الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العاطل والخنزير والخل الوفي

حسين عبد المعبود

2016 / 8 / 10
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


العاطل والخنزير والخل الوفي
حكى لي بعض الأصدقاء حكاية أشبه ب ( حكايات كليلة ودمنة ) مفادها : أن عاطلا أصبح مسئولا عن أسرة كثيرة العدد جميعهم يسكنون في حجرة واحدة ، فدائما ما يشكو الفقر ، وقلة الشيء ، وضيق المكان ، فذهب إلى من يعتقد أنه صديقه وخله الوفي يشكو له حاله فأشار عليه أن يشتري عنزة بعد فترة تلد له عنزة أو عنزات ، فاستدان واشترى العنزة ، ولكن من أين الأموال التي ينفق منها على الأسرة والعنزة ؟ وكيف تسع الحجرة ؟ فزادت الحالة سوءا ، فذهب ثانية إلى خله الوفي يشكو له ذلك ، فأشار عليه أن يشتري جاموسة ، تلد له بعد فترة عجلا يبيعه وينفق ثمنه ، ويشرب اللبن أو يبيعه ، وبدلا من أن يتعلم من درس العنزة استدان ثانية واشترى جاموسة جلد ، فاصبح الأمر لا يطاق ، فأين الأموال التي ينفقها على الأسرة والعنزة والجاموسة ؟ وأين المكان الذي يسع كل ذلك ؟ وبدلا من أن يتعلم من أخطائه ، وبدلا من أن يحسن اختيار من يستشيره ذهب ثالثة إلى خله الوفي ويقول : إن أمره أصبح لا يطاق ، فالحالة أصبحت بؤسا وشقاء ، والحجرة مليئة بالروس والمخلفات ، فأشار إليه أن يشتري خنزيرا يأكل الروس والمخلفات ، فاستدان ثالثة واشترى الخنزير ، فتحولت حياته إلى جحيم ، والحجرة إلى زريبة ، فأسرع إلى خله الذي قال له : بيع الخنزير فباعه ، ولماسأله خله عن أحواله أجاب بأنها قد تحسنت كثيرا .
فأيقنت أن صديقي هذا يصف لي الحالة المصرية بدقة وذكاء وتقية ، ولكن الأمر المحير أن الحالة المصرية يعرفها الكثير وأقروا بها ، وأنه برغم كل ما حدث من مشروعات وهمية وفنكوشية بدءا من : إصبع الكفته ، ثم المؤتمر الاقتصادي والمليون ونصف وحدة سكنية والأربعة ملايين فدان والعاصمة الإدارية الجديدة ، وعجيبة الأعاجيب تفريعة قناة السويس ذات البروبجندة الإعلامية الصاخبة التي أسموها زورا وبهتانا ( قناة السويس الجديدة ) وملأوا الدنيا ضجيجا وأقنعوا العامة والبسطاء بأن هذه القناة سوف تجلب السعد لمصر والمصريين وساعدهم قي ذلك بعض النخب والمسئولين الذين تفوقوا على مسيلمة وزرقاء اليمامة في الكذب وقالوا أن دخل المشروع سوف يصل إلى مائة مليار دولار ، في حين أن رئيسهم ذاته اعترف أنها ليست ذات جدوى اقتصادية ولكن كانت لرفع الروح المعنوية ، رغم تصريحه السابق عقب افتتاح التفريعة : أن عائد القناة قد غطى التكلفة ، متناسيين عن جهل أو عمد أنها كانت السبب الرئيس في تدهور قيمة الجنية وارتفاع قيمة الدولار مما تسبب في اشتعال الأسعار ، وتدهور الأحوال الاقتصادية ، بعد كل ذلك تجد عبيد البيادة ممن باعوا ضمائرهم قبل أوطانهم يخرجون علينا بما أسموه مبادرة جمع أربعين مليون توقيع لتمديد فترة رئاسة السيسي إلى ثماني سنوات بدلا من أربعة وبدون انتخابات بحجة أن إنجازات هذا الرجل في سنتين تفوق ما تم انجازه في عشرين سنة ، ونحن نتشاءل جدلا لو لم يتم هذا الإنجاز أكنا نعاني هذا الفقر والغلاء والبطالة ؟ أكنا نعاني هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة ؟ يقولون أيضا أنه أعاد لمصر دورها الإقليمي ووضعها الدولي ، ونحن نتساءل عن أي دور إقليمي لمصر والمنطقة العربية كلها اضطرابات ومشاكل ولا دور لأحد باستثناء دويلة الإمارات العربية ذات الدور الأكبر في الانقلابات والاضطرابات ، ولا دور لمصر إلا التوقيع على اتفاق المبادئ الذي مكن أثيوبيا من بناء سد التهضة ، والتفريط في مياه النيل ، والاستغناء عن جزيرتي تيران وصنافير، والحفاظ على أمن إسرائيل .
ولا تتعجب فإذا تبين للمخابرات أن هذا المشروع من الممكن تسويقه عبرالعامة والبسطاء ، وكذابي الزفة من النخب والطماعين والمخدوعين ، سوف تتبنى مشروع الحملة تكرارا لحملة تمرد ، ويخرج علينا عاهرات وعواهر الإعلام والسوساوية ومن يعانون شبق الظهور الإعلامي ليشيدوا بعبقرية هذه الحملة ، وجدواها الاقتصادية ، قائلين أن الدولة تعاني أزمة اقتصادية حرجة ، وبدلا من انفاق المليارات على الانتخابات يجب ان نغير الدستور ونمدد للرئيس وهو ناجح ناجح ، ويجب توفير هذه المليارات ترشيدا للإنفاق واستغلال هذه المليارات في مشروعات أخرى تعود بالنفع على الوطن والمواطنين ، مستغلين العامة والبسطاء والانتهازيين ومن لا يتعلمون من الماضي ومن لا زال عندهم أمل في السلطة لتمرير المشروع .
فلا تصدقوهم ولا توقعوا على أي مكتوب يؤيد أو يدعوا للتمديد ، بل خالفوهم ووقعوا على عرائض ضد التمديد ، بينوا للناس كذبهم ونفاقهم واتهازيتهم ، وخذوا الدرس من الماضي ، ولكم في تمرد لعبرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟