الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خنجر في ظهر مصر

فاطمة ناعوت

2016 / 8 / 8
بوابة التمدن


“أدعو على ابني، وأكره اللي يقول: آمين.” هذا ملخّص موقف أي مصري شريف مع مصر، لو طبّقنا المثل السابق بتصرّف. لا أحد يدعو على ابنه، ولا أحد ثمّة يدعو على وطنه. لكن الأمَّ قد تقولها من وراء قلبها، حين يضربها اليأسُ من سلوك ابنها العاقّ، لكنها أبدًا لا ترضى بأن يمَسّ أبنَها سوءٌ، وتكره مَن يؤمّن على دعائها، ولا تنسى له ذلك. وبالمثل، يغضبُ المرءُ من وطنه، والحقُّ أنه غاضبٌ من بشر في وطنه. فيقول عن وطنه كلامًا صعبًا حين يضربه ظلمٌ أو مهانةٌ، لكنه أبدًا لا يقبل أن يمَسّ بلادَه ضُرٌّ، ويكره مَن يساهم في هذا أو يرجوه، ويعدّه عدوًّا. لهذا يقول الشاعر: “"بلادى وإن جارت على عزيزةٌ ، وأهلى وإن ضنّوا على كرامُ."
ولا يُنكر أوجاعَ أقباطِ مصرَ إلا أعمى بصر وبصيرة. لا يُنكرها إلا جاحدٌ أو غليطُ قلب من صانعي تلك الأوجاع بفتاواهم البغيضة التي تؤجج صدور ضعاف النفوس وثُفخِّخ أدمغتَهم بالكراهية فيقتلون ويحرقون ويظلمون. أولئك ينكشفون يومًا بعد يوم، بعدما سقط عنهم غطاءُ التقية فباتوا وحيدين في قلب الظلام. هم أعداء الحق خصوم العدل كارهو السلام والجمال.
ولا ينكرُ مُنصفٌ أن أجهزة الدولة التشريعية والأمنية والتنفيذية المصرية متراخيةٌ في تطبيق القانون على المجرمين في حقوق الأقباط، لأسباب تتعلّق بسلطان بعض القبائل في جنوب مصر، وهو ما لا يليق بدولة ذات سيادة، وكذلك بسبب الجلسات العرفية التي يقبل فيها الأقباطُ التصالح مع الجناة، مضطرين، خوفًا من بطش تلك القبائل، فيتعطّل القانون وتتكرر المآسي.
كل ما سبق عن أقباط مصر، أما أقباط المهجر، فلا ينكر متابعٌ أن كثيرين منهم قد وقفوا وقفة حاسمة مع مصر في مواجهة الضغط الأمريكي والأوروبي على إرادتنا المصرية حتى انزاحت غيمةُ الإخوان السوداءُ عن سمائنا. لهذا يندهشُ المرءُ حين يقوم نفرٌ منهم بالتظاهر أمام البيت الأبيض الأمريكي (!) للتنديد بالدولة المصرية بحُجّة إنقاذ أقباط مصر من الاضطهاد! يا هذا، هل تستجيرُ من الإرهاب بزارع الإرهاب؟! يا رحمك اللهُ، هل تستنجدُ بالإدارة الأمريكية داعمة الإخوان وتيار الإسلام السياسي مُفرّخة التكفيريين التي تمدّهم بالسلاح والعتاد والدعم اللوجستي والتكنولوجي؟!
في يونيو الماضي، وقفتُ تحت العلم الأمريكي في واشنطن في مؤتمر لدعم الأقباط في مصر، لألقي كلمتي أمام الجالية المصرية القبطية بأمريكا. رفضتُ الحديث بالإنجليزية، وتحدثت بلغة بلادي، قائلة إن خطابي موجّهٌ لصُنّاع القرار في مصر، وليس للدولة الأمريكية. وحين عرض عليّ أحد الأصدقاء مصاحبتي ضمن وفد رفيع المستوى لزيارة الخارجية الأمريكية وعرض مظلمتي التي أتعرّض لها اليوم ونالني منها حكمٌ بالسجن سنوات ثلاثًا بتهمة ازدراء الإسلام، وساحتي بريئة من ازدراء أي دين، فضلا عن ديني، والتعريض بأن مصر لا تدعم حرية التعبير وتحارب الكتّاب، رفضتُ بحسم قائلة: “لن أكون خنجرًا في ظهر مصر".
مظلمة أقباط مصر، ومظلمتي، ومظلمة كل مظلوم في بلادي، لن تُحلُّ خارج حدود بلادي. الدستورُ المصري، لو فُعِّل، قادرٌ على ردّ حقوق الجميع، وحماية كل مظلوم من بطش الظالمين وجهلهم. إنما اللجوء لأي سيادة دولية خارجية للتدخل في مشاكلنا يعدُّ انتهاكًا مراهقًا على سيادة مصر الطيبة التي ما ظلمتنا، إنما ظلَمنا بعضُ مَن فيها. انتقاد وطنك من خارج وطنك ليس إلا مراهقةً غير مسؤولة تنمُّ عن وعي منقوص وفقر في النضوج الفكريّ والوطني. لهذا، أشكر قداسة البابا تواضروس على موقفه الوطني الشريف حين ناهض تلك المظاهرات ودعا أبناء مصر المسيحيين في أمريكا بعدم المشاركة فيها، مثلما فعل قداسة البابا شنودة، رحمه اللهُ من قبله حين قال: “إن كانت أمريكا سوف تحمي كنائسَنا، فلتحترق كنائسُنا وتبقى مصر.”








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهل؟
عبد العزيز سيد علي ( 2016 / 8 / 8 - 16:17 )
تقولين:::ا
في يونيو الماضي، وقفتُ تحت العلم الأمريكي في واشنطن في مؤتمر لدعم الأقباط في مصر، لألقي كلمتي أمام الجالية المصرية القبطية بأمريكا. رفضتُ الحديث بالإنجليزية، وتحدثت بلغة بلادي))ا
وهل اللغة العربية هي لغة بلادك؟؟ مش هي لغة الغزاة اللي كنتي بتهاجميهم قبل الحكم عليك بازدراء الأديان...وبعد هذا الحكم وهروبك الى كندا أصبحت اليفة جدآ وباتت كتابات منسجمة مع السائد الذي تحميه المؤسسة الازهرية


2 - الدين لله والوطن للجميع
جميل السلحوت ( 2016 / 8 / 8 - 18:23 )
عندما يدرك الجميع أن-الدين لله والوطن للجميع- وأن الطائفية البغيضة تحرق الجميع ، عندها لن يتعرض أحد للأقباط ولا لغيرهم.


3 - قلة عقل
معلق قديم ( 2016 / 8 / 8 - 20:02 )

من يرى ويرفض استخلاص العبر مما يعاين جبان يكون أو ضعيف العقل

من يكذّب عيني راسه ولأسباب غير مفهومة يتصور أن استجداء الحق من مجرمين مع سبق الاصرار يمكنه أن يجدي يكذب على نفسه وعلى غيره

الأسود أسود يا أستاذة فاطمة مهما حلمتي بامكان تحوله إلى أبيض ناصع فالمؤمن بدين الجزية وهم صاغرون لا ينتظر منه أن ينصلح إلا تحت ضغط ليحلل انصرافه عن تطبيق الظلم بأن الوقت غير مواتي بسبب الضغوط الدولية فيريح دوافع العدوان التي ملأت عقيدته بها عقله وقلبه

خسارة يا أستاذة فاطمة قلبك أبيض لكن ..الحلو ما يكملشي

اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة