الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوتين .. والعَولمة المتوحِشة

امين يونس

2016 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ان مافعلهُ " بوتين " في روسيا ، خلال خمسة عشر سنة ، من وَقف التدهور الإقتصادي والإنحطاط السياسي والإجتماعي ، الناتج عن إنهيار الإتحاد السوفييتي ، هو إنجازٌ عملاق بِكُل المقاييس . بِغض النظر ، عن إتفاقنا مع سياساته ، أم لا . ان بوتين أعاد روسيا إلى واجهة العالم وأثبتَ على الأرض ، ان " القطب الواحد " ليس إلا كلام فارِغ . يمكن إعتبار بوتين ( قَيصر ) روسيا الجديد ، من جانِب ، و ( الزعيم ) التقليدي والمُحافِظ ، للحركة العالمية المُضادة ل " عَولمة " النُخَب الأمريكية والغربية ، أي العولمة المتوحشة ، من جانبٍ آخر .
أما " أردوغان " وبِغض النظر أيضاً عن تأييدنا لهُ أو لا ، ورغم كُل حماقاته ، ونزعته الإنفرادية الدكتاتورية في الداخل ، ونهجه الأصولي وعلاقاته مع الجماعات الإرهابية المتشددة في الخارِج ، وطموحاته التوسعية .. فأنهُ مقبولٌ لدى قسمٍ كبير من الأتراك ، والإتحاد الأوروبي عموماً والولايات المتحدة ، لايستطيعونَ عملياً ، الإستغناء عنه ، في هذه المرحلة على الأقل .
أردوغان يدرك جيداً ، ان " العولمة " إذا وصلتْ إلى مدياتها المرسومةَ لها ، فأنها ستُسّبب خسارة فادحة للإقتصاد التركي ، وتُحّجِم كُل طموحاته . " الأردوغانية " إذن ، في تركيا ، هي تعبيرٌ عن السياسة التقليدية المُحافِظة ، ذي الطابع الأصولي والعنصري ، المُقاوِم لل " العولمة " . ولهذا من السَهل الإتفاق والتنسيق مع بوتين .
حتى " ماري لوبين " في فرنسا ، بِكُل يمينيتها وتقليديتها المُحافظة وعنصريتها ، فأنها تقف بصلابة ضد " العولمة " ، ويمكن مقارنتها مع أردوغان ، ويمكن أيضاً تَخّيُل ، التنسيق المستقبلي ، بين " البوتينية " وبين الحركات التقليدية المُحافِظة ، بطيفها الواسِع المُمتَد ، بين أردوغان الإسلامي المُحافِظ ، مروراً بالأحزاب الأوروبية اليمينية الصاعدة ، وصولاً حتى الى " دونالد ترامب " الإشكالي والمُستفِز ! . ( ربما لن يفوز ترامب في هذه الدَورة ، لكن نهج ترامب " الداعي أساساً ، إلى العَودة إلى سياسة أمريكا السابقة قبل سبعين سنة ، والمتمثلة بالإبتعاد عن العالم والإكتفاء بالعيش الرغيد للمواطن الأمريكي والسلام وعدم التدخل " .. باتَ يلقى تأييداً واسعاً لدى المواطنين العاديين بصورةٍ عامة ) .
أنهُ صراعٌ شرس وعميق ، بين العولمة المتوحشة التي تقودها [ النُخَب ] المالية والإحتكارية الغربية الكُبرى ، والهادفة إلى السيطرة على كُل مُقدرات العالم ، وحكومات الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من البلدان الغربية ، ما هي إلا أداة لتنفيذ سياسات تلك [ النُخَب ] .. وبين التقليديين والمُحافظين الجُدُد " ويا للمُفارَقة ، فمن بينهم أقصى اليمين وأقصى اليسار أيضاً " ، الذين يقاومون بكافة الطُرق ، والذين يقودهم اليوم " بوتين " ! . والحروب الدائرة الآن في الشرق الأوسط والحروب التي ستندلع في السنوات المقبلة في أنحاء العالم ، هي من ضمن ، ذلك التنافُس بين العولمة المتوحشة الأمريكية الغربية ، من جهة ، وبين المقاومين لها .
..........................
أينَ نحنُ ، العراق وبضمنه أقليم كردستان ، من هذهِ الحسابات والصراعات الدولية والأقليمية .. وماذا عند ساستنا وقادتنا ، لمواجهة تلك المعادلات الصعبة والخطرة .. ماذا لدينا من الخطط والدراسات ل " فهم " ما يجري ؟ هل سنظل مُجّرد حمقى ، لايفقهون شيئاً ، وكُل سياستنا ، مُجّرَد ردود أفعال خرقاء ، لما يقوم بهِ " الآخرونَ " تجاهنا ؟
مقالي المقبل ، سيكون عن زيارة أردوغان الى روسيا ، والتأثيرات المتوقعة على الكُرد عموماً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الديمقراطية في الغرب.. -أنا وما بعدي الطوفان- #غرفة_الأخبار


.. الانتخاباتُ الفرنسية.. هل يتجاوزُ ماكرون كابوسَ الصعود التار




.. لابيد يحمل نتنياهو مسؤولية توتر العلاقات مع الولايات المتحدة


.. استشهاد فلسطيني وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي استهدف مركز إيواء




.. نتنياهو يبلغ نوابا في الكنيست بانفتاحه على وقف حرب غزة.. ما