الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملف الكردي في مباحثات بوتين / أردوغان

امين يونس

2016 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لأنَ معظمنا ، نتّسِمُ بالعاطفية وسُرعة الإنفعال ، ولا نتعّمق في التحليل والتدقيق ... فأنَ مواقفنا وآراءنا ، في أغلبها ، سطحية ومتشنجة . وأقرب مثالٍ على ذلك ، ردود الأفعال على المحاولة الإنقلابية الفاشلة في تركيا : فنحنُ الشريحة الواسعة من الناس ، هُنا ، فرحنا نكايةً بأردوغان المُستبِد وتمنينا نجاح الإنقلاب ، والسُلطة في أربيل إعتبرتْ فشل الإنقلاب ، نصراً مُؤزراً لل " الصديق " أردوغان ، و " المُعارَضة " في السليمانية ، إعتبرتْ ان تلك كانتْ ضرية ماحِقة لأردوغان لن تقوم لهُ قائمة بعدها .
وقبل ذلك ، سادَ إنطباعٌ ، بعد إسقاط طائرة السوخوي الروسية ، بأن روسيا سوف تُؤدِب أردوغان بقسوة ، ولن تعود العلاقات الطبيعية بينهما إلى عهدها السابِق مُطلَقاً .
والذي حصل ، ان مُظاهرات مليونية " بالفعل مليونية وليسَ مُبالغةً " ، خرجتْ في المدن التركية الكُبرى ، تأييداً لأردوغان وضد المحاولة الإنقلابية . والذي حدث ، أن أردوغان زار روسيا وإجتمع مع بوتين . إدناهُ بعض المُلاحظات عن الزيارة وتداعياتها ، على " الملَف الكُردي " إذا جازَ التعبير :
* لتُركيا بالنسبة لروسيا ، أهمية بالغة لكثيرٍ من الإعتبارات ، السياسية : قُربها الجُغرافي منها / كونها عضوا بارزاً في الحلف الأطلسي / تأثيرها المُباشِر على الجمهوريات السوفييتية السابقة ولا سيما تلك التي شعوبها من أصول تركية / إحتضانها للمتشددين الشيشانيين / دفاعها عن " التتار " المتواجدين في شبه جزيرة القرم / رعايتها للمجاميع الإرهابية وتسهيلها عبورهم الى سوريا . والإقتصادية : سعي تركيا الحثيث لكي تكون ممراً للغاز القطري عبر سوريا إلى أوروبا / إستثمارات الشركات التركية والعمالة التركية في روسيا / الفواكه والخُضَر التركية التي تُلّبي جزءا مهما من الإحتياجات الروسية / المفاعلات الذرية التي ستبنيها روسيا في تركيا ولا سيما في قونية / مشروع إنبوب الغاز الكبير من روسيا عبر تركيا إلى أوروبا " حيث يبدو ان مشروع الغاز القطري عبر سوريا ، قد دُفِنَ رسمياً "/ السياحة المتبادلة بين البلدين .
* من المتوقَع ، ان يستجيب أردوغان لطلب بوتين ، في الكَف عن رعاية وإحتضان المتشددين الشيشانيين ، وكذلك إيقاف الدعم للجماعات المعارضة لروسيا في الجمهوريات السوفييتية السابقة ، بل رُبما حتى تحجيم جبهة النصرة في سوريا ، والتفاهُم حول الملف السوري عموماً . لكن بالمُقابِل هنالك مطلبٌ رئيسي لأردوغان : عدم السماح لإقامة حكم ذاتي كردي في جنوب شرق تركيا / رفض أي كيان كردي تحت مُسّمى فيدرالي أو غيره في شمال سوريا مُحاذي لتركيا / عدم السَعي لإخراج حزب العمال الكردستاني ، من قائمة الإرهاب ، بل العمل على التضييق عليه .
* قد تثمر زيارة أردوغان والتصالُح مع بوتين ، في إزالة العقوبات الإقتصادية الروسية على تركيا ، وقد يتضاعف التبادل التجاري بينهما لفائدة البلدين . وعلى الأغلب ، ستظهر النتائج السياسية للزيارة ، على الأرض ، خلال الأسابيع والأشهُر القادمة .. فهل يعنينا ذلك حقاً ، في أقليم كردستان العراق ؟ أعتقد أن الأمر يعنينا كثيرا : فنحنُ لا نستطيع الفكاك من إشتراطات الجغرافية السياسية ، فإذا كانَ جيراننا في العراق ، جنوباً ، هُم من العرب في الموصل وتكريت وديالى ، فأن كُل جيراننا الآخرين في الجهات الثلاثة الأخرى ، هُم من كُرد تركيا وسوريا وإيران . وعلينا شئنا أم أبينا ، أن نتعامَل مع هذا الجوار .
* حدودنا مع إيران ، مُقّسَمة إلى قسمَين : القسم الذي يسيطر عليه ويديرهُ الإتحاد الوطني الكردستاني ، ويتسِم بالهدوء بصورةٍ عامة ولا يُسّبِب " وجع رأس " للنظام الإيراني . والقسم الآخَر الذي يسيطر عليه ويديره الحزب الديمقراطي ، وقد نشطتْ مُؤخَراً بعض الفصائل المُسلحة الصغيرة المدعومة من الحزب الديمقراطي ، في إحداث قلاقل بسيطة في المناطق الحدودية داخل إيران .. مما حدى بإيران إلى توجيه نيران مدافعها الثقيلة وطائراتها ، نحو القُرى المحاذية وتسببتْ بخسائر بشرية ومادية .
* حدودنا مع تركيا ، مُسيطَر عليها بالكامِل من قِبَل الحزب الديمقراطي . وكُرد تركيا على الجانب الآخَر من الحدود ، نسبةٌ مهمة منهم من مُؤيدي وأتباع حزب الشعوب الديمقراطي HDP القريب من حزب العمال PKK . في حين ان الحزب الديمقراطي ، طيلة السنوات الماضية ولحد اليوم ، وثيق الصِلة مع أردوغان وحزبه الحاكِم AKP .
* حدودنا مع سوريا ، مُسيطَر عليها من قِبَل الحزب الديمقراطي أيضاً ، وكُرد سوريا في الجانب الآخر من الحدود ، نسبةٌ مهمة منهم من مُؤيدي وأتباع حزب الإتحاد الديمقراطي PYD القريب من حزب العمال PKK ، في حين ان الحزب الديمقراطي ، طيلة السنوات الماضية ولحد اليوم ، يُسانِد أحزاباً وتنظيمات كردية سورية مُناوئة ل PYD الذي يُدير الكانتونات المُحَرَرة ويُقاوم داعش والنصرة ، بقوّة وشراسة .
* حزب العُمال PKK ، ورغم ان ساحة نضاله الأساسية المفترضة ، هي كردستان تركيا ، فأنهُ متواجِد بكثافة في جبال قنديل وغيرها من جبال أقليم كردستان ، وله بعض المُسلحين أيضاً في مخمور وسنجار " منذ دخول داعش الى هذه المناطِق ، ولل PKK دَورٌ مشهود في مقاومة داعش " ، كذلك فأن دعمهم واضِح لقوات YPG و YPJ في كردستان سوريا . إذن ان ال PKK يقولون بأن [ الحدود بين أقسام كردستان مُصطنعة ] ولا يعترفون بها ، ويناضلون أينما شاءوا . لكن لنكُن واضحين : أن نضالهم المُسّلَح ، إذا كان جلياً في سوريا . وفي تركيا " خلال السنة الماضية ، والذي أسفَر بإعتقادي عن نتائج عكسية ، ليست في صالح الكُرد عموما ولا سيما كُرد تركيا " . وفي جبال قنديل ومناطق متفرقة أخرى " علماً ان هنالك مآخذ من قطاعات من الأهالي وكذلك الحزب الديمقراطي ،على بعض سياساتهم في سنجار " . إلا أن كردستان إيران ، غير مشمولة لحد الآن كما يبدو ، بخارطة نضال ال PKK ، وذلك يستدعي علامات إستفهام جدية .
* ستالين ، فّضَل المصالح السوفييتية ، على إستمرار دعمه ورعايته لجمهورية مهاباد في 1946 ، فتخلى عنها وأنهارتْ الجمهورية الوليدة . وبوتين الذي سمح بفتح مكتب للإدارة الذاتية الكردية لكانتونات سوريا ، في موسكو ، قبل أشهُر ، وساندَ " صالح مُسلم " مادياً ومعنوياً ، وروسيا التي لم توافِق على المساواة بين داعش وحزب العمال الكردستاني ووضعهما معا في سّلة الإرهاب ، موسكو التي إستقبلتْ بالترحاب صلاح الدين دميرتاش قبل أشهُر ... هل من الممكن ، ان تُدير ظهرها كُلياً لطموحات الكُرد في تركيا وسوريا وتستجيب لمطالب أردوغان ؟ أعتقد أن لاشئ مستحيل في السياسة وخاصة بالنسبة إلى لُعبة ( المصالِح ) .
* أردوغان ، إكتشفَ ان وضع جميع بيض تركيا ، في سّلة الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ، خطأ ... فأتجهَ إلى روسيا وتجاوز كل الخلافات مع بوتين ، في سبيل مصلحة بلده .
ونحنُ هنا في أقليم كردستان ، نستمرُ ببلادة ، في وضع بيضنا كله في سّلة تركيا . ونُقّرِر غلق ممثلية حكومة الأقليم في موسكو ، بإدعاء ( عدم توَفُر الأموال ) ! . حتى ممثلياتنا القليلة أصلاً ، خاضعة للمحاصصة اللعينة ، وتدخل ضمن فساد توزيع المناصب والإمتيازات بين الحزبَين الديمقراطي والإتحاد .
بهذهِ العقلية المحدودة للحزبَين الحاكِمَين ، لن يحسب أحد لنا أي حساب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سنكون الضحية؟؟
حسن الكوردي ( 2016 / 8 / 13 - 12:57 )
تحياتي أستاذ أمين . أغلب القادة العظام يفضلون مصلحة شعوبهم فوق كل إعتبار وكما تفضلت ستالين تخلى عن جمهورية مهابات من أجل مصلحة بلاده . أما قادة الكورد وخاصتاً حزب البارزاني والطالباني مستعدون التخلي عن نصف الشعب الكوردي في سبيل جزء من مصالحهم الذاتية . والدليل حسب قناعتي قبل سنتين كانت ولاية مسعود البارزاني على وشك النهاية فبحثوا عن ضحية كي يحافظ على منصبه فوجدوا أن أسهل فريسة هم الشعب اليزيدي وسنجار كي يقدموا قرباناً من أجل بقائه في الحكم .و كما يقال في السياسة كل شيء مباح إني أرى ومن خلال هذه ألأحداث و التحالفات الجديدة في المنطقة أننا الشعب الكوردي سنكون الضحية مرة اُخرى مادام قادتنا نايمن في العسل ولآ يفكرون سوا بمصالحهم الشخصية مع العم أردوغان والعم خامئي . وشكرا لك

اخر الافلام

.. ملابس الرياضيين في أولمبياد باريس: ملابس لستر أجساد اللاعبات


.. إسرائيل تدرس رد حماس على صفقة التهدئة والمحتجزين ونتنياهو يع




.. تقارير تكشف استمرار تقليص مساحة الضفة الغربية من قبل السلطات


.. إسرائيل تبحث رد حماس على صفقة التهدئة والمحتجزين | #الظهيرة




.. حزب الله يطلق عشرات القذائف والمسيرات صوب شمالي إسرائيل | #ا