الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين وطن وليست أرض ميعاد

سندس القيسي

2016 / 8 / 8
القضية الفلسطينية


فلسطين وطن وليست أرض ميعاد

يجب أن يحارب العلمانيون إسرائيل كونها دولة دينية، تمامًا كما يحارب العالم خطر المد الإسلامي ومفهوم الخلافة الإسلامية. علينا أن نقدر أخطار الفكر الديني برمته واللاهوتي وفكرة أرض الميعاد أو الأرض الموعودة لبني إسرائيل. أو الأرض الموعودة من قبل الله. وبالطبع، نفس المبدأ يجب أن يطبق على لبنان. وأنا لا أقبل بالتبرير الذي يقول بأن الدين الإسلامي شر والأديان الأخرى خير، لأن مبدأ العلمانية يجب أن لا يتجزأ من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الدين أداة يمكن أن تستخدم في الخير وفي الشر. هذا، عدا أن هناك صراعًا أزليًا لحكم العالم. وإسرائيل ذاتها، ذات أطماع استعمارية توسعية، مثلها مثل العالم الغربي.

فلنسأل أنفسنا أسئلة بسيطة؛ من ماذا يعاني الفلسطينيون؟ هل يعانون من الديانة اليهودية أم الديانة الإسلامية أم الإثنيتين؟ هل يعانون من الإحتلال الديني أم السياسي أم كليهما؟ هل يعانون من الإضطهاد العرقي أم الفكري؟ وما هي المشكلة في فلسطين؟ هل هي معضلة أرض وممتلكات؟ أم هي أزمة وطن واحتلال أم دين آخر يريد أن يلغي وجودها؟

إن إسرائيل من أوائل الدول الدينية والعرقية، تأسست (لليهود) عام 1948 في المنطقة العربية. فلماذا نستغرب قيام دولة دينية في السعودية، وبتأييد من المملكة المتحدة ودولة مسيحية في لبنان.

إذا حاولنا أن نأخذ صورة أكثر قربًا للقضية اليهودية، فعلينا أولاً أن نتجرد من أي ألم و عاطفة سلبية. وأن نستمع إلى حديثٍ من القلب إلى القلب، وليس من عدوٍ إلى عدو، وأن نفهم حجم المعاناة الحقيقة للشخص اليهودي/ الإسرائيلي ولأننا فلسطينيون، فلنكن كبارًا أمام أنفسنا، وننسى للحظة أنهم سبب معاناتنا.

وأنا لست بخبيرة بالديانة اليهودية، ولم يسبق لي أن دخلت كنسًا أو حضرت صلاةً يهودية من قبل. وذلك أن أماكن العبادة اليهودية في بعض الدول الأوروبية، إن لم يكن جميعها، تخضع لحراسة شديدة. وأعتقد أن دخولي ممنوع من أصله، فكيف لي أن أحتك بهذه الديانة وأراها من الداخل؟ فأنا مؤمنة بثقافة "الشارع" أو المعرفة العملية أكثر من الكتب ربما، لأَنِّي أشعر وأرى وأتفاعل. لكني التقيت يهودًا وإسرائيليين في أوروبا ولا بد أن جرت مناقشات، وفي غالب الأحيان، كان هؤلاء يتوددون إلي. وأنا أحرص أن لا أتقرب كثيرًا للإسرائليين كي لا أصل لمرحلة التطبيع. لكن لم أجرد نفسي من إنسانيتي وكنت متحضرة معهم تمامًا، لأَنِّي لم ألم هؤلاء الأفراد على شيء. بل أخترت في المقابل، أن أقاطع البضائع والصناعات الإسرائيلية قدر ما يمكن. وأخترت أيضًا أن ألتقي اليهودي على الجانب الإنساني، لكي يرى بنفسه أني لست أنا الوحش الذي يلتهمه.

وباختصار، فالجميع يعرف أن الحجة اليهودية في فلسطين هي أن فلسطين أرض الميعاد، بحسب التوراة، وأن اليهودي عاش مشردًا بلا وطن في هذه الأرض، وحلمه كان دائمًا بأن يكون لأصحاب هذا الدين/ العرق وطن يخصه وحده، وأن اليهود ذبحوا وقتلوا عبر التاريخ، وآخر محاولات الإبادة الجماعية كانت في أوروبا، وبالأخص على أيدي النازية وهتلر. والآن هم يعانون من الفلسطينيين الذين برغبون برميهم في البحر ويريدون أن يخرجوهم من أرض الميعاد، حلمهم الأزلي ووطنهم الدائم والخاص بهم فقط.

لنكن صادقين مع أنفسنا. من الذي عانى أكثر، الفلسطيني؟ أم اليهودي، الذي تعذب عبر التاريخ؟ بالطبع، كثيرون يعرفون حجم المعاناة اليهودية خصوصًا هنا في أوروبا. ويكادون يكونوا العرق/ الديانة الأوحد في العالم، التي تحظى بتعويضاتٍ باهظة على هذه المعاناة، التي لا يجرؤ أحد في العالم على أن ينقص من حجمها أو يقلل من قيمتها. ولغاية الآن، يحصل أبناء الجالية اليهودية على تعويضات هائلة لأية معاناة سابقة أو جديدة. ولا يجرؤ أحد، على الإطلاق، على المساس بهم، بأي شكلٍ من الأشكال. وهذا صحيح، بشكل خاص في ألمانيا، أكثر بكثير من الدول الأوروبية الأخرى.

لكن هنا في بريطانيا، وفي بعض المجالس المغلقة، كان البعض يستاء من معاملة اسرائيل للفلسطينيين ويقولون بأن إسرائيل تفعل بالفلسطينيين ما فعل النازيون بها. "فهم يعيدون ذات الشيء". ولكن عقدة الضحية هي شيء تحدثت عنه المقاومة الفلسطينية. بمعنى هل الإسرائيلي يَصْب جام غضبه على الفلسطيني بسبب التاريخ؟ أم هو بسبب الله وأرض ميعاده؟ أم لأن الفلسطيني يشبهه، فهو من المفروض أن يكون إبن عمه؟ ولذلك، فمن الأسهل انتحال هويته!

وعلى الأغلب، هناك تقارب عرقي بين الفلسطيني واليهودي، ولكنه ليس تقاربًا عرقيًا يهوديًا، كما تحاول اليهودية أن تفعل، ففيما تربط اليهودية الديانة بالعرق، يحاول الدين الإسلامي أن يربط الدين بالثقافة العامة. وهذا قد يكون أصوب من ربط العرقية بالدِّين. فلكي تكون يهوديًا، عليك أن ترثها من أمك. وهذا يدحض مفهوم العرق السامي، الذي يفترض أن ينحدر منه العربي واليهودي. فكيف يكون العرق ساميًا، حين يكون أباء اليهود من أعراق وإثنيات أخرى كالبيض والسود، على سبيل المثال.

برأيي، مفهوم الدولة الدينية، يجب أن لا يفرض على المنطقة العربية، بأي شكلٍ من الأشكال. وعلينا أن نناقش دينية إسرائيل وكيف عليها أن تتحول إلى دولة علمانية. فالقضية ليست هي محاولة التخلص من دين لحساب دياناتٍ أخرى. بل المسألة هي في بناء أنظمة ديمقراطية، تعتمد العلمانية ومبدأ فصل الدين عن الدولة. فحماس ليست شريرة لأنها إسلامية، وإسرائيل ليست طيبة لأنها يهودية.

المعيار الذي يجب أن يطبق في الحكم، يرتكز على دولة المؤسسات والقانون. ومن يريد أن يعبد الله، عليه أن يبتعد عن أروقة الحكم والبرلمانات ويذهب إلى دور العبادة. العلمانية لا يجب أن تعني الكفر، ويجب أن تفهم الحاجات الروحية للبشر. لكن العلمانية يجب أن تمنع من تسلط ديانة على دينٍ آخر، مثل ما هو حاصل في اسرائيل، والتي هي دولة لليهود، وأي عرقية أو دين آخر هم دون ذلك ومواطنين من الدرجة الأخيرة. علينا أن نبرز أعداد الضحايا من كل عرقية/ ديانة، لكي نعرف بالأرقام الموثقة من هم أكثر الضحايا، ومن أية عرقية ومن أي ديانة. لكن ضحايا النازية يجب أن تحسب على مرتكبيها وليس على الفلسطينيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سندس القيسى
وليد حنا بيداويد ( 2016 / 8 / 8 - 09:58 )
لايهم اذا دخلت واذا سمحوا لك بالدخول من عدمه ولكن الاهم ان لاتفتون بقتلهم لكونهم يهودا وكذلك النصارى،، الذى استشفه من كتاباتك انك انسانة ذو فكر متطرف تعيشين فى الغرب وتطالبيب بدولة اسلامية رغم رفضك رسميا اسم هذه الدولة ولكنك من الداخل تتمنين قيام دولة اسلامية تضطهد الاخرين
اليس كلامى صحيحا؟

اخر الافلام

.. مظاهرة ترفع شعار -الخلافة هي الحل- تثير مخاوف عرب ومسلمين في


.. جامعة كولومبيا: عبر النوافذ والأبواب الخلفية.. شرطة نيوريورك




.. تصريحات لإرضاء المتطرفين في الحكومة للبقاء في السلطة؟.. ماذا


.. هل أصبح نتنياهو عبئا على واشنطن؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. طبيبة أردنية أشرفت على مئات عمليات الولادة في غزة خلال الحرب