الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلل قيادي في فتح

ميخال شفارتس

2005 / 12 / 19
القضية الفلسطينية


السلطة الفلسطينية
خلل قيادي في فتح

تجميد الانتخابات التمهيدية في فتح كشف عن خلل قيادي، وأثار علامات استفهام حول الانتخابات للمجلس التشريعي. وعلى ضوء احتمالات زيادة حماس قوتها في الانتخابات، هناك احتمال ان تقوم السلطة، بتشجيع من اسرائيل، بتأجيل موعدها، الى ان يستقر وضع فتح.
ميخال شفارتس

ابرزت الانتخابات التمهيدية في فتح الكوادر والقيادات الشابة، ومنهم المطلوب لقوات الاحتلال الاسرائيلي ومنهم المعتقل. وكان المفروض ان تجدد هذه الانتخابات شباب الحركة التي قادت الشعب الفلسطيني منذ اربعة عقود، وان تعيد لها الشعبية التي فقدتها، وتمكنها من مواجهة حماس في الانتخابات القادمة المزمع عقدها في 25 كانون ثان (يناير).

وبالفعل فاز زعيم التنظيم، مروان البرغوثي، في الانتخابات في رام الله، بعد ان حصد 35 الف صوت من اصل 42 الف ناخب مسجل، علما انه محكوم بالسجن المؤبد لخمس فترات متتالية. كما فاز جمال ابو رب المطلوب لاسرائيل. بالمقابل امتنعت اغلبية القيادات التاريخية لفتح عن ترشيح نفسها، وتلك التي ترشحت منيت بفشل ذريع. ومن هؤلاء سحر حبش الذي فاز في رام الله ب2363 صوتا فقط.

وتتوقع استطلاعات للرأي في المناطق المحتلة، فوز فتح بقيادة البرغوثي على حماس في الانتخابات للمجلس التشريعي. ولكن اذا تمكّنت قيادة فتح الداخل من السيطرة على جهاز فتح، وبالتالي على جهاز السلطة الفلسطينية، فسنكون امام انقلاب على قيادة تونس. الامر الذي تتمناه كوادر الداخل منذ سنوات طويلة، والذي كان مستحيلا اثناء حكم القائد التاريخي، ياسر عرفات.



الزلزال التنظيمي

ولكن محل العملية الديمقراطية، حصلنا على حرب سلاح في قطاع غزة (يوم الاثنين 28/11) بين الكتل المتنازعة في فتح، منها ما دار مثلا بين تيار محمد دحلان وبين تيار احمد حلس من انصار عرفات. واحتلت مشاهد العنف الساحة، والفلتان الامني وفوضى السلاح، وأُحرقت سيارات، وخُطفت صناديق اقتراع. وعمليا، انكشف على الملأ الخلل القيادي في فتح، الذي كان متوقعا بعد رحيل عرفات، الوحيد الذي نجح في الامساك بجميع الخيوط المتناحرة داخل حركته.

وتجدر الاشارة الى ان نتائج الانتخابات التمهيدية تعتبر توصية فقط، اما القرار النهائي بالنسبة لقائمة المرشحين فهو للجنة فتح المركزية. وهي مؤسسة تم انتخابها قبل 16 عاما وتمثل القيادة التاريخية القادمة من تونس. انقلاب اللجنة المركزية على نتائج الانتخابات التمهيدية، قد يؤدي الى انشقاق القيادة الشابة عن القيادة التاريخية، وخوض الانتخابات بقائمة مستقلة، كما فعل اريئل شارون في الليكود. كان هذا تقدير حاتم عبد القادر الذي يمثل تيار مروان البرغوثي والذي فاز في الانتخابات التمهيدية في لواء القدس. (داني روبنشتاين، هآرتس 1/12)

عن الفوضى الداخلية في الحركة كتب يحيى رباح في صحيفة "الحياة الجديدة" (1/12): "لدينا فتح خارج السلطة وفتح داخل السلطة، ولدينا فتح مع عسكرة الانتفاضة، وفتح ضد الانتفاضة بكل اشكالها... ومن بين اخطر المفارقات انه في الوقت الذي كانت فيه فتح داخل السلطة تستنكر بعض العمليات العسكرية الموجهة ضد المدنيين في اسرائيل، كانت فتح الاخرى تباركها...".

وبينما يشير تيار الداخل الى فشل السلطة السياسي وعجزها وفسادها، يشير بعض قيادة فتح التاريخية الى فقدان البرنامج البديل لدى الجيل الشاب، واستعداده للتنازل عن قضية اللاجئين، كما جاء في مقالة للكاتب الفلسطيني بلال الحسن: "هل هي حركة الشعب الفلسطيني، ام هي حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة؟... هل يملك الجيل الشاب موقفا محددا حول كيفية التصدي لمساعي الغاء حق العودة؟ اما مواصلة الاعتراض من دون برنامج سياسي واضح، فانه لا يفضي الا الى تنابز في الالقاب". (الشرق الاوسط، 4/12)

الخلاف بين تيار الداخل والقيادة التاريخية جاء على مراكز القوة. فقد سيطر تيار تونس الذي قدم مع عرفات على جهاز السلطة، وشعرت الكوادر المحلية بانه تم استثناؤها رغم انها هي التي قادت الانتفاضة الاولى. فتجمعت هذه العناصر المتذمرة تحت لواء "التنظيم" بقيادة مروان البرغوثي. الانتفاضة الثانية كانت بالنسبة للتنظيم فرصة ذهبية لتحسين موقعه في جهاز السلطة، فعمل على عسكرة الانتفاضة التي بدأت كهبة شعبية. ولم يكن الهدف منافسة حماس على النفوذ في الشارع فحسب، بل بناء مركز قوة ضد قيادة تونس.

لا خلاف سياسي بين التيارين، وهو ما يشير اليه التزام تيار البرغوثي بالهدنة. فقد ايّد هذا التيار اتفاق اوسلو الذي تخلى عن الثوابت الوطنية وعن الدولة المستقلة والقدس واللاجئين. ولم يختلف في ذلك عن قيادة عرفات، كما كان معروفا بعلاقاته الحميمة مع شخصيات اسرائيلية، وكان يرد على معارضي اوسلو من اليسار وحماس، بعدم وجود بديل.

ومن المتوقع انه في حال تسلم هذا التيار لرئاسة السلطة، فسيتمسك بخريطة الطريق الامريكية، وسيدعي انه لا بديل عنها. هذا علما ان هذه الخطة لن تحل القضية الفلسطينية، بل ستدفنها ضمن حدود دولة مؤقتة على 20% من فلسطين، تقطع اوصالها المستوطنات والجدار الفاصل، دون حدود ولا سيادة ولا اقتصاد.

حماس التي التزمت هي الاخرى بالهدنة، لا تقترح بديلا سياسيا واقعيا لهذا المخطط الخطير. واما اليسار الفلسطيني فشبه غائب عن الساحة.

وماذا سيكون موقف اسرائيل من الانقلاب المحتمل داخل فتح لصالح القيادة الشابة؟ يبدو انه سيكون ايجابيا جدا. فطالما حلمت اسرائيل وسعت لخلق قيادة محلية داخل المناطق المحتلة، تكون بعيدة عن منظمة التحرير الفلسطينية. قيادة كهذه ستمثل فلسطينيي ال67 دون اللاجئين الفلسطينيين ولا القضية الفلسطينية بشموليتها. وهو ما يسمح لاسرائيل بتحويل القضية الفلسطينية الى مجرد نزاع جغرافي حدودي. ولم يكن من السهل تحقيق هذا الحلم اثناء وجود ياسر عرفات، وقد يصبح ممكنا اذا تم انقلاب قيادة الداخل واستيلاؤها على الحكم.

ويعتقد بعض المحللين ان احداث العنف لا تثير علامة استفهام حول الانتخابات في فتح فحسب، بل حول مصير الانتخابات للمجلس التشريعي ايضا. واذا كانت الخلافات الداخلية في فتح بهذا العنف والسلطة عاجزة عن ضبطها او ضبط مجرد شجار عائلي، فما عساه يكون الحال اذا اندلع نزاع بين فتح وحماس في الانتخابات العامة؟

قيادة فتح الحالية التي خشيت من نتائج الانتخابات الداخلية، استغلت وضع الفوضى والفلتان لتعلن تجميدها لاشعار آخر، ثم الغتها تماما واعلنت ان استطلاعات الرأي ستستبدلها. فتح موشكة على انشقاق، ويبدو بانها غير جاهزة لخوض الانتخابات حاليا. من ناحية ثانية، دخلت حماس حملة الانتخابات بكل القوة، وترشح قياداتها على الصعيد المحلي والقطري.

ولا تخفي السلطة واسرائيل مخاوفهما من ان يؤدي فوز حماس الى احداث شلل في السلطة الفلسطينية. ولذلك هناك احتمال وارد ان تقوم السلطة وبتشجيع من اسرائيل، بتأجيل الانتخابات القادمة الى ان يستقر وضع فتح، الامر الذي جعل حماس تهدد مؤخرا بوقف حالة التهدئة.



فلتان السلاح

ما زاد الطين بلة كان الشجار في بيت حانون في بداية الشهر بين عائلتي كفارنة والمصري. فقد استمر عدة ايام وانتشر الى مدينة غزة ايضا، واستخدمت فيه العيارات النارية والعبوات الناسفة وأُعملت الحرائق في البيوت. وأسفرت الاحداث عن ستة قتلى وعشرات الجرحى. ولعل المصاب الاكبر ان قوات الامن باجهزتها المختلفة اخذت موقف المتفرج العاجز، وبدل ضبط الوضع، شارك بعض عناصرها في الشجار.

المفارقة ان هذه الاحداث تأتي بعد زيادة 2500 شرطي لجهاز الامن، ورفع اجور رجاله، الامر الذي يزيد الاستياء منها. في هذا الصدد كتب الصحافي موفق مطر: "فينفلق العالم المتفرج علينا من الضحك، على ابطال المشهد الفلسطيني المتقاتلين بسلاح ما كانت له شرعية في ايديهم الا لمقاومة المحتلين الذين انسحبوا من غزة، بعد ان صار السلاح في بيوتها اكثر من "الفجل"، يشترى بايسر من شراء "تنكة" زيت في الضفة الفلسطينية!". (الحياة الجديدة، 5/12)

الصحافي حافظ البرغوثي كتب: "اذا اردنا الديمقراطية حولناها تزويروقراطية ومهزلة، واذا اختلفنا اشهرنا السلاح بوحشية ضد بعضنا، واذا اقترعنا زورنا، واذا اردنا معبرا فتحناه للمهربين... وهل نحن بحاجة الى وصاية دائمة ولا نستحق دولة؟". ويضيف: "ان هذا كله يبدد الحلم الفلسطيني في التحرر واقامة دولة مستقلة، ويُفقد المواطن ثقته في مؤسسات الحكم".

تدّعي السلطة انها ستحل الميليشيات الفلسطينية المسلحة بعد الانتخابات، ولكنها حتى الآن فشلت حتى في اجتثاث ظاهرة سرقة السيارات. وكانت العملية الانتحارية في نتانيا في 5/12 تحديا للسلطة، اذ اثبت عجزها عن ضبط تنظيم صغير مثل الجهاد الاسلامي. فبعد محاولة الشرطة الفلسطينية اعتقال نشيط في الجهاد بجنين، قام رجال الجهاد باطلاق النار على مركز للشرطة، ولم يتم اعتقال النشيط.

وبما ان خريطة الطريق تشترط اي تقدم في المفاوضات بنزع اسلحة المنظمات الفلسطينية، فان وضع الفلتان الامني وفوضى السلاح، يمنح اسرائيل كل الحجج لمواصلة سياستها الاحادية الجانب التي تسبب المآسي للشعب الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة