الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث في مرسم

سعد محمد موسى

2016 / 8 / 10
الادب والفن


حديث في مرسم
كان الفنان الالماني "يوكَن" يعمل بمرسمه القريب من مشغلي في ذات البناية التي كانت تضم بحدود الثلاثين فنانا وفنانة وسط مدينة ملبورن وكنت عادة ما اشاهده وهو يقود دراجته الهوائية بنشاط كل يوم قادماً الى مرسمه او مغادراً لداره.
في احدى زياراته الى مرسمي تحدثنا عن حرب
"عاصفة الصحراء" .. واثناء الحديث رفع يوكَن طرف قميصه واشار الى أثر جرح قديم على خاصرته, ثم استرسل بحكايته عن ايام الترقب والقلق التي كانت تستحوذ عليه قبل بدء الحرب.
وحين بدأ الهجوم المباغت لعاصفة الصحراء على العراق
وفي لحظة سماعه اجتياح طائرات الحلفاء لسماء العراق ليلة 17 يناير من عام 1991 كان يوكَن حينها متسلقاً درجات السلم وهو يحاول استبدال مصباح كهربائي كان متدليا من سقف الغرفة فصدمه خبر هجوم طائرات التحالف على العراق لدى سماعه عبر الاثير من الراديو فوقع من اعلى السلم على سطح الارض مرتبكاً ومذعوراً وجرح بحافة قطعة معدنية كانت ملقاة فوق بلاط الغرفة.. ونقل على اثرها بسيارة بالاسعاف الى المستشفى لتلقي العلاج هناك.
فقلت له مازحاً : اذن انت ياصاحبي كنت من اوائل جرحى حرب عاصفة الصحراء رغم انك كنت في استراليا وبعيدا عن ساحات الحرب في العراق!!
واخذ الحديث يطول حول كوارث وهول الحروب .. ثم اخبرني عن مأساته الشخصية ومعاناة اهله في المانيا اثناء الحرب العالمية الثانية والذين لم يتبقى منهم على قيد الحياة بعد هجوم الحلفاء ضد المانيا الا بضعة افراد معدودين وكان يوكَن من ضمن الاحياء حين كان عمره 3 سنوات انذاك.
-كنت اتوقع عمرك في نهاية العقد الخامس اخبرت يوكَن.
ابتسم الفنان قائلاً: كلا انا عمري 73 عاماً ومازال في العمر بقية لاتمام بقية مشاريع سفري وارتحالاتي القادمة الى بلدان اخرى ومن ضمنها حلمي لزيارة العراق والاطلاع على آثار حضارات سومر وبابل واشور ومشاهدة الاهوار ومعالم بغداد واملاً أن يستتب الامن والاستقرار في العراق قريباً.. ثم أردف الفنان يوكَن قائلاً وهو منهمك بمسح الغبار عن لوحة قديمة سبق وان رسمها عن مأساة الحرب عرضها في مرسمي كي ابدي رأي بها.
العراق بلد ثري وبلد حضارة ونتمنى من شعبه ان يعيد بناء الوطن بعد ان يتجاوز محن الحرب مثلما فعلت المانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
-انت متفائل ياصديقي بعودة العراق مشافى مرة اخرى بينما اهله متشائمين من
عودة الوطن الى الاستقرار والسلام : اخبرت يوكَن ثم اردفت قائلا ياصديقي ان وضع العراق الجغرافي مختلف
وصراعاته الداخلية اضافة لفساد السلطة يختلف عن المانيا بعد الحرب العالمية الثانية .
...
شعرنا بان اوجاع الحرب كانت قاسما مؤلما بيننا .. فاخبرني عن فصول اخرى من حياته لاسيما حين غادر المانيا وهو بعمره 26 ثم استقر به المطاف أخيرا في
استراليا بعد ان زار بلدان كثيرة ومن ضمنها افغانستان وباكستان وايران والتقى بمجاميع كانوا ينتمون الى حركات الهيبيز واليسار وايضا بعض المتصوفة في الشرق الاوسط هناك
حين كان الاسلام يمثل دين معتدل محصور ضمن طقوس التعبد بعيدا عن السياسة والسلطة والارهاب وكارثة ارهاب التطرف الديني التي تهدد الانسانية اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل