الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمز طائفي قاتل لهجوم إرهابي فاشل

بدر الدين شنن

2016 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


إن تسمية الهجوم الإرهابي على جنوب حلب منذ أيام ، باسم " إبراهيم اليوسف " لها دلالة طائفية بليغة ، وهي أن الطائفية ما تزال ، بعلم وموافقة وتحريض أولي امر الحرب ، الإقليمين في الشرق ، والدوليين في الغرب . تحرك جيوش الإرهاب العنصرية المتعصبة .

من هو " إبراهيم اليوسف .. ؟ .. إنه السؤال الهام ، الذي يطرح الآن ، بعد هذه التسمية الغبية ، للهجوم الأكثر غباء ، على محيط الكليات في جنوب حلب ، لاسيما من قبل الجيل الجديد الذي لم يعش الزمن ، الذي لعب فيه " إبراهيم اليوسف " ، قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً ، الدور الإجرامي الطائفي الدموي ، الذي كلف به من قبل رؤوس أكبر منه ، مشحونة بأحقاد مزمنة ، ومذهبية متخلفة مشوهة لحركة العصر والتاريخ . وكان ذلك بداية ، لا تنكر ، لحرب مأساوية اشتعلت في أوائل الثمانينات .. دون وجه حق .. وأسست للحرب التي يخوضها هذا الجيل الآن منذ خمس سنوات .. دون وجه حق أيضاً .

فلا الانتقال من حكم مذهبي " منحرف " مزعوم .. إلى حكم مذهبي " سوي " مزعوم آخر . في حرب الثمانينات من القرن الماضي . ولا الادعاء بتغيير الحكم الأحادي " الطائفي " إلى الحكم الديمقراطي " الذي انكشفت طائفيته اللعينة لاحقاً ، عام 2011 يستحق حرباً ، مثل حرب الثمانينات .. والحرب الراهنة .. اللتان تسببتا بكل هذا القتل .. والدمار .. والاعتقالات .. والنفي .. والتهجير . والتشريد ، واللتان لا تفسير لهما إلا في حالة واحدة ، هي عندما يجتمع التعصب المذهبي والأنانية المصلحية الضيقة ، مع الغباء السياسي ، ومع العلاقات الخارجية غير المتكافئة المشبوهة ، ومع روح المغامرة والارتزاق ، والجريمة ، والخيانة المعلنة و المموهة ، للوصول إلى غايات ، لا تنطبق عليها ، أي من الصفات الإنسانية الحضارية ، والغايات والقيم الحميدة .

عرفت حلب اسم " النقيب إبراهيم اليوسف ، مساء ( 16 حزيران 1976 ) ، لما قام ومجموعة من تنظيم " الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين " بذبح نحو " مئة " من الطلاب الضباط في مدرسة المدفعية ، التي سميت فيما بعد " كلية المدفعية .
وقد جرت المذبحة ، حسب رواية ابن صديق صادق ، كان حينها منتسباً لنفس الكلية فقال :

- ليلة 16 حزيران .. كان " النقيب إبراهيم اليوسف مناوباً .. آمراً للكلية . وبينما نحن في مهاجعنا سمعنا أمراً عسكرياً للطلاب ، للتجمع في ساحة الكلية فوراً . بعد اجتماعنا في الصف ، أمر النقيب اليوسف بفرز الطلاب إلى قسمين . وكان اللافت أن القسم الأول ممن تليت أسماؤهم ، هم من أصول علوية . ثم أمرهم النقيب اليوسف بالدخول إلى صالة الندوة . وأمر بقية الطلاب بالعودة إلى المهاجع . وبعد قليل .. سمعنا .. ورأينا .. من النوافذ .. " النقيب اليوسف " وآخرين ليسوا من الكلية ، يطلقون النار من نوافذ الندوة .. على الطلاب الذين أمرهم قبل قليل بالدخول إليها .

وكانت المذبحة .. وكانت النتيجة نحو " مئة " شهيد " من الطلاب الضباط العزل من السلاح . فيما كان على النقيب اليوسف حمايتهم بصفته قائدهم المسؤول عنهم .

وتحول الطريق من " الراموسة " .. من محيط حلب الجنوبي ، حيث تقع كلية المدفعية ، إلى المستشفى العسكري ، في حي الرمضانية شمال المدينة .. إلى طريق طوارئ تشبه حالة الحرب . وتعددت آليات النقل العسكري والإسعاف .. حاملة ضحايا المذبحة . وتباينت الآراء من قبل المواطنين على طول الطريق الذي شهد عبور الشهداء والجرحى حول ما يحدث . لكن الرأي الغالب كان ، أن من تنقلهم كل هذه السيارات ، هم ضحايا غارة إسرائيلية . وقد صدق حدس من توصل إلى هذا الرأي . فمثل هذا العمل الإجرامي الوحشي ، لا يقوم به بحق شعبنا وجيشنا إلاّ إسرائيل .

ثم بدأت تتسرب المعلومات الصحيحة في المدينة عن المذبحة .. منها أن منفذها وقائد ها ، هو " النقيب إبراهيم اليوسف ، ومعه قائد " مجموعة من الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين ، التي اشتركت عناصر منها بالمذبحة المدعو " حسني عابو "
وخضعت حلب لظلال مأتم حزين ، ومخيف ، وقاتم .. ودخلت زمن حرب .. واغتيالات .. وتفجيرات .. هو غريب عليها .. وطنياً وأخلاقياً . وقد ’دعمت تلك التسريبات بمعطى سياسي سليم هام جداً ، وهو أن الغاية الحقيقية من هذه المذبحة ، هي إشعال حرب طائفية مدمرة في البلاد ، لجر سوريا إلى معاهدة " سلام مع إسرائيل " مماثلة لمعاهدة " كامب ديفيد " بين السادات وإسرائيل .

بعد عام .. في " 2 حزيران 1982 " قتل " إبراهيم اليوسف " أثناء محاولة القبض عليه .

وخلال تواصل " الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين " للحرب ثلاث سنوات مع السلطات السورية ، في مجالات ومدن أخرى ، كلفت الكثير من القتلى والخسائر المادية ، والكثير من المعتقلين بأحكام عرفية ، في صفوف قوى سياسية متعددة ، وانتشار العنف المتبادل ، انتهى ذكر " إبراهيم اليوسف ميدانياً .. وسياسياً .. وشخصياً .

في أواخر عام 1983 ، انتهت حرب " الإخوان المسلمين وحلفاؤهم الثانية ، لانتزاع السلطة وتحقيق المخطط المتعهدين بتنفيذه ــ الحرب الأولى كانت بقيادة الشيخ مروان حديد 1964 بحماة ــ وبانتهاء الحرب " الإخوانية " الثانية ، انتهى تماماً ذكر " الطليعة المقاتلة " .. وذكر إبراهيم اليوسف " معها .

بعد أكثر من خمسة وثلاثين عاماً ، في غمرة حرب الإرهاب الدولي على سوريا ، انتشر نبأ يقول ، أن الهجوم الإرهابي الكبير على محيط الكليات بما فيها كلية المدفعية جنوب حلب ، قد أطلق عليه الإرهابيون اسم " إبراهيم اليوسف " تأكيدأ على الفعل الإرهابي المماثل " لإبراهيم اليوسف " وارتباط مذبحته الطائفية البشعة ، في كلية المدفعية 1979 ، مع حرب الإهاب الدولي التي ترتكب جرائم مذابح لا تحصى ، يومياً منذ خمس سنوات ، بحق الشعب السوري .

ومن المؤكد ، أن جميع الإرهابيين الذين يقاتلون في هذا الهجوم ، أو معظمهم على الأقل ، لا يعرفون من هو " إبراهيم اليوسف " . وإن عرفوا من أفواه كبارهم ، وقبلوا به ، فقد عبروا عن تبريرهم الغبي لجريمة اليوسف الطائفية الفظيعة . وعن ممارساتهم تجديد وشحذ .. مفاعيل وأسلحة المذهبية البشعة ، وتبرير الحرب التي يخوضونها حالياً ، خدمة للقوى الإقليمية والدولية ، التي ترمي إلى تدمير الكيان السوري وتمزيقه .

ربما رحب الكبار من الإرهابيين من أصول حلبية بهذه التسمية ، للتذكير بماضيهم العنيف ، المتمثل بمذبحة كلية المدفعية ، والحرب التي فجرتها ، وللتأكيد على قدراتهم العنيفة بالهجوم على نفس الكلية ، واستعدادهم لارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية والحربية ، لتحقيق نصر هارب من أفق حروبهم .

القيمة الشخصية التاريخية : لإبراهيم اليوسف " أنه قاتل .. ومجرم حرب .. ومجرم طائفي بحق من ائتمنه الوطن عليهم .

المضحك المبكي ، في تسمية هجوم الإرهاب الجديد على كلية المدفعية باسم " إبراهيم اليوسف " . أنها لا تدل على نصر عسكري ضد عدو خارجي ، ولا على أخلاق وانضباط عسكري مشرف ، حسب مقتضيات الشرف العسكري . الدلالة الوحيدة المشينة الصائبة ، هي أن دماء مئة شاب سوري بعمر الورود ، قد ذبحهم إبراهيم اليوسف .. خلافاً لأقدار انتمائهم المذهبي الموروث ، وخلافاً للشرعية الوطنية ، لتطوعهم الشجاع للدفاع عن الوطن .

ما يرتبط باسم " إبراهيم اليوسف " حقاً ، هو جريمة قتل مذهبية جماعية متوحشة ، مع الإصرار والتعمد .. وفشل بالالتزام بالشرف العسكري .. وهزيمة في حرب أرادها أن تدمر بلاده لكنها لم تكتمل .. ولن تكتمل .

وكما ذهب العدوان الأول على كلية المدفعية 1979 هباء مشيناً .. سيذهب العدوان الثاني عليها 2016 ، أكثر فشلاً ومذمة . وسيبقى صمود هذا الصرح الوطني البطولي ، وصمة هزيمة مكررة .. وعار جديد يتبع لعار مضى .. في جبين من تورطوا في التطاول عليها .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د