الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رَحِمْ الزَّبَرْجَدْ (1) …

حنان بن عريبية
كاتبة

2016 / 8 / 11
الادب والفن


لقد مضى وقت طويل لم أرها تَنثر فتات الخبز ببَاحتِها،حتّى نَافذتها التِّي اعتادتْ أن تفتحها مع نَسيم كلِّ غسق فَجر تكاد تكون مهجورة... لَولا تمايلْ أطراف ذلك السّتار المطرّز لقُلت أنّها رحلت ...ماذا أصابها؟
سمعت يا عَاقل من أحد روّاد المقهى أنّها اعتزلت النّاس، لم نعُد نشاهدها تَعبر الطّريق المقابل لقَضاء شؤونها، أنا بدوري افتقد تحيّتها الصّباحيّة لي بتوّهج ثغرها المبتسم وحيائها المفعم أنوثة والذّي تحاول أن تُخفيه بصلابة جأشها.... إنْتَظِرْ قليلا هناك شخص قادم لنُكمِل حديثنا فيما بعد.

لا يبدُو الارتياح مرسومًا على قسمات عاقل وتَمتَم يَبدو أنِّي لست الوحيد الذّي يَفتقد زَبَرْجَدْ...وأخَذ يتفَحصّ موجَات الرَّاديو ساخِطًا أيْن الأَخْبَارْ؟ أيْن الأَخْبَارْ؟
فالتَفت له شَخْص كان يَلْعب الورق قائلا وماذا لدينا غير الأَخْبَارْ!!
فردّ عَاقِلْ إني أبحث عن الأَخْبَارْ وليس عن الاِخْبَارْ.. وواصل تفحّص موجات الرّاديو غير مكترث بضحِكات ذلك الشّخص، إلى أن تَوقّف على صوت المذيع وهو يقول :

على سكّان المناطق السّاحليّة من الصّيادين أن يطمئنّوا.. فالطّاقم المكلّف بمعاينة وقائع خلفيّات غرق السّفينة البِتْروليّة توجّهوا ليلة أمس للميناء...فأطلق عَاقِلْ قَهقَهة عالية متعجّبًا وهل غرقت السّفينة البتروليّة بجانب قوارب صيد السّردين!! على كل لا يهّمني.. ونَادى صَاحب المقهى سأُغَادر قَد أعود في المسَاء..

- لم نكمل حديثنا عن زَبرجَدْ يا صديقي
- لا بأس لنُؤجله ...

خرج عَاقل مُسرعا لا يَرنو لشيء غير الوصول لبَيتِه والتّمدد على سريره اثر هذا الصّداع الذّي ألمّ به فجأة.. ولم يقف هذا حائلا دون أن يسترِق نظرات نحو نافذة زَبرجد فوجدها كالعادة… كسكون اللّيل لولا إطلالة أطراف ذلك السّتار الشّفاف مع كلّ هبّة ريح والذّي يُشعره أنّ وراء جدران بيت زَبرجد هناك حياة تَنبض بهُدوء ...

فطأطأ رأسه قائلا في خلده تبّا لهذا المجتمع البائس سجين الأجساد.. لو كان غير ذلك لما تَوانيت للحظة أن أرفع ذلك السّتار الشّفاف الذّي أجده يَحجب الكثير وألج إلى غُرفتها لأعلم ماذا يجري....

فِي الغد شعر عَاقِلْ بتَوعك.. لقد كانت ليلته مضنية بأفكار مُشوشة يغْلب عليها وجه زَبرجد.. وبالكاد نهض من سريره وأكل ما تيسر من إفطاره الصّباحي الذّي تركته له والدته على الطّاولة... ورتّب نفسه وتوجه إلى المقهى. أثناء سيره مدّ يده إلى عُلبة سجائره محليّة الصّنع وأشعل واحدة وباقترابه من بيت زَبَرْجَدْ ممنيّا نفسه أن يراها، شاهد جُموعا من النّاس تتخلّلهم جلبة لا يفرز منها شيء، فأسرع نحو الحشد بعد أن استنشق جَرعَات متتالية من سيجارته وولج في وسط الناس..
ولم ينتبه وهو يَجْهر بسؤاله عن حال زَبَرْجَدْ مفزوعا هل زَبَرْجَدْ بخير؟؟ ماذا أصابها؟؟

فأجابه شاب في العشرينات كان واقفٍا بِجَانبه: الله ينتِقم منها تِلْك الفاجرة..
فأردف عَاقِلْ فاجرة !! أتَعني زَبَرْجَد!؟
- نعم أعنيها هي تلك المتحرّرة
- في ماذا فجرت ؟؟
- إنها جميلة جدّا وذكيّة والأمر لا يروق لأحد من سكّان المنطقة
- أتُسمّي هذا فُجورا؟؟
- وماذا تنتظر من واحدة جميلة غير الفُجور!!
- هل شاهدتها ترتكب خطيئة ؟
- في الحقيقة لا ولكن والدتي حدّثتني مرّة أنّها في زيارة لبيت زَبَرْجَد شاهدتها تمسِك مجلّة بها صور لنساء كاسيات عاريات ولمّا سألتها عن مصدر هذه المجلّة الغريبة أجابتها أنّها مجلّة بلغة هؤلاء الكفرة !!
- ماذا تقصد ؟؟
- مجلّة إفرنجية تتحدّث عن أورام النّهود التّي تصيب النّساء والوقاية منها

فتعجب عَاقل وسأله :

- وهل استخلصتم فُجورها من هذا ؟؟
- تخيّل جميلة وذكيّة وتتصفّح مجلاّت بلغة هؤلاء الكفرة ستجلب علينا لعنة أكيد

فقال عَاقل ممتعضا :
غبي وأحمق وبشع الخلقة والخُلق ماذا سيجلب علينا ؟؟ وتابع اختراق الحشود...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي