ومن خلال متابعة تعريفات المرشحين العراقيين لأنفسهم على إحدى الفضائيات..، كرر أحدهم عبارة ( إنشاء ألله )خلال الثلاث دقائق الممنوحة أليه حوالي إثنتي عشر مرة، وكأن ألله (رمز الجلالة الإلهية )هو الذي سوف ينتخب ويعمل ويحقق الرفاه الموعود للمواطن العراقي الذي يعيش واقعا ً تافها ً ومريرا ً..
في الحملات الإنتخابية العراقية لبعض القوائم الكبرى، شاهدنا بكل أسف.. متوقع، سقوط المواطنة..الوطنية العراقية برمّتها، قائمة تُحذر من إنتخاب قائمة لأن صاحبها هو رديف صدّام وشركاء القائمة تلك هم جميعا ً من الملحدين الذين لاذمّة لهم ولا أخلاق،بينما الأخرى تقول هؤلاء جاؤوا من إيران..إبتعدوا عن الفرس المجوس،
فسوف لن تكسبوا سوى معاهد اللّطم والزناجيل..،وقائمة أخرى هي إنفصالية وتنوي الشر ّ بكم وبالعراق...
إن دوامة الشرّ العراقية تتلخص بترسخ الفكر والسلوك الشمولي لدى النخبّ وعموم الأحزاب القديمة والجديدة، وكذلك الأحزاب والتيارات الدينية التي تتبنى شمولية الرأي الواحد بطبيعتها،كون الدين الواحد والمذهب الواحد هو أساسها الفكري والمنهجي في النظر إلى إطر صور الحياة المتنوعة،والأمر معروف للكرد،فلديهم أهدافهم القومية المعلنة والمشروعة كأمة مختلفة عن العرب وباقي العراقيين...
يزدهر في العراق الحالمون الشعراء...(بدر السياب )
ويقلّ ُ فيه الواقعيون العلماء...( على الوردي )
ويصرُّ فيه الناس على التخلّف، كما قال (الجواهري )
والعائلة العراقية هي عائلة ديكتاتورية..كما ( ناظم مالح )...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA