الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرعية الدولية وعلاقتها بالشرق الأوسط

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


الشرعية الدولية:هي الإجماع الدولي الناتج عن القناعة الحرة لأكثرية دول العالم، والمتعلقة بقضية دولية معينة أو وضع دولي معين(نزاع أو اعتداء..الخ) دون تأثير أو إكراه أو إغراء.
منذ قيام عصبة الأمم واستمرارها بمنظمة الأمم المتحدة، لم يكن لها دورا شرعيا في منطقة الشرق الأوسط بالمعنى الحقوقي، وهي المنطقة المستثناة عالميا من كل القرارات الدولية وإرادتها، حيث بدأت أعظم هذه القرارات بإدانة أكبر جريمة عرفها العالم بعد تشكيل عصبة الأمم، وهو قيام دولة إسرائيل على أرض الغير، وجرائمها في المنطقة منذ إقامتها، ومطالبتها بالعديد من المطالب التي تُعيد الحق(الأرض) إلى أصحابه دون جدوى ودون أدنى تنفيذ لهذه القرارات، كون الحامي الأساسي لها هي الدول العظمى نفسها التي شكلت المنظمة الدولية.
كثيرا مايأتي على المسامع تعبير الشرعية الدولية، ونفهم ذلك حسب مايُسوّق لها أنها الرأي العام العالمي الحر المُتحرر من أية ضغوط أو صناعة تسير بالإتجاه الذي يفرضه الأقوياء على العالم، رغم أنه لو عرفنا أن القرارات الدولية بوجود الدول المُحددة التي يحق لها الاعتراض(الفيتو) تسير بالاتجاه الذي يريده الأقوياء وليس إحقاق الحق للدول الصغيرة والضعيفة، وأن هناك دول مجهرية أصغرها يبلغ تعداد سكانها /13000/مواطن، وهم بالكاد يُساوون تعداد قرية في سوريا وليس في الهند أو الصين، هذه الدولة لها رئيس وحكومة ومعارضة ونشيد وعلم وعضوة في الأمم المتحدة حسب الترشيح الأمريكي المُوافَق عليه سلفاً كأي دولة من دول العالم، وهي المجموعة التي صنعتها الولايات المتحدة الأمريكية لتفرض الحق من وجهة نظرها، وذلك عبر التصويت المُفبرك للأمم المتحدة بشأن قضية ما، وعلى الأغلب القضايا التي تتعلق بالعرب بشكل خاص.
الصراع التاريخي بين منطقتنا والعالم الغربي قديم وتبلور بعد دحر الصليبيين عام 1187م من القدس على يد صلاح الدين، وضمن قواته الروم الأرثوذكس والطوائف المسيحية المحلية الأخرى بقيادة يوسف بابيط، الذي صار فيما بعد مُستشارا له، هذا الصراع حدد هوية المنطقة بمكونها الثقافي والديني مع كل اشتقاقاته كأعداء حقيقيين للغرب، لذلك لم يُفرق الغرب بين المسيحي والمسلم وهم الذين تشاركوا في إخراج الصليبيين بالطريقة المُذلة التي خرجوا بها، وتكررت محاولات الفرنسيين دعم الطوائف المسيحية في سوريا ولبنان على أساس الدين بغاية التفرقة ردا على الوحدة التي كانت في زمن صلاح الدين ، ورد فارس الخوري رئيس الوزارة إبان الاحتلال الفرنسي بخطبته الشهيرة في الجامع الأموي للقتال من أجل الاستقلال وإخراج الفرنسيين، وهي الصورة التي اعتُبرت تكرارا لصلاح الدين لكن هذه المرة كانت من الوسط المسيحي أي أن هذه المنطقة مُنسجمة كردا وعربا مسلمين ومسيحيين.
دحرُ الصليبيين كان أساس الإنطلاق لكل الاحتلالات التالية في تاريخنا من قبل الغرب، وبالتالي أسّس لصناعة الشرعية الدولية على نفس النهج القائل:لاتتركوهم يحققوا القوة ويقصد شعوب منطقة الشرق الأوسط، لذلك نجد أن منطقتنا هي الوحيدة في العالم تُستثنى من تطبيق قرارات الأمم المتحدة إذا افترضنا براءة هذه المُنظّمة وهذا بعيد، بل أكثر من ذلك أن الشرعية الدولية تفرض على العرب تطبيق قرارات الأمم المتحدة، وخاصة المتعلقة بالصراع العربي الاسرائيلي وأذرعه الأخطبوطية أيا كانت، وتتجاهل عدم التزام إسرائيل لمثيلاتها من القرارات الدولية….هل كان هذا صدفة أم ماذا ؟!.
الشرعية الدولية(الهيمنة الغربية) قامت على الثأر التاريخي من الأكراد والعرب، كون صلاح الدين كردي وقوام جيشه من الكرد والعرب المسلمين والمسيحيين، فلو قرر مؤسسي هذه المنظمة باتفاقية سايكس بيكو إقامة دولة كردية على الأرض التاريخية للأكراد لقامت هذه الدولة، وذلك مقارنة بإقامة دولة إسرائيل على أرض الغير بالقوة،لكن لأسباب ثأرية تاريخية لم تقم ويتم التحريض على قيامها اليوم بغاية خلق الاضطراب في المنطقة خوفا من انسجام كردي عربي يُكرر ماصنعه صلاح الدين وليس وقوفا إلى جانب الكرد؟.
الراسخ في الوعي الغربي أنه خلّف شعوب المنطقة إلى حد اللعب بمصيرها، وذلك من خلال خلق تناحرات عبر التنوع الذي تتمتع به، ولم يُدرك أن هذه الشعوب استفاقت من غفوة الماضي بظلاله وظلامه، وأدركت مصالحها بالتقاطعات والعيش المشترك، فصارت قادرة على رسم مستقبلها رغم كل المعوقات التي فرضها الغرب في طريقها، وذلك عبر الخلق القسري للأنظمة الديكتاتورية التي خرّبت مناخها وبنيتها، وها هو العراق يخرج من تحت أنقاض الديكتاتورية وآلة التدمير الغربية فيبدأ سيره هادئا نحو المواطنة والمجتمع الوطني المدني،وهذا لبنان الاسلامي المسيحي ينهض من جديد بعد حرب جاهلة دفع ثمنها الشعب اللبناني الكثير من الشهداء ويقف صامدا في سبيل الحرية والمواطنة التي لا تحتاج لشرعية دولية مُزيفه تُبقي مزارع شبعا مُحتلة وتخترع أسلحة دمار شامل للعراق وهو خال منها…..والحبل على الجرّار لازال قائماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف