الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الدولار تعصف بالاقتصاد المصري

صلاح شعير

2016 / 8 / 7
الادارة و الاقتصاد


تتعالي بعض الأصوات حول أزمة الدولار بمصر بطرح حجج واهية لتفسير الظاهرة، ظنًا منها بأنها تخدم الحكومة، في حين أن الحقيقة تتطلب المصارحة مع النفس للوقوف علي سبب المشكلة ومن ثم حلها، وتتلخص الأزمة الحالية في أن مصر باتت تستهلك أكثر مما تنتج وتستعيض عن النقص في إنتاج السلع الزراعية والصناعية بالاستيراد من الخارج، علاوة الفساد الذي يدفع بعض اللصوص الكبار إلي تحويل العملة المحلية إلي دولارات لتهريبها في حساباتهم ببنوك الغرب، وأيضًا تأتي الأزمة في في جزء منها بسبب بعض العمليات غير المشروعة، والتي تتطلب تدبيرًا للعملات الصعبة لتمويل تجارة المخدرات، أو السلاح والسلع المهربة.

ويعد التهربي الضريبي أحد جوانب الأزمة، ويحدث ذلك عندما يتم الإتفاق بين بعض كبار المستوردين المصريين مع المورد الأجنبي علي رفع قيم فواتيرالمشتريات الخارجية عن الأسعار الحقيقية، ليتم إيداع الفرق بين السعر الوهمي والفعلي في حسابات بعض المتلاعبين بالخارج، ويترتب هذا الإجراء رفع تكليف الإنتاج، وتخفيض الأرباح بقيمة الزيادة الوهمية، وبالتالي فقدان الدولة لحصتها في الأرباح المستبعدة ؛ مقومة بالعملات الأجنبية؛ جرّاء التزوير في المستندات.

وهذه الفوضي الاقتصادية، أدت إلي خلق طلب غير حقيقي علي الدولار، ومن المؤسف أن تلجأ الدولة لتمويل ذلك العجز بالإقتراض، فعلي سبيل المثال تقدر الأقساط السنوية للقروض المسددة وفوائدها بنحو 14 مليار دولار تقريبًا، و تسدد علي أقساط ربع سنوية، وهذا يعني أن الحكومة تقترض لسداد السلف القديمة؛ وذلك يمنع دخول معظم الأموال المقترضة في الدائرة الإنتاجية، وبالتالي تتراكم المديونية من عام لآخر، ومع اتساع هوة العجز في ميزان المدفوعات السلعية في حركة التجارة الدولية تزداد الحالة سوءًا. ولولا تحويلات العاملين بالخارج بعدما تعثرت إيرادات السياحية، وبعض المنح الخليجية لسقطت الدولة.

ومن المؤسف أن البعض يحاول تصدير مفهومًا خاطئًا بأن العملات الأجنبية ترتفع من تلقاء نفسها، وهذا تضليل، لأن البنوك المركزية بالدول هي من تحدد سعر العملة الوطنية، ويأتي خفض سعر الدولار ضمن السياسيات النقدية التي تسهدف الحد من الاستيراد لعلاج الخلل بميزان المدفوعات.

ويكمن الحل الجذري في إتباع سياسة تقشف لا تستثني أحدًا من الكبار، فالغريب أن شد الحزم لا يتجاوز الفقراء، ويطبق عليهم فقط، في حين أن الأمر يتطلب تقليص حجم البعثات الدبلوماسية بالخارج، من حيث العدد، مع تخفيض البدلات، والحد من الواردات الكمالية، ومكافحة تجارة المخدرات لمنع تسرب العملة الصعبة.

أما علي الصعيد السياسي يتطلب الأمر تطبيق معايير الحد الأقصي للأجور، وتفعيل فكرة العدالة الاجتماعية، ووضع خريطة اقتصادية لصالح الوطن، لتحفيز الصناعة المحلية، والنهوض بالزراعة، وغيرها من مجالات اقتصادية، علي أن يتم ذلك بعيدًا عن التسلط الرأسمالي الذي يستهدف إمتصاص مقدرات الدولة لصالح بعض المحتكرين.

مسالة إنعاش الاقتصاد الوطني باتت قضية حياة أو موت، لأن الأزمات الاقتصادية المتفاقمة بمصر من الممكن أن تسفر عن فشل إداري شامل، ومن ثم سقوط الدولة، وهذا ما تسعي إليه بعض القوي الخارجية بالتواطئ مع بعض قوي الفساد بالداخل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا