الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات العراقية حذاري أن يستغرقنا التفاؤل

طلال شاكر

2005 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


نجحت الانتخابات العراقية،في شكلها ومضمونها ورؤيتها الاولية. وكان ذلك بحد ذاته انجازاً تاريخياً
لشعب لم بشارك في عملية انتخابية بهذا الحجم وهذا التأثير. مما يظهر عمق التغيرات السياسية
وإستحقاقاتها التي أحدثتها عاصفة التاسع من نيسان في بلادنا ،وكتجلي لخصال شعب اصيل يحمل الامل والتفائل وهو في ذروة المواجهة والتحدي. في هذا السجال الانتخابي تقدم المتهم بالاستحواذ على البلد والمحروم منه ليشاركا في هذه الانتخابات، محتكمين الى صناديق الاقتراع لاول مرة، بالطبع ، دون
التخلي عن الاستقواء بمنطق الولاء الضيق، بتجلياته المختلفة للعرق اوالطائفة وهذا ايضاً من مفارقات الواقع العراقي المذهل. وبرغم ذلك، فهذه لاشك خطوة عقلانية مهمة لقوى غالباً ماازدرت الخيارات الديمقراطية في ممارساتها السياسية ، والايام ستكشف مدى مصداقيتها...؟


كانت الانتخابات مهرجاناً للديمقراطية، وعرساً لها ولكن بأي معنى ومن اي منطلق وهذا ماأوضحه؛
لقد شاركت في هذه الانتخابات كمواطن عراقي، بكل انتمائي وحسي الوطني تراودني احلام وامنيات
ندية لوطني الذي اعشقه ، لكن بكل اسف، كانت مشاركة بخيار قلق ورؤية تبحث عن مشروعهاالوطني تحت ضغط الكم الكبير من الخيارات الملتبسة لقوائم وكيانات تواترت ببرامجها وخطابها وشعاراتها الى الحد الذي اعيت فيه المواطن العراقي.


، كنت ابحث عن خياري الوطني بين القوائم المتنافسة، بأرادة الوطني المهموم ، على وطنه والخائف على مصيره في ظل ظروف سياسية معقدة، تحمل تحدياتها الجدية بين تكتلات طائفية وعرقية ونزاعات سياسية واجتماعية مختلفة، بينما هنالك شعب اعياه الصبروهو ينتظر الوفاء لحقوقه من الاستحقاقات
الاقتصادية والتنموية الى الصحية والمعاشية والبيئية، في ظل نوازع الاحتقان والريبة التي لم تستقر...، على حساب وطن ضاعت ملامح هويته وصار مصيره معلقاً بمواقف ومصالح هذه الكيانات المتصارعة على النفوذ والاستحواذ، التي غدت أهدافاً رئيسية لها لتعزيز هيمنتها على جغرافيتها السياسية، لفرض الامر الواقع، والتي صارت تتحكم فيها كاقطاعيات سياسية بعناوين مستحدثة في جسد وطن معتل. كنت اتمنى ان اكون مفرطاً في تفائلي الى حد الخيال والحلم، بيد ان واقع الحال اصدر تحذيره المبكر الي بأن اكون واقعياً، فذلك اجدى وانفع لوطني ومشروعه الديمقراطي المنتظر؟ في خضم هذه العناوين
المستعصية، ماذا سيفعل خياري الحائر؟واين ستقودني همومي، وفي اي قائمة ستتلاشى امالي وانا ابحث
عن راحة هذا الوطن المعذب منذعقود دون ان افلح ؟




نعم كانت مشاركة انتخابية واسعة ومتنوعة، اظهرت قوة التصميم والامل لشعب حي يريد نهاية لمأساته
وعذاباته في ظل وطن يظلله الامن والاستقرار وألاعمار، غير ان واقع الامر يشير الى خلاف ذلك بكل
اسف فالديمقراطية طريق طويل ومعقد في بلد ليس في تقاليده السياسة ما يشيرالى مرتكزات ديمقراطية وحقوقية تضمن انبثاق ثقافة سياسية تتجاوب بطريقة فعالة مع مفهوم الاخر ومعنى التعددية السياسة
وقبول مبدأ التداول السلمي للسلطة ضمن المعاييرالديمقراطية في مفهومها الحضاري دون مقاومة اواعتراض عنفي. وهذا ماتنافر مع مسارووجهة الانتخابات الاخيرة، وبخاصة مع عقيدة وثقافة القوى التي لاتستوعب رؤية الاخر يحقق انجازات انتخابية في بيئتها المغلقة؟. لقد دخل (العرب السنة) بثقل يتوازى وهاجسهم وخوفهم من التهميش والعزلة، تحت منطوق طائفي لاتخطئه العين بغض النظر عن العناوين الوطنية والقومية الفضفاضة التي رفعتها قوائمهم، بأ لتحام سافر مع قوى بعثية ومجاميع مسلحة
تحت يافطة (المقاومة) أنها رسائل عزاء تقرأ في العرس الانتخابي بكل صلافة، ومع ذلك يبقى الامل قائماً بأن تدرك القوى الحية بين العرب السنة بأن دروب العنف واحتقار المعطيات الجديدة لن يجلب ظفراً او تغييرا لصالح المشروع الوطني الذي يتحججون به، مما يعني التحول نحو الكفاح السياسي بقراءة وخطاب جديدين وهذا اضمن لدعم وحدة العراق وهو يواجه مخاطر متعددة واهمها وحدته وخياره الديمقراطي.

في هذه الحالة علينا ان نعترف كقوى ديمقراطية ان هنالك اختلالات في الموازين السياسية لصالح القوى الطائفية والانعزالية، ولم ينضج بعد بدرجة كافية ومؤثرة المشروع العلماني بمواصفاته العراقية، لضعف قواه وتشتتها ووهن تاثيره على مكونات الشعب العراقي لاسباب مختلفة ، وهذا بالتاكيد ليس
رفضاً للتنافس الديمقراطي لانداد اقوياء تدعمهم جماهير عريضة عليك احترام ارادتهم . فالامر
لايتعلق بخصوم لاتريد احترامهم اوتخشى التنافس االديمقراطي معهم، بل لانهم مخيفون وغير متمدنين
في اساليب تنافسهم ، وهم يملكون رؤية وأجندة تتقاطع مع المشروع الديمقراطي الذي هو المنطلق الاول والاخير لبناء وطن يحتضن الجميع وهم احرار فيه. ان الدرب طويل وطويل وخيار القوى الديمقراطية المفتوح, هوبناء وتقوية مؤسسات المجتمع المدني، وترسيخ مبادئ حقوق الانسان والامل في تعديلات دستورية تستجيب لهمو م الوطن والشعب بطريقة غير مقيدة وضمان الحريات والاختيارات الشخصية،
والدفاع عن حرية العمل السياسي وطرح برنامج وطني ملموس، يستجيب لفكرة عراق وطني غيرموزع
بين هويات طائفية وعرقية. ان البرلمان القادم، والحكومة القادمة وبناء القرار والموقف الوطني، من
خلال وحدة الانسجام الوطني في تفاعلهما وهما يديران دفة الحكم بنجاح وشفافية واخلاص، يتوقف
بدرجة كبيرة وحاسمة على الموقف الوطني المتجرد من عقيدة الطائفة لصالح عقيدة عراقية فكراً وممارسة، اي الوطنية العراقية بمفهوها الديمقراطي والحضاري.
فأذا اصر (العرب السنة) على الاشادة بالمقاومة وتأهيل البعث ورفض التغيرات وحجة الاحتلال....، وأذا
ما تمسكت الاحزاب الشيعية بمظلومية الشيعة وعقدتها التاريخية، ومفهوم الاغلبية والاقلية لكسب حقوق مضافة من منطلقات طائفية.... واستمر الاكراد في اعتبار كردستان اولاً وأخير....اً فأقرأ على العراق السلام. عندما اضع اصبعي على مواقع جروحنا الغائرة لاادفع احداً الى اعماق اليأس لكني قطعاً اشير الى مفاصل المعضلات التي تواجهنا كشعب ووطن كمعوقات جدية لبناء عراق جديد. قد يبدو أن انهاءهذه العقبات الثقيلة ضرباً من الخيال كمستعصيات يتعذر تحقيقها في ظرف العراق العصيب وهو يواجه ارهاباً وحشياً اربك كل العملية السياسية، و زاد من تأجج الغلو الطائفي والقومي الموجود اصلاً، بالطبع لايخلو هذا الضرب الخيالي من مرتكزات الصواب وانا لاأقلل اطلاقاً من واقعيته، لكن في النهاية لابد للعراقيين ان يلتقوا في منتصف الطريق ان ارادوا بقاءً لوطن اسمه العراق ، مع ذلك اقول ان الفرصة مازالت قائمة ان يستخلص العراقيون ونخبهم الواعية الدرس التاريخي من ظروف تأسيس الدولة الوطنية في 1921 حين كانت تعاني من خلل التكوين العادل والمتوازن لمكوناتها الوطنية، والان تلوح فرصة مناسبة لبناء الدولة الوطنية العراقية بمواصفات وطنية حقيقية وبمضمون ديمقراطي تصان فيه حرية الانسان العراقي وحقوقه اياً كان انتمائه وتفكيره وخياراته .
لاأريد تعكير نشوة الفرح الكبير الذي يعيشه العراقيون وهم يضعون امالهم . في نتائج هذه الانتخابات من منطلق وطني خارج منطق الفوز الساحق لهذه القوى اوتلك ، ولكن لامفرمن مواجهة الحقائق وكشف الحساب، لان العرس البهيج، تتغير طقوسه ووظائفه بعد اليوم السابع.. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا